خديجة الرياضي ...30 سنة من الدفاع عن الحريات

09 مارس 2015
الحقوقية المغربية خديجة الرياضي(العربي الجديد)
+ الخط -
خديجة الرياضي، مغربية أمازيغية، بعيدة تماماً عن الصورة النمطية للمرأة "مهيضة الجناح". يسارية وتحررية وحاصلة على أرفع تكريم أممي يمكن أن يحصل عليه مدافع عن الحرية وحقوق الإنسان، تكريما لأزيد من ثلاثين سنة قضتها في النضال لأجل حقوق الإنسان والدفاع عن الحرية بالمغرب. تعرضت خلالها لـ"الاضطهاد والاعتقال" بالأخص منذ وصولها سنة 2007 إلى رئاسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، هذه الأخيرة التي تحولت على يديها إلى مؤسسة ديناميكية وفعالة وغير موالية لأية جهة.

وصول الرياضي إلى جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كان مرصوفا بالآلام، لكن الحصول عليها في حد ذاته "وقفة اعتراف بمجهودات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" كما تقول في تصريح لـ"العربي الجديد"، و"مسؤولية أيضا ألقيت على عاتقها لمواصلة العمل على خدمة القضايا العادلة".

توجهات خديجة الرياضي، مثيرة للجدل لكنها مدعاة للاحترام أيضا، فالسيدة يسارية لكن ببعد كوني، ما يشرح تبنيها الدفاع عن ملفات معتقلي الرأي الإسلاميين واليساريين أيضا، وخوضها إلى جانبهم رغم اختلاف الانتماءات وقفات احتجاجية تدافع عبرها عن حقوقهم وتندد بـ "الخروقات" التي تنتهكها، الأمر بالنسبة لها "لا تحكمه الأيديولوجيا ولا الخلفيات بل يحكمه واجب الدفاع عن حقوق الإنسان أينما خرقت".


لكن هذا لم يمنع البعض من تحميل الرياضي صفة "الخصم" للتيارات الإسلامية بالمغربية، خصوصاً بعد أن خرجت سنة 2012 في ندوة احتفالية بمرور 33 سنة على تأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن "الحريات ودور الحركة الحقوقية في المغرب"، مطالبة باحترام الحقوق الفردية للمواطن المغربي وحرية الاعتقاد".

ولم تمر هذه المطالب دون أن يلصق إسلاميون تحديداً بالحقوقية المغربية نعوتا من قبيل "مستنسخة النموذج الغربي الكافر ومشجعة على الفساد والرذيلة" وكان من أبرزهم المقرئ الإدريسي أبو زيد، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي وصف مطالب الرياضي بـ"تقليد حرفي ممسوخ للعقلية والقيم الغربية".

لم تلتفت الرياضي كثيراً للأمر، بل واصلت الدفاع عن المبادئ التي تتبناها، وكان جلياً منذ دعمها سنة 2011 الحراك السياسي المُطالب بالتغيير في المغرب الذي قادته حركة 20 فبراير/شباط، لا سيما تبنيها مطالب شباب الحركة ومشاركتها في مسيراتها ودفاعها عن معتقليها، الذي كان جزءاً من إيمانها وجمعيتها بالحريات والحقوق، فالحركة برأي الرياضي رفعت شعارات حقوقية أكثر منها سياسية "هي ذات مطالب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ووجدنا أننا ندافع عن طموح التغيير ذاته لأجل الحرية والديمقراطية وصون حقوق الإنسان لذا دعمنا الحركة وما نزال".


وكان واضحاً خلال إحدى وقفات 20 فبراير عندما كانت عدسات الكاميرات الدولية والوطنية ترصد الحراك وتعرّض الرياضي للقمع أمام البرلمان المغربي، كيف تحولت الرياضي إلى رمز نضالي. هذا النضال الذي لا يجزئ الدفاع عن القضايا الحقوقية بما فيها حرية الصحافة، حيث قادت الرياضي سنة 2013، لجنة الدفاع عن الصحافي  المغربي علي أنوزلا،  بعدما تم اعتقاله في سبتمبر/أيلول من ذات السنة على خلفية الملف الأبرز في اتهاماته وهو"التحريض على الإرهاب".

اليوم تستمر الرياضي في نضالها عبر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وعبر ائتلاف حقوقي يضم 22 منظمة غير حكومية بالمغرب، إلى جانب اشتغالها ضمن التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان وتنسيقية المنظمات المغاربية في بلاد المهجر، ما يطرح السؤال كيف تجد هذه المرأة الحقوقية وهي زوجة وأمّ أيضا الوقت لتفعل كل هذا؟

بالنسبة لخديجة الرياضي الجواب بسيط، هي سيدة تؤمن بحقوق الإنسان والدفاع عنها وبالتالي  كان بديهياً أن تتزوج رجلاً يتقاسم معها ذات التوجه، ويحترم كفاحها الحقوقي ويدعمه "اخترت زوجي بالأساس لأنه مناضل في ذات المجال، ويقدر أن تكون زوجته مناضلة بل ويفخر بذلك، إنه رجل ديمقراطي ومتفهم ولا يسعى إلى حصر وجودي في دور الزوجة، لذا أسسنا معاً أسرة تفخر بنضال الأم".

هذا التفهم يمتد من أسرة الرياضي الصغيرة إلى عائلتها الكبيرة، وجود عنصر منها يكافح لأجل قضايا إنسانية كخديجة يمنحها العذر، عندما تضطر لأن تغيب عن مناسبات عائلية أو تعتذر عن استقبال أقرباء وأصدقاء بالبيت لتواجدها في اجتماع أو وقفة احتجاجية. العائلة تتفهم أن هذه المرأة التي تنتمي إليها قوية وستستمر في محاولات إخضاع العالم لحقوق الإنسان.

اقرأ أيضاً: الحمض يشوّه نساء باكستان 
اقرأ أيضاً: سميرة.. رفيقة الدلو والأمية في اليمن

المساهمون