تعدّدت أسباب هجرة الأطفال، فالبعض يهاجر طوعاً أو قسراً بسبب تفشّي النزاعات والصراعات والاضطهاد بسبب الأزمات الإنسانية، ولكن أيضاً هرباً من الفقر وبحثاً عن مستقبل أفضل.
وتُشير إحصائيات سنة 2021 لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، إلى أن 22 في المائة من تعداد اللاجئين وطالبي اللجوء المُسجلين في تونس هم من الأطفال، بما يُمثل 1816 طفلاً من أصل 8185 وافداً.
لكن هذه الإحصائيات لا تُمثل الرقم النهائي والدقيق لحقيقة عدد الوافدين إلى تونس بصفة عامة والأطفال بصفة خاصة، وفق ما تمّ نقاشه خلال فعاليات ندوة دولية انتظمت اليوم الثلاثاء عن "حقوق الأطفال الوافدين".
الكثير من الإشكاليات يتعلق بهجرة الأطفال في تونس، في ظلّ غياب الإطار القانوني الذي يحميهم من الانتهاكات ومن كل أنواع الاستغلال بما في ذلك الاقتصادي والجنسي والجسدي.
غالبا ما يقع الأطفال المهاجرون ضحايا الأعمال الوحشية خلال رحلة الهجرة. بينما ينتقل بعضهم مع والديهم أو أولياء أمورهم، يكون آخرون غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن عائلاتهم.
في السياق، كشفت دراسة أجراها مركز الهجرة المختلطة مكتب تونس سنة 2020، أنه على الرغم من اختلاف الفئة العمرية للأطفال الوافدين برفقة آبائهم وأولياء أمورهم في تونس، فإن الأطفال الوافدين غير المصحوبين بذويهم يتجاوز سنهم 12 سنة بشكل عام.
وبمجرد وصولهم إلى البلاد، يتعرّض الكثيرون بسرعة لمخاطر الاستغلال الاقتصادي ويسلط عليهم العنف الجسدي والجنسي والتحرش والتمييز عند محاولتهم في الحصول على خدمات الصحة والتعليم والمساعدة الاجتماعية.
فرغم ترسانة القوانين والتشريعات بتونس لحماية حقوق الإنسان وحماية الأطفال، فإنّه لا تزال هناك فوارق كبيرة. وتزداد حالة الأطفال الوافدين سوء بسبب السياق الاجتماعي والاقتصادي غير المناسب.
ويقول رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بتونس، عزوز السامري، في تصريح لـ"العربي الجديد": "تلقى 421 طفلاً وافداً سنة 2021 مساعدات من المنظمة، باعتبار أن هذه السنة كان لها تأثير سلبي من جائحة كوفيد 19 ما أثر على الطبقات الهشة، وفي الصفوف الأولى المهاجرون وخاصة السريين منهم".
ويُضيف "هذا الرقم المذكور يمثّل فقط من طلبوا المساعدة وتمت الإحاطة بهم ولا يعكس الرقم النهائي للأطفال والقصّر الموجودين في تونس".
ويوضح السامري "الوضعية صعبة جدا بالنسبة لهؤلاء الأطفال وأكثر هشاشة بالنسبة للأطفال غير المصحوبين بأوليائهم".
ويفيد "على هذا الأساس نعمل كمنظمة دولية مع السلطات التونسية خصوصا وزارة المرأة والأسرة والطفولة على الملف للنظر في كيفية توفير الظروف الحسنة لهؤلاء الأطفال، خاصة وأن الأعداد في ارتفاع مستمر في الآونة الأخيرة وأيضا لمواجهة هذه الظاهرة والحد من تأثيراتها السلبية على الأطفال وعلى المجتمعات بصفة عامة".
وتقول المديرة العامة لمرصد حقوق الطفل، هاجر الشريف، في تصريح لـ"العربي الجديد": "لا بد من الاهتمام بحقوق الأطفال الوافدين نظرا لوضعيتهم الهشة وفي أغلب الأوقات غير مصحوبين بذويهم".
وتُضيف "ليسنا لدينا أي أرقام رسمية دقيقة عن هؤلاء الأطفال. فهناك فقط أرقام المفوضية السامية لحقوق اللاجئين والتي تترجم الواقع. فالإحصاءات أظنها بالآلاف غير مسجلين".
وتبين "هؤلاء الأطفال هم في حاجة شديدة للإحاطة والرعاية وما يستدعي تكاثف الجهود من الجميع وتوفير الإطار القانوني والتشريعي لحمايتهم من الاستقطاب والاستغلال الجنسي والاقتصادي ومن شبكات الاتجار بالأشخاص ومن توظيفهم في الأشغال الخطيرة".
يُذكر أن تونس صادقت على اتفاقية حقوق الأطفال وبروتوكولاتها الاختيارية الثلاث، وكذلك اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى لسن الالتحاق بالعمل والاتفاقية رقم 182 لمنظمة العمل الدولية بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال سنة 1999.
وبحسب آخر إحصائيات منظمة اليونسيف لسنة 2020، بلغ عدد الأطفال المهاجرين في العالم حوالي 36 مليون طفل.