شحّ بمياه جنوب باكستان

23 سبتمبر 2019
اعتاد على نقل المياه يومياً (فرانس برس)
+ الخط -
وسط الحر الشديد الذي يُسجّل في باكستان، وعلى الرغم من هطول أمطار غزيرة هذا العام في كل أنحاء البلاد، تحديداً في الجنوب الغربي والمناطق المطلة على البحر، فإنّ ثمّة مناطق تعاني وبشدة قلّة مياه الشرب وشحّ في المياه عموماً. يأتي ذلك وسط غياب أيّ تحرّك للحكومة من شأنه إيجاد حلّ للمشكلة، فيما تتعالى الأصوات المنددة بذلك.

قبل نحو عشرة أيام، كان موضوع شحّ المياه في مدينة كراتشي بإقليم السند (جنوب شرق) والمناطق المجاورة من أبرز المواضيع المطروحة في جلسات البرلمان الإقليمي، وقد اتخذت المعارضة هذه القضية ذريعة لتوجيه انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة الإقليمية. يُذكر أنّ المعارضة في إقليم السند يشكّلها حزب حركة الإنصاف الباكستانية الحاكم في إسلام أباد، بالتالي لها ثقلها في الإقليم، مع الإشارة إلى محاولة للقضاء على الحكومة الإقليمية التي يتزعّمها حزب الشعب الباكستاني الذي يشكّل الجزء الأكبر من المعارضة في البرلمان الفدرالي.




شير زمان خان، عضو في البرلمان الإقليمي وقيادي في المعارضة، هو أوّل من أثار القضية، وتعالت عقب ذلك الأصوات المختلفة إلى حين قبول البرلمان مناقشة الموضوع بين أعضائه. وقد أكّد خان، في كلمة له أمام البرلمان، أنّ "سدود المياه ملأى بعد هطول الأمطار الغزيرة، لكنّ غياب خطط متكاملة لدى الحكومة الإقليمية يضيّع الفرص وبالتالي، لا نستغلّها. وسكان كراتشي خصوصاً، وسكان إقليم السند عموماً، يعانون شحّ المياه، فيما القضية تستفحل يوماً بعد آخر". كذلك اتّهم خان إدارة المياه المحلية في الإقليم بأنّها "إدارة لا مثيل لها في الفساد والتزوير" وبأنّها "غارقة فيهما"، مشدداً بالتالي على "الحاجة الملحة لمراجعة الخطط السابقة واستغلال الفرص للقضاء على المعضلة التي باتت مشكلة يومية يعانيها سكان الجنوب الباكستاني عموماً". وأشار خان إلى "عصابة بيع صهاريج المياه بأسعار غالية"، مؤكداً أنّ "مسؤولين في الحكومة المحلية ضالعون في القضية من أجل الحصول على المال من خلال بيع المياه للمواطنين".

وفي ردّه على اتهامات خان، قال وزير المياه والطاقة في الحكومة الإقليمية ناصر شاه إنّ "قضية المياه في الإقليم ليست وليدة يوم أو عام، بل هي متجذّرة وقديمة. وبهدف العمل من أجل القضاء على المشكلة وإيجاد حلّ لها، ثمّة حاجة إلى التنسيق ما بين الإدارات المختلفة". ويؤكد أنّ "المياه الموجودة في يد الإدارة المحلية لا تكفي مدينة كراتشي وجوارها، وثمّة شحّ فعليّ بسبب عدم وجود خطط كافية في الماضي. واليوم، نحن نعمل عليها ونسعى إلى تشكيل إدارة جديدة للمياه تعمل إلى جانب الإدارة الحالية. وسوف تتألف الإدارة الجديدة من خبراء ومسؤولين في إدارات مختلفة، لأنّ القضية ذات أبعاد مختلفة". وفي ما يتعلق بادعاءات الفساد، قال شاه إنّ "الفساد موجود في كل مكان وفي كل الإدارات، بالتالي هو موجود في إدارة المياه، لكنّ الحكومة تعمل بجدّ لمواجهته وللقضاء على عصابة بيع المياه. وهي تحقّق في احتمال ضلوع أيّ مسؤول حكومي في القضية". ويشدد شاه على أنّ "تعاون كل الإدارات والمعارضة في البرلمان كذلك شرط أساسي لحلّ المشكلة".




وقضية شحّ المياه من كبرى القضايا بالنسبة إلى سكان كراتشي، وهي ليست مستجدة، مع الإشارة إلى أنّ الحكومات المتعاقبة لم تعمل بطريقة جدية وجيدة لحلهّا. وهي تُناقش عادة في البرلمان ويتّخذها بعض السياسيين ذريعة للنيل من خصومهم، ثمّ تطمس وتبقى الأمور كما هي. محمد علي من سكان كراتشي، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "مشكلة المياه من المشاكل القديمة التي نواجهها باستمرار مذ كنت طفلاً صغيراً. ولمّا كبرت، بقينا نواجه المشكلة نفسها، فيما تتكرر وعود الحكومة". يضيف أنّ "سكان المدينة بمعظمهم يعتمدون على المياه التي توفّرها الدولة وهي تأتي مرّة واحدة في اليوم ولفترة وجيزة، وفي بعض الأحيان لا تأتي أبداً. بالتالي فإنّنا نعتمد على مياه الصهاريج التي نشتريها أو على المياه التي ننقلها من أمكان قريبة، في الغالب من المساجد التي تحتوي على آبار".

أزمة مع الهند
تعتمد 80 في المائة من الزراعة في باكستان على الريّ من نهر السند، الذي يعتبر أطول وأهم نهر في باكستان وشبه القارة الهندية، إذ يبلغ طوله 3190 كيلومتراً، وينبع من التبت ويصب في بحر العرب، ويشكّل دلتا كبيرة في كراتشي. لكن، هناك خلافات مع الهند حول الموارد المائية منذ وقت طويل، ومن بينها الخلاف حول السند وروافده.
المساهمون