الكويتية تطالب بحضانة في مكان عملها

07 يناير 2020
تعمل في أحد المطاعم (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

تعاني الأمهات الكويتيات العاملات في القطاعين الحكومي والخاص بسبب عدم وجود أماكن مخصّصة في أماكن العمل لوضع أطفالهن فيها خلال فترات عملهن، وسط مطالبات من قبل جمعيات حقوقية ونسوية بتفعيل القوانين الكويتية التي تنص على وجوب تخصيص أصحاب العمل أماكن لرعاية أطفال العاملات، علماً أن الكثيرات منهن يجهلن أن القوانين في صفهن.
وتبلغ نسبة النساء الكويتيات العاملات 45 في المائة من مجموع الموظفين الكويتيين في القطاعات الحكومية والخاصة، غالبيتهن أمهات، بحسب جمعيات ناشطة في مجال حقوق المرأة.

وينص قانون العمل الكويتي في مادته الـ25 على وجوب منح المرأة العاملة ساعتين للرضاعة أثناء العمل، و"إنشاء صاحب العمل دور حضانة للأطفال أقل من أربع سنوات في مراكز العمل التي يزيد فيها عدد العاملات عن الخمسين أو يتجاوز فيها عدد العمال المائتين عامل".
وعمدت عضو المجلس البلدي مها البغلي إلى تقديم اقتراح تعديلات على "لائحة البناء" تلزم الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة بتخصيص أماكن لإنشاء حضانات استناداً إلى قانون العمل الكويتي. وتقول المهندسة مها البغلي إن "المادة 25 من قانون العمل الكويتي غير مفعلة لأن المباني ليست مؤهلة لإنشاء دور حضانة بسبب قدمها وعدم تصميمها بشكل مناسب لأمر مماثل. وجاء هذا الاقتراح لقطع الطريق أمام أعذار الجهات الحكومية والخاصة. بالتالي، فإن أي جهة عمل حكومية أو خاصة تريد الحصول على ترخيص لبدء العمل، عليها استخراج رخصة من الحكومة تثبت أنها خصصت مكاناً لحضانة الأطفال، كما هو الحال مع رخص الإطفاء والأمن والسلامة وبقية الرخص الخاصة بالبناء".




تضيف البغلي: "كثيرون لا يعلمون أن المادة 53 من قانون حقوق الطفل نصت على وجوب إنشاء صاحب العمل الذي يوظف خمسين عاملة وأكثر في مكان واحد داراً للحضانة أو يعهد إلى دار للحضانة لرعاية أطفال العاملات بالشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية". وتعزو البغلي، التي اشتهرت بمواقفها المؤيدة للمرأة خلال عضويتها في المجلس البلدي، تقديمها الاقتراح إلى دعم المرأة العاملة، وتحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص في مكان العمل، ودعم الاستقرار الأسري وسلامة الطفل، على أن يساهم توفير دور الحضانة في مقر العمل في إراحة الأم العاملة وزيادة تركيزها في عملها وبالتالي زيادة إنتاجيتها.

من جهتها، تقول سارة الشمري، وهي موظفة في مجمع الوزارات في العاصمة الكويت، وأم لطفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات، لـ"العربي الجديد": "قبل الإنجاب، اتفقنا وزوجي على عدم الاستعانة بمربية والاعتماد على أنفسنا، باعتبار أن هذا الأمر أساسي في تعزيز العلاقات الأسرية بحسب دراسات تربوية قرأتها. لكن في ظل ضغط العمل المستمر عليّ وعلى زوجي، أجد نفسي مضطرة في كثير من الأحيان للاعتذار عن عملي والبقاء مع ابنتي في حال كانت مريضة أو غير ذلك".

وتؤكد الشمري أنها عمدت إلى تسجيل ابنتها في حضانة خاصة، وتبلغ الكلفة السنوية أكثر من 2400 دينار كويتي (نحو 7900 دولار أميركي). إلا أن هذه الحضانات لا تبدو كافية لرعاية الطفل، إذ يحتاج الطفل إلى أن تكون أمه قريبة منه حتى مع وجود شخص ثالث يرعاه، على حد قولها. وتتفق هدى ضيف الله، وهي معلمة في وزارة التربية، مع ما قالته الشمري، وتوضح لـ"العربي الجديد"، أنه "في بعض الوزارات، يمكن أن تتغيب الموظّفة عن عملها لرعاية أطفالها، خصوصاً إذا كانوا مرضى. أما في وزارة التربية، فإن وجود معلمة بديلة أمر صعب جداً. لذلك، لا بد للجهات الحكومية من أن تخصص أماكن لأطفال النساء العاملات".

إلى ذلك، تعزو الناشطة في قضايا حقوق المرأة شيخة العلي، غياب الوعي النسائي بالقوانين الملزمة لوجود الحضانات إلى رغبة الكثير من القوى الاجتماعية التي وصفتها بـ"المتشددة"، بإعادة المرأة إلى البيت والحد من وجودها في سوق العمل. وتقول لـ"العربي الجديد": "يعطون صورة بأن المرأة العاملة لا يمكنها التوفيق بين عملها وعائلتها. لذلك، يضيقون على التسهيلات التي يفترض على جهات العمل تأمينها للمرأة العاملة، أبرزها حق الرضاعة وحق وجود حضانات في أوقات العمل".

وتطالب العلي المعنيين بحقوق المرأة بالضغط أكثر فأكثر على الحكومة لإجبارها على تنفيذ القانون. وتقول: "بالنسبة إلى الحكومة، لا أعتقد أن عدم تنفيذ القانون يعود إلى إيمان منها بشيء معين، بل إلى الإهمال الذي اعتدناه منها، والرغبة بتقليص النفقات، وعدم الجدية في الاستجابة للقوانين التي تنتصر للمرأة، واقتراح عضو المجلس البلدي مها البغلي حول إلزام الجهات الحكومية والخاصة أثناء بنائها مقراتها وجود حضانة، هو وسيلة ضغط ممتازة على الحكومة".



وتتحدّث العلي عن حملة تنوي منظمات حقوق المرأة في الكويت والمجتمع المدني إطلاقها لتوعية المرأة العاملة في الكويت حول حقوقها، وتحذير بعض الشركات والمؤسسات الخاصة من التعدي على هذه الحقوق. وتقول لـ"العربي الجديد" :"نطمح ألا يقتصر نشاطنا على مسائل بسيطة، مثل حق الرضاعة، أو حق إيجاد حضانات في مكان العمل، بل يتعداه إلى ملاحقة الشركات التي تقوم بالتمييز بين النساء والرجال في الرواتب والترقيات القيادية وغيرها، إذ إن هذا يعد ملفاً مسكوتاً عنه في الكويت تماماً".
دلالات
المساهمون