كشفت كوبنهاغن النقاب، أمس السبت، عن وفاة 12 مسنّا في مركز رعاية المسنّين
سولوند"، في العاصمة، في الوقت الذي تتجّه فيه السلطات الدنماركية إلى تخفيف الإجراءات لمنع انتشار كورونا، عبر سماحها بإعادة فتح صالونات الحلاقة وعيادات العلاج وبعض المتاجر الصغيرة، مع اتّباع إجراءات مشدّدة، ابتداءً من يوم غد الاثنين.
ورغم أنّ السلطات الصحية أشارت إلى أنّ نصف الوفيّات، التي سُجّلت يوم الجمعة، نتيجة الإصابة بفيروس كورونا، كانت لأشخاص يعانون من أمراض أخرى، ووفاتهم كانت متوقّعة بكل الأحوال، إلاّ أنّ هذا الإعلان يفتح باب النقاش على ارتفاع أرقام وفيات المسنّين في الدول الغربية.
فرغم كل الإجراءات الاحترازية التي اتّخذتها السلطات في الغرب، من باريس إلى واشنطن، وجد الفيروس طريقه إلى الفئات الاجتماعية الأضعف، خاصةً كبار السن الذين يقطنون في دور الرعاية المخصّصة لهم.
ونظراً إلى أنّ المسنّين الـ18، الذين أُعلن عن إصابتهم دفعة واحدة في كوبنهاغن، أصيبوا بالعدوى بعد يومين من قرار "إغلاق الدنمارك"، وقبل يوم واحد من وقف زيارات الأقارب، فإنّ السجال حول "إعادة فتح جزئي" يثير مخاوف كثيرة بين الناس، خصوصاً في ظل تقارير عن "تراخ" بدأ يظهر لجهة النظافة الشخصية، ولقاءات اجتماعية غير مراعية للشروط، بحسب تقارير صدرت صباح الأحد.
ورغم أنّ مركز رعاية المسنّين "سولوند" يُعتبر واحداً من الإنجازات الناجحة للدنمارك، في مجال رعاية المسنين، إلاّ أن وفاة 12 مسنا، من أصل 220 مقيما فيه، ووصول الإصابات إلى أكثر من 15 موظفا فيه، بات اليوم مثار جدل حول طريقة تعاطي المجتمعات الغربية مع هذه الفئة من الناس. يساهم في تغذية هذا الجدل غياب الأرقام الدقيقة عن الإصابات والوفيّات المفاجئة للمسنّين، بسبب فيروس كورونا.
هذا الأمر رفع من حدّة الاتّهامات التي انطلقت منذ فترة، حول "تخلّي" بعض المجتمعات عن المسنّين، بينما شهد المجتمعان الإيطالي والإسباني، وهما الأكثر تماسكاً من ناحية علاقة الأبناء بالآباء، زيادة فعلية في متوسط أعمار الوفيات، 79.5 سنة، وفق ما يذكره مصدر في فلورنسا، مختص في المجال، لـ"العربي الجديد". ما يفسّر أيضاً ارتفاع نسبة الوفيات بسبب كورونا في المجتمعين، خاصةً أنّ إيطاليا تضمّ نسبة كبيرة من كبار السن.
وتظهر أرقام دوائر ووزارات الصحّة، في بلدان غربية مختلفة، وفاة الآلاف من المسنّين في غضون وقت قصير نسبياً، مقارنة بفئات اجتماعية أخرى. ويبدو أنّ الإنجاز، الذي تفاخرت به بعض الدول، في إنشاء دور رعاية لكبار السن، قلبه كورونا إلى نقمة، مع تزايد الوفيات في تلك المراكز.
في السويد، أعلنت السلطات أنّ حوالي ثلث الوفيات، أكثر من 1511 حالة وفاة، سُجل في مراكز دور رعاية المسنّين. ووفقاً للمسؤول الحكومي عن الأوبئة، أندرس تينغل، فإنّ نصف نزلاء مراكز الرعاية في العاصمة استوكهولم مصابون بالعدوى. ونقل التلفزيون السويدي الرسمي، يوم الخميس الماضي، عن تينغل قوله "هذا بالتأكيد يظهر ضرورة حماية كبار السنّ، بشكل أفضل، في دور الرعاية". وكانت حكومة السويد قد رفضت اتّخاذ إجراءات صارمة بالنسبة للعزل والتباعد الاجتماعي، وهو ما رفع أعداد المصابين والوفيات، ودفع رئيس الوزراء ستيفان لوفين للاعتراف، أخيراً، بأنّه ربما أخطأت الحكومة في تراخيها مع إجراءات السلامة.
ووفقاً لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فإنّ أرقام الاتحاد الأوروبي أشارت في 13 إبريل/نيسان، إلى أنّ الوفيات في دور الرعاية وصلت، في بعض الدول، إلى 57 في المائة، بينما متوسط الوفيات فيها، في أوروبا، وصل إلى 50 في المائة.
لم يختلف الوضع كثيراً في القارة الأميركية عن دول القارة العجوز. إذ اكتشفت، قبل أيام، الشرطة في أحد مراكز رعاية المسنّين في نيوجيرسي 17 جثة، بعد اتصال تلقّته من "مجهول"، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز". الأمر الذي أضاف بعداً جديداً لما تشهده الولايات المتحدة من سجالات حول "إعادة فتح البلاد". فوفقاً للسلطات الصحية الأميركية في ولاية نيويورك، فإنّ 14 دار رعاية للمسنين، على الأقل، شهدت وفيّات بسبب فيروس كورونا. وصلت الوفيات في بعضها إلى 55 حالة. وأشار تقرير "نيويورك تايمز"، يوم الجمعة الماضي، إلى أنّ نحو 20 في المائة من حالات الوفيات في الولايات المتحدة هي في دور الرعاية.
وفي فرنسا لم يكن الحال أفضل، إذ وفق صحيفة "لو باريسيان"، سجّلت دور الرعاية ما يقدّر بنصف الوفيّات في فرنسا، في الفترة بين الأول من مارس/آذار الماضي و14 إبريل/نيسان الحالي. ووصل عدد الوفيّات إلى 29 في أحد المراكز قرب مدينة كان، جنوب شرقي البلاد، ما دفع برئيس البلدية والطبيب ريشارد غالي إلى وصف ما جرى بأنّه "مذبحة".
وفي كندا عمّ الغضب بين أهالي نزلاء مركز رعاية المسنين "ريزيدانس هيرون"، في ضاحية دورفال قرب مونتريال، حيث تُرك 31 مسناً لمصيرهم المحتوم، نتيجة الإصابة بالفيروس. ويتّهم الأهالي الموظّفين بالتقصير في رعاية أقاربهم، بحسب تقرير لـ"نيويورك تايمز" عن القضية. وأثار الموضوع جدلاً كبيراً حول الإهمال، بعد تقارير عن "ترك موظفي المركز المكان بعد انتشار كورونا فيه". وحين وصلت السلطات الصحية لمعاينة الوضع في المركز، وجدت كبار السن في وضع مزر، وفقا للتقرير ذاته. "إذ أن بعض هؤلاء كان يعاني من تبلّل وجفاف وجوع، أو كان ممدّدا على سريره من دون رعاية، وبعضهم وقع أرضاً ولم يستطع النهوض، ووُجدت جثّتان من دون أن يلاحظ أحد موتهما في المركز الذي يضمّ 150 نزيلاً، بقي فقط موظفان لرعايتهم". ووفقاً للسلطات الكندية، فإنّ نصف وفيات كورونا في البلاد، هي لكبار السن في مراكز الرعاية.