وفرضت السلطات قبل أيام حظراً للتجوال في مدن ومحافظات مختلفة، من بينها أربيل ودهوك والسليمانية، التي تُعَدّ من بين أبرز مراكز الاحتفال بالنوروز، الذي كان يستمر لعدة أيام في سنوات سابقة.
ويحلّ "عيد نوروز" في 21 مارس/آذار من كل عام، ويوافق اليوم السبت، وهو يوم الاعتدال الربيعي، ويرتبط بموروث شعبي يمتد لمئات السنين لدى الأكراد الذين يعتبرونه أيضاً عيداً لرفض الظلم.
وأعلنت سلطات إقليم كردستان العراق، الأربعاء الماضي، عدم السماح بالتجمعات في عيد النوروز خوفاً من انتقال فيروس كورونا. وقال وزير الداخلية في الإقليم، ريبير أحمد، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الصحة، في أربيل، إن "حكومة الإقليم تتخذ إجراءات احترازية مختلفة حتى لا نلوم أنفسنا، أو يلومنا أحد ﻟﻌﺪم اﺗﺨﺎذ ما يلزم ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ".
وطالب أحمد "ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎت والأحزاب واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت، وﻛﻞ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻛﺎنت ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺧﻄﺔ ﻓﻲ ﻋﻴﺪ ﻧﻮروز بإلغائها، لأنه ﻟﻦ ﻳﺴﻤﺢ باﻟﺘﺠﻤﻌﺎت، وﻟﻦ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺪﺧﻮل ﺍﻟﺴﻴﺎح ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻤﺎﻋﻲ إلى ﻤﺪﻳﻨﺔ أرﺑﻴﻞ، أو اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت الأﺧﺮى".
وتشهد مدن الإقليم في كل عام إقبالاً من مواطنين من مختلف المحافظات العراقية للمشاركة في الاحتفالات. لكن هذا العام سيكون "كئيباً"، و"تكثر فيه المخاطر"، حسب تعبير مواطنين أكراد.
وقال محمد عرفان إنه اعتاد سنوياً إقامة احتفال كبير في مطعم يملكه بمدينة السليمانية، وكان يتجمع فيه عشرات العوائل من أقاربه وجيرانه، وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "الأكراد يعتبرون نوروز العيد القومي لهم، وهو أهم من بقية الأعياد والمناسبات، وغياب الاحتفال به يبعث على التشاؤم، لأن من موروثنا الشعبي أن عدم الاحتفال بالنوروز ينذر بوقوع مخاطر طوال العام".
وفي آخر حصيلة، أعلنت وزارة الصحة والبيئة العراقية، الخميس، تسجيل 11 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ليرتفع عدد المصابين في عموم العراق إلى 194، بينهم 41 في إقليم كردستان.
لكن مصادر طبية أكدت لـ"العربي الجديد"، أن أعداد الإصابات الفعلية تفوق العدد المعلن بكثير، وهو ما أجبر السلطات على فرض حظر التجوال في جميع المدن، ومنع تنقل المواطنين بين المحافظات.
وعادة ما تتواصل الاحتفالات بعيد نوروز نحو أسبوع، في المتنزهات والمناطق المفتوحة في السهول وفوق الجبال وعلى جوانب الطرق، تتخللها الموائد العامرة بالطعام والشراب، والغناء ورقص الدبكة الكردية المعروفة التي يتشارك بها النساء والرجال.
وقالت جوان عقيل، التي تنتمي إلى إحدى القبائل الكردية، إن أيام النوروز تجمع الأقارب الذين يفدون إلى قريتهم الأم على مقربة من مدينة أربيل للاحتفال. وأضافت لـ"العربي الجديد": "أكثر من مائة عائلة تصل إلى القرية في النوروز، وتستمر الاحتفالات لعدة أيام، ونشعل النار أعلى تلة قريبة، وتتزين بيوت القرية، وتستمر الموائد وحفلات الغناء والرقص. لكن هذا العام لن يحصل هذا كله. سنضطر إلى الاحتفال داخل منازلنا. قريتنا أقل بهجة هذا العام. لقد حُرمنا لقاء أحبائنا".
ومنع الانتقال بين المدن وحظر التجوال العراقيين من مختلف الأعراق من المشاركة بهذه المناسبة التي اعتادوا الاحتفال بها. كذلك، كان النوروز موسماً مربحاً لشركات السياحة والفنادق والمنتجعات والأسواق.
وقالت فريال محيي الدين، التي تدير قاعة للمناسبات في مدينة السليمانية (شمال)، إنها فقدت أهم مواسم عملها بسبب فيروس كورونا. وأضافت لـ"العربي الجديد"، أن "الخسائر كبيرة بطبيعة الحال، لكن الأهم حالياً هو القضاء على الفيروس، وهذا ما يدركه الجميع، فإن لم نقضِ عليه سيواصل القضاء على أعمالنا ومناسباتنا وطقوسنا وعاداتنا وتراثنا".
وتابعت: "سنحتفل بنوروز في منازلنا. حتى أنا سأحتفل مع عائلتي، ولن أستغل قاعتي الكبيرة المجهزة بمستلزمات الاحتفال. فالتجول ممنوع، ونأمل أن تعود طقوس نوروز في العام المقبل".