34 حالة وفاة و56 إهمال طبي في السجون المصرية خلال 10 أشهر

21 نوفمبر 2023
الانتهاكات المختلفة داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر لا تتوقف (Getty)
+ الخط -

رصد تحالف منظمات "المادة 55" مجموعة انتهاكات في السجون ومقار الاحتجاز في مصر خلال الفترة من 1 يناير/ كانون الثاني حتى 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تتلخص في 34 حالة وفاة، و56 حالة إهمال طبي لمحتجزين في حالة حرجة تحتاج إلى تدخل طبي، و40 حالة استغاثة فردية وجماعية من منع الزيارة؛ تتضمن غلقًا تامًا لبعض السجون ومقار الاحتجاز الأخرى.

وتأتي هذه الانتهاكات بالمخالفة لنص المادة 55 من الدستور المصري: "كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته؛ يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحيًا... ".

أما ما رصده تحالف المنظمات في أكتوبر/ تشرين الأول وحده، فتمثل في 4 حالات وفاة، واستغاثة من سوء أوضاع الاحتجاز أفضت إلى الإضراب عن الطعام، واستغاثة من الحبس الاحتياطي المطول رغم الأزمة الصحية، واستغاثة أسرة عمر محمد علي، من ظروف الاحتجاز السيئة في سجن "بدر"؛ ما دفعه إلى الإضراب عن الطعام. بالإضافة إلى استغاثة أسرة الناشطة الحقوقية والمترجمة، مروة عرفة، من الحبس الاحتياطي الذي تخطى المدة القانونية، في ظل حرمان ابنتها "مروة" منها، ومعاناتها الشخصية مع التهاب الأعصاب المزمن وارتجاع المريء. 

وقالت المنظمات، إنه في نصفه الأول من أكتوبر/ تشرين الأول ومع استكمال مرحلة جمع واستيفاء توكيلات الترشح للانتخابات الرئاسية، استمرت الانتهاكات والمضايقات بحق الراغبين في تحرير توكيلات لمرشحي المعارضة، وهما؛ أحمد الطنطاوي، وجميلة إسماعيل. 

وتوزعت الانتهاكات بين الاعتقال التعسفي بحق مسؤولين وأعضاء في حملة الطنطاوي، بتهم الانضمام لجماعة إثارية ونشر أخبار كاذبة، وحشد أعضاء حزب "مستقبل وطن" الموالي للنظام الحالي أمام مكاتب الشهر العقاري المختلفة للاعتداء على الراغبين في تحرير التوكيلات وتهديدهم، وحتى مكاتب الشهر العقاري التي تحججت بالأعطال الفنية لتمتنع عن تقديم خدمة تحرير التوكيل للمواطنين. 

ووصف التحالف هذه الانتهاكات، بأنها "ممنهجة، وجعلت استكمال المشوار الانتخابي في حكم المستحيل بالنسبة لمرشحي المعارضة، فأعلنت جميلة إسماعيل، انسحابها من سباق الترشح، كما أعلن أحمد الطنطاوي، انتهاء طموحه الانتخابي لعدم تمكنه من استيفاء عدد التوكيلات المطلوبة، واستهدافه وأعضاء حملته بالتهديدات والاعتداءات المتكررة".

في أكتوبر/ تشرين الأول أيضًا، بدأت واحدة من أقسى حروب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بشن غارات جوية تستهدف المدنيين وقطع الكهرباء والماء والطعام والوقود ومحاصرة القطاع، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية من الحدود المصرية عبر معبر رفح، رغم كونه لا يخضع للسيادة الإسرائيلية، كما ظهرت آراء تتحدث عن مخطط إسرائيلي لتهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء.

وعلى الرغم من نهج النظام المصري الواضح في منع التظاهرات وغيرها من أشكال التعبير عن الرأي لمدة 10 سنوات، ظهرت بشكل مفاجئ دعوات من حزب "مستقبل وطن" للتظاهر في عدة محافظات في يوم 20 أكتوبر/ تشرين الأول، تحمل اسم "جمعة تحيا مصر" رفضًا للتهجير، ولـ"تفويض" الرئيس للقيام بواجبه الدستوري في "اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحفاظ على الأمن القومي المصري ورفض تهجير الفلسطينيين"، حسب تقرير التحالف الصادر اليوم الثلاثاء. 

غير أن تظاهرة مستقلة قد انطلقت إلى ميدان التحرير بوسط محافظة القاهرة، ردد أفرادها شعار "دي مظاهرة بجد.. مش تفويض لحد"، وكان محورها الأساسي التركيز على القضية الفلسطينية ورفض الإبادة الجماعية التي تحدث بحق سكان القطاع، وسرعان ما قامت قوات الأمن بمحاولة فضها وتفريق المتظاهرين، كما قامت قوات الأمن خلال الأيام اللاحقة للتظاهرة بالقبض على عشرات المواطنين من منازلهم، حيث وصل عدد المقبوض عليهم في القاهرة والإسكندرية فقط إلى 42 مواطنًا تم التحقيق معهم من قبل نيابة أمن الدولة العليا، بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية، والتخريب، والتجمهر، وارتكاب عمل إرهابي، طبقًا للتقرير. 

وعلى صعيد المستجدات القضائية، فقد رصد التحالف تصديق الحاكم العسكري على الحكم النهائي بحق الناشط الطلابي، معاذ الشرقاوي، بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات والمراقبة الشرطية لمدة خمس سنوات أخرى عقب انتهاء فترة العقوبة، وذلك في القضية التي تم فيها اتهام المرشح الرئاسي السابق، عبد المنعم أبو الفتوح، وآخرين بذات التهم، وتم الحكم فيها على أبو الفتوح بالسجن المشدد لمدة 15 عامًا، وبهذا التصديق أصبح الحكم نهائيًا غير قابل للطعن ولا سبيل لتعديل أو إلغاء العقوبات إلا بالعفو الرئاسي.

ولكل ما سبق، رأت المنظمات في تحالف "المادة 55"، أن الأوضاع داخل السجون ومقار الاحتجاز ليست بمستغربة، ولا تخرج عن الإطار العام لتعامل السلطات المصرية مع ملف المحتجزين– خاصة السياسيين منهم–، فالأمر ممنهج وليس مجرد خروقات فردية كما تروج له وزارة الداخلية المصرية.

كما رأت المنظمات أن سياسة الإفلات من العقاب التي تتعامل بها السلطات المصرية مع منتهكي حقوق الإنسان داخل مقار الاحتجاز لديها، هي التي شجعت وغذت تلك الممارسات وعملت على انتشارها، حتى صارت منهج عمل لدى مصلحة السجون المصرية؛ فلم نر أي قيادة أو مسؤول تم عقابه أو حتى تعنيفه رغم الانتهاكات الثابتة والموثقة التي قد تكون صدرت عنه.

لذلك أكدت المنظمات في تحالف "المادة 55" أن تلك الممارسات التي تتم بداخل سجون ومقار الاحتجاز داخل مصر، تثير مخاوف جدية حول مصير المحتجزين، خصوصًا بعد ازدياد أعداد حالات الوفاة داخل مقار الاحتجاز في الفترة الأخيرة، وتردي الأحوال المعيشية بداخلها. 

وطالبت المنظمات بفتح تحقيق بخصوص تلك الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها وفقًا لصحيح القانون المصري والدولي، مع تطبيق قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ولائحة السجون المصرية والتوقف عن مخالفتهما، وتوفير سبل المعيشة التي تليق بإنسانية المحتجزين.

تحالف المادة 55 يضم منظمات "لجنة العدالة- مركز الشهاب لحقوق الإنسان- الشبكة المصرية لحقوق الإنسان- حقهم- نحن نسجل- المؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية- نضال".

المساهمون