استمع إلى الملخص
- يعاني اللاجئون من صعوبة تسجيل أطفالهم في المدارس الإيرانية بسبب تباطؤ السلطات في قبولهم، رغم تأكيد الحكومة على تخصيص مقاعد للأجانب، مما يحرم الأطفال من حق التعليم.
- تعكس شهادات اللاجئين العائدين إلى أفغانستان حجم المعاناة والتمييز في إيران، حيث عاد نصف مليون لاجئ خلال الأشهر الثمانية الماضية.
تتفاقم مع مرور الأيام مشاكل اللاجئين الأفغان في إيران، ومن بينها الترحيل الإجباري، ومنع محلات تجارية ومطاعم من بيع بضائع وأغذية لهم. ومن المشاكل أيضاً إيجاد منازل للإيجار، وإعدام معتقلين أفغان تنفيذاً لأحكام غامضة أصدرها القضاء الإيراني.
وتثقل هذه المشاكل كاهل اللاجئين الأفغان في ايران، لكن ما يقلق الآباء والأمهات بالدرجة الأولى هو صعوبة تسجيل أولادهم في المدارس الإيرانية. وأثيرت هذه القضية في 19 سبتمبر/ ايلول الماضي حين تجمّع عدد منهم أمام مدرسة للأطفال في العاصمة الإيرانية طهران، وتظاهروا ضد الإجراءات الصعبة لتسجيل أطفالهم في المدارس، وحرمان أطفال كثيرين من التعليم.
وأكد المحتجون أن السلطات الإيرانية تتباطأ وترفض أحياناً تسجيل الأطفال في المدارس الإيرانية بحجة أنهم ليسوا إيرانيين، وأن مقاعد الأطفال المخصصة للأجانب غير متوفرة.
وقال متظاهر رفض كشف هويته: "لا تتعاون السلطات الإيرانية في تسجيل أطفال اللاجئين الأفغان في المدارس التي ترسلهم إلى إدارات حكومية وتقول لهم إن أوراق تسجيل أطفالهم لم تأتِ. وعندما يقصدون الإدارات ترسلهم بدورها إلى المدارس فيُهدر الأطفال التعليم.
ويعلّق الناطق باسم وزارة التعليم والتربية في إيران، علي فرهادي، على القضية بأن "إيران خصصت 20% من المقاعد المدرسية لأجانب يعيشون في أراضيها بطريقة شرعية أو غير شرعية، وأحياناً يفوق عدد الطلاب الأجانب هذه النسبة. وبالتالي يبقى الطلاب الأجانب خارج مدرسة محددة يريد آباء تسجيل أبنائهم فيها".
أضاف: "تتمسك إيران باحترام حقوق جميع اللاجئين الذين يعيشون بطريقة شرعية في أراضيها، وتحترم حقوقهم في كل المجالات، لا سيما التعليم. ولأن إمكانات البلاد هشة لا يمكن أن تعطي الأجانب أكثر من النسبة التي تعتبرها كافية لهم في قطاع التعليم".
ورغم أن السلطات الإيرانية تصرّ على أنها تحترم حقوق اللاجئين الأفغان، خاصة على صعيد تعليم الأطفال، وأن الأمور كما يقول فارهادي ترجع إلى نسبة المقاعد المخصصة للأجانب في المدارس، يرى اللاجئون الأفغان أن "تعامل السلطات الإيرانية معهم سيئ للغاية لدى تسجيل الأطفال في المدارس، كما تفعل في مجالات أخرى".
ويقول الأفغاني علي محمد، الذي عاد من إيران إلى ولاية سربل الأفغانية، وترك خلفه مشروعه التجاري وخسر كل ما كان يملكه لـ"العربي الجديد": "أن يعيش الأفغان بكرامة في إيران أمر مستحيل. لم أرَ أو أسمع بمعاملة دولة للاجئين بطريقة سيئة، بقدر ما رأيت في إيران، وما سمعته من كثير من الناس. رأيت مخابز تعلّق لوحات كتب عليها ممنوع بيع خبز لأجانب هم الأفغان تحديداً، وخبازين لا يبيعون الخبز للاجئين أفغان ويقولون لهم إن هذا قرار أصدره مكتب المدعي العام".
ويسأل: "هل رأينا تعامل دولة إسلامية بهذا الشكل مع سكان دولة إسلامية مجاورة أجبرتهم الحروب والولايات الناجمة عنها على الهروب؟ لذا أرى أنه لا يمكن العيش في إيران، وعلى الأفغان ألا يتعبوا أنفسهم في مطالب لا طائل منها في إيران، فهي لا تسمح لأبناء اللاجئين بأن يدرسوا، بل يتلذذون بتعب الآباء حين يتنقلون من إدارة إلى أخرى".
ولجأت أعداد كبيرة من الأفغان إلى إيران بعدما سيطرت حركة "طالبان" على الحكم ومنعت البنات من الذهاب إلى المدارس والجامعات، وذلك من أجل تعليم البنات لكنهم تفاجأوا بأن المدارس الإيرانية لا تسمح أيضاً بتسجيلهن.
ويقول محمد ذكي، أحد سكان ولاية هيرات الذي عاش عشر سنوات في إيران، لـ"العربي الجديد": "ذهبت أسرة أقارب لي مؤخراً إلى إيران من أجل تعليم البنات لأن الأب صفي الله كان يصرّ على أن تعليم بناته أولوية، لذا لا بدّ من أن يخرج من أفغانستان إلى دولة أخرى، وقد فكر في الذهاب إلى باكستان لكن عائق اللغة حال دون ذلك".
ويوضح أن صفي الله ظل ثمانية أشهر في إيران لعلّ بناته يدرسن هناك، لكن فوجئ بأن المدارس لم تسجل بناته، علماً أنه ذهب إلى مدارس حكومية عدة في ولاية أصفهان اعتذرت عن قبولهن، وقالت له أنه لا يسمح لها بتسجيل اللاجئين الأفغان. وهكذا يئس بعدما صرف مبالغ كبيرة لاستئجار منزل وشراء أثاث له وأخذ تأشيرات ودفع رسم إجراءات حدودية. وهو عاد إلى أفغانستان محمّلاً ذكريات مريرة للغاية".
وما يقوله علي محمد يؤكده تدفق اللاجئين الأفغان العائدين من إيران إلى أفغانستان. وتقول وزارة شؤون اللاجئين الأفغانية، إن 500 ألف لاجئ أفغاني عادوا من إيران في الأشهر الثمانية الماضية.