سجلت مناطق شمال غرب سورية، الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحّة، 3 حالات انتحار اليوم الأحد، ليرتفع عدد المحاولات المسجلة في المنطقة منذ مطلع العام الحالي إلى 33، منها 26 وفاة.
والوضع المعيشي الصعب من بين أسباب كثيرة في رفع معدلات حوادث الانتحار في المنطقة، التي تكتظ بالنازحين الذين يعانون من أزمة دخل، مع تراجع المساعدات الإنسانية، فضلاً عن عوامل أخرى.
وانتحرت امرأة في بلدة دركوش في الريف الغربي لمحافظة إدلب، وشاب في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، وأربعيني في بلدة أبين بريف حلب الغربي، أنهى حياته بإطلاق الرصاص مباشرة على الرأس مستخدماً بندقية "كلاشينكوف".
وأكد الناشط مصطفى محمد، لـ"العربي الجديد"، أنّ المرأة التي انتحرت بتناول حبة "غاز" في بلدة دركوش، تبلغ من العمر 22 عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال.
و"حبوب الغاز"، وفق المصطلح الشائع لتسميتها في المنطقة، تستخدم كمبيد حشري وللقضاء على القوارض، وتوضع في مستودعات حفظ الحبوب والصوامع، وأيضاً للحفاظ على المحاصيل الزراعية، وعلمياً تعرف بحبوب "فوسفيد الألمنيوم" السام.
وأوضح المتحدث أنّ الحالة الثانية تتعلق بشاب في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، وضع حدّاً لحياته.
أما الحالة الثالثة فهي لأربعيني في بلدة أبين بريف حلب الغربي، أنهى حياته بإطلاق الرصاص مباشرة على الرأس مستخدماً بندقية "كلاشينكوف".
وكان المتوفى يعمل في الحفر على الحجارة والنحت، وعمل فترة بالزراعة، حيث يستخدم ألواح طاقة شمسية لريّ المزروعات. وبعد أن صادرت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) ما لديه من معدات وأصدرت غرامات بحقه، تحت ذريعة استخدام مياه الصرف الصحي في ري المزروعات، سُجن لدى الهيئة، وبعد خروجه من السجن بدأت تظهر لديه مشكلات ذهنية، قبل أن ينتحر اليوم الأحد.
وكان المسؤول الميداني لبرنامج الصحة النفسية في "اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية"، الطبيب علاء العلي، قد أكد أنّ هناك دوافع عديدة للانتحار، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنها تضم تصنيفات اجتماعية واقتصادية، وبالدرجة الأولى نفسية، وأن ثمة أسباباً مباشرة، منها وفاة شخص مقرّب، أو خسارة مالية، أو ضغوط ناتجة عن النزوح والتهجير، أو الفقر والبطالة، وحتى الانفصال الزوجي، أو الخلافات الأسرية، إضافة إلى المشكلات العاطفية للمراهقين.
ووفق البيان الذي صدر اليوم الأحد عن "فريق منسقو استجابة سورية"، ارتفع عدد محاولات الانتحار في مناطق شمال وشمال غرب سورية إلى 33 حالة، منها 26 أدت إلى الوفاة، ومن بين المنتحرين 9 أطفال و10 نساء. أما محاولات الانتحار الفاشلة فقد بلغت 7 حالات، منها 4 نساء.
ووفق البيان، فإن حوالي 75% من حالات الانتحار تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث معدلات الفقر مرتفعة، وتشير الأدلة إلى وجود علاقة بين المتغيرات الاقتصادية والسلوك الانتحاري، كل هذا يمكن تفهمه بسبب حجم المشكلات التي يعاني منها الفقراء والآلام الناجمة عنها.
وتابع البيان "أغلب الأسباب التي دعت إلى تزايد هذه الأرقام هي الآثار الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، والبطالة والفقر، وازدياد حالات العنف الأسري، والاستخدام السيئ للتكنولوجيا، وانتشار المخدرات، والتفكك الأسري".
ولفت الفريق إلى أن "هذه الأوضاع تستدعي مطالبة كافة الجهات بمعالجة هذه الظاهرة في كافة جوانبها، وإنشاء مراكز للتأهيل النفسي، وتشكيل فرق خاصة لمكافحتها، وإطلاق حملات إعلامية لتسليط الضوء على مخاطر الانتحار وكيفية الحد منه".