لا أحب طبيب الأسنان

31 اغسطس 2015
ضرسي كان يؤلمني بشدة (فرانس برس)
+ الخط -
نعم أنا جبانة، ولا يعنيني كثيراً إخفاء الأمر. لا أحب التواجد في غرفة واحدة مع طبيب الأسنان، وأكره الثوب الذي يرتديه. ضرسي كان يؤلمني منذ فترة. حاولت مراراً التخلص من الألم من خلال المسكنات، لكنني فشلت. بالمناسبة، سأستغل هذه الفرصة لأحيي مخترع المسكنات. كان عطوفاً حقاً، لكنه لم يأخذ حقه.

كانت أيام الألم الأولى مقبولة نوعاً ما. وبعد فترة قصيرة زادت الأوجاع. هذا الضرس اللعين كان يحارب بضراوة. رفضت في بادئ الأمر الخضوع له، لكنني استسلمت في النهاية. زيارة طبيب الأسنان أصبحت ضرورية، خصوصاً أنني صرت أسير في الشوارع وأنا أضرب خدّي كمن ينتقم من حبيب سابق. غضبت أمي. وزني كان ينخفض يوماً بعد يوم، بعدما امتنعت عن تناول الطعام. "سنخلصك من هذا الهراء"، صرخت في وجهي. "سأعيدك إلى وزنك الطبيعي"، قالتها بثقة. والدتي كانت تفعل معي هذا وأنا طفلة. تعقد حاجبيها وتحسم الأمر. "اللعنة" قلت في سري. لقد انتهت الحرب وانتصر السوس.

استيقظت في اليوم التالي كطفل يتحضر للذهاب إلى امتحان الرياضيات. حاولت التململ. تذرعت بالزكام والحرارة. حاجبا أمي كانا ما زالا معقودين منذ البارحة. يا الله، صرخت. ضرسي اللعين كان يؤلمني. "ماذا لو ولدنا بلا أسنان؟". تساءلت. حاولت تخيّل الفكرة وأنا أنظر إلى المرآة. أعترف أن لله ذوقا رفيعا في تكويننا. لكن هل يتوجب علينا دفع ضريبة حفاظنا على هذا الجمال؟ ارتديت ملابسي مسرعة، متناسية فكرة مواجهة مصيري. سأقطع عهداً على نفسي بألا أتناول السكاكر مجدداً.

وصلنا إلى عيادة الطبيب. جلست على كنبة كانت مريحة لدرجة أنه لو كانت لي القدرة على مقاومة حاجبي أمي المعقودين لنمت على الفور. في الغرفة، كان المرضى يصطفون كصف من العسكر في زمن "هتلر". كانوا خائفين. أقسم أنني رأيت هذا في عيونهم، حتى إن أحدهم قد حاول الفرار، لكنه سقط بالضربة القاضية بعدما نادته الممرضة.

بربكم، هل سمعتم أحدكم يوماً يقول إنه لا يخاف من طبيب الأسنان؟ كانت هذه الفكرة تراودني طوال الوقت. وما لبثت أن تبخّرت حين رأيت صديقي البطل يخرج من غرفة الطبيب. لقد مرت نصف ساعة كاملة. يا إلهي، هناك آثار دماء على يده، وخده كان متورماً جراء دفاعه عن نفسه. لقد كانت حرب ضروس. علي أن أخرج من هنا. سأتذرغ بالدوار أو التسمم. الممرضة كانت تنظر إليّ بطريقة غريبة. ترمقني بتلك النظرة الخبيثة، كأنها تقول: "إن تصرفت على نحو خاطئ، سأدخلك عنوة".

جاء دوري. ضرسي كان يؤلمني بشدة. حاجبا أمي ما زالا معقودين. سأتماسك وأقابل الرجل. سأدخل من الباب الأمامي في أي لحظة.

إقرأ أيضاً: أنا أكره الرياضة
دلالات
المساهمون