انقطاع الكهرباء مأساة أفغانية

24 اغسطس 2019
بيع المثلجات بات أصعب (Getty)
+ الخط -
ينقطع التيار الكهربائي في أفغانستان بشكل متكرر، في الفترة الأخيرة، وسط حرّ شديد في بعض مناطق البلاد، وذلك بالرغم من وعود إدارة الكهرباء المتكررة بالتصدي للمعالجة وتحسين وضع التغذية الكهربائية. يأتي ذلك بالترافق مع زيادة التسعيرة، ما أثار حفيظة عامة المواطنين.

في الشهرين الأخيرين، ازدادت وتيرة انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة كابول وغيرها من الأقاليم. وبينما يزداد الانقطاع في الأقاليم، مقارنة بالعاصمة، فإنّ بعض الأقاليم الأخرى أوضاعها أسوأ بكثير، إذ ما زالت محرومة تماماً من الكهرباء، بالرغم من الوعود الحكومية التي تعود إلى سنوات.

في هذا الصدد، يقول محمد غني، أحد سكان منطقة ميكرويان، في قلب العاصمة، إنّ الأمور تسير نحو الأسوأ، خصوصاً أن لا حياة من دون كهرباء. يوضح أنّه مع انقطاع التيار الكهربائي تنقطع المياه، وهكذا تصبح المشكلة متشعبة. يذكر غني أنّ المشكلة لم تكن في هذا الشكل خلال الأعوام الماضية كما لم تشهد العاصمة كابول حرارة مرتفعة منذ أعوام عديدة مقارنة بالعام الجاري، وجميع أمور الحياة متعلقة بالتيار الكهربائي، لذلك، فإنّ انقطاعه يعطل الحياة نفسها. يشير إلى أنّ المعضلة بالنسبة للتلاميذ والطلاب أكبر إذ لا يتمكنون من المذاكرة، وقد واجهوا مشاكل كبيرة خلال فترة الامتحانات التي انتهت قبل عيد الأضحى الأخير.




يؤثر انقطاع التيار الكهربائي أيضاً في القطاع التجاري، خصوصاً بالنسبة للتجار الصغار، كأصحاب المحلات التجارية والدكاكين، ومنهم من ترتبط تجارتهم مباشرة بالتيار الكهربائي. على سبيل المثال، يشكو محمد المبين، وهو شاب يبيع المثلجات في سوق شهر نو في العاصمة، من انقطاع التيار وارتفاع الأسعار. يقول مبين إنّ المواطن الأفغاني لا ترحمه الحكومة، بينما أولئك الذين لهم قوة ونفوذ لا يمكنها أن تقول شيئاً لهم، مشيراً إلى أنّ الكهرباء تنقطع بين الحين والآخر طوال ساعات، ولأنّ عمله في المثلجات، يجد نفسه غير قادر على العمل طوال فترة الانقطاع.

المشكلة الكبرى هي في الفواتير التي عادة ما تكون مرتفعة، فهناك فارق بين فواتير المنازل وفواتير الأسواق والمحلات التجارية، فالأخيرة تتجاوز ضعفي فواتير المنزل، وهكذا تصبح مشكلة العاملين في الأسواق مزدوجة. يشير مبين إلى أنّ في كابول وربما في الأقاليم أيضاً هناك شخصيات نافذة، لا تدفع فواتير الكهرباء، والحكومة لا تسيطر على هؤلاء، ولا يمكن لها أن تجبي منهم الفواتير، ويتحمل المواطنون العاديون العبء كاملاً. لكنّ الحكومة الأفغانية، عبر إدارة الكهرباء، أعلنت قبل أيام أنّها قطعت التيار الكهربائي عن العديد من هؤلاء النافذين، وقد فعلت سابقاً الأمر نفسه. في هذا الصدد، قال المسؤول في إدارة الكهرباء في كابول، خالد ستانكزاي، في مؤتمر صحافي إنّ إدارة الكهرباء قطعت في الأيام الأخيرة التيار عن عشرات من منازل كبار الشخصيات، منهم مسؤولون حاليون في الحكومة، ومنهم مسؤولون سابقون. أضاف ستانكزاي أنّ من بين هؤلاء مستشار الرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية، عبد الله عبد الله، ويدعى بخت محمد زدران، والنائب السابق بيدار زازي، ورئيس إدارة المعوقين عبد الغفور عبد الغفور، والقائد الجهادي المعروف، محمد عالم خان وغيرهم، موضحاً أنّ الإدارة ستمضي قدماً بالتنسيق مع الإدارات الأمنية وتعاونها، في محاسبة كلّ من لا يدفع فواتير التيار الكهربائي أو يسرقه، مشيراً إلى أنّ هؤلاء الذين قطع التيار عنهم، وصلت قيمة فواتيرهم المتأخرة إلى ملايين. وأضاف أنّ كلّ من يستخدم القوة مقابل القانون ويربط أسلاك الكهرباء بعد أن تقطعها إدارة الكهرباء، لا بد من تحويله إلى المحاكم.




بالرغم من ترحيب المواطنين الأفغان بمثل هذه الإجراءات من جانب إدارة الكهرباء، فإنّهم يشككون فيها، ويعتبرونها إجراءات محدودة، لها أهداف سياسية، وليست خطوة فعالة من أجل حلّ المعضلة بشكل أساسي، وهي انقطاع التيار الكهربائي عن عموم المواطنين، وارتفاع أسعار الفواتير بالرغم من ذلك. ومهما تفاوتت نسبة الانقطاع بين العاصمة والأقاليم، فالأفغان جميعاً يطالبون بتحسين وضع التغذية الكهربائية بالترافق مع وقف تعديات المسؤولين على شبكاتها.

تظاهرات في هلمند
دفع انقطاع الكهرباء المتكرر، بسكان إقليم هلمند، جنوبي أفغانستان، إلى المشاركة في تظاهرات تطالب بتحسين التغذية وتخفيض أسعار الفواتير، التي تفوق قدرة المواطنين، لا سيما أنّ معظمهم فقراء. وقال الزعيم القبلي، شيرين جان، إنّ مصدر الكهرباء هو سدّ كجكي في الإقليم، مع ذلك، ازدادت أسعار الفواتير طوال العامين الماضيين.