وتشمل مناطق سهل نينوى الواقعة إلى شمال وشمال غرب الموصل، عدة بلدات ومدن متجاورة، أبرزها برطلة وبعشيقة وتلكيف والعباسية وكوجلي وتلسقف والعباسية والشلالات، ومناطق أخرى ذات غالبية عربية مسيحية وإسلامية، إضافة إلى مكونات أخرى مثل الشبك والأيزيديين والآشوريين.
والجمعة، قال مسؤول عراقي رفيع في نينوى لـ"العربي الجديد"، إنّ مجلس المحافظة قدم طلبا لبغداد من أجل التدخل في حسم مشكلة سهل نينوى بشكل عاجل، مؤكدا أن عدة فصائل مسلحة أبرزها "بابليون" و"حشد الشبك" و"سيد الشهداء"، و"كتائب حزب الله"، وكلها تعمل ضمن الحشد الشعبي تتورط بجرائم ابتزاز وانتهاكات إنسانية وتضييق على الحريات، وأخيرا قامت بمنع البناء أو الاستثمار في هذه المناطق والتعدي على صلاحيات الشرطة المحلية في تلك المناطق".
وكشف عن أن عشرات الأسر غادرت مجددا سهل نينوى بعد عودتها بسبب تصرفات المليشيات هناك، وخاصة اللواء 30 المعروف باسم "حشد الشبك"، واللواء 50 المعروف باسم "مليشيا بابليون".
وأوضح أن مسؤولين في "حشد الشبك" تحديدا منعوا الأهالي من البناء السكني أو إنشاء محلات تجارية لهم وفرضوا شروطا على التأهيل وصلت إلى درجة فرض أماكن معينة لشراء الرمل والإسمنت ومواد البناء الأخرى منها يعتقد أنها تابعة لهم.
وتابع "تلك المليشيات مدعومة خارجياً وكل تصرفاتها توحي أنها لا تريد عودة الحياة ولا الاستقرار في سهل نينوى".
وألقى عضو البرلمان العراقي، محمد نوري، باللائمة على الحكومة العراقية في بغداد جراء ما يحدث، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أنّ الحكومة هي التي قامت بتقوية الفصائل هناك، ولا يستبعد أن يكون ما يحدث في سهل نينوى مخططا له وبدعم خارجي.
مبينا أنّ موضوع عدم سماحهم للأهالي بالبناء، ومنع عودة قسم معين من أهالي المنطقة وفرض شروط تعجيزية مقابل العودة ليس وليد اليوم بل منذ عام 2018، كاشفا عن تعرضه لحادثة مماثلة حين حاول استئجار منزل في سهل نينوى، "لكن فصيلا مسلحا منع إتمام عقد الإيجار بدون أي سند قانوني ما اضطرنا لترك الدار"، مؤكدا أن ذلك يشير إلى وجود سطوة أقوى من الدولة.
وأضاف "هذا يدخل أيضا في إطار التغيير الديمغرافي والسطوة والسيطرة"، لافتا إلى أن كل هذه الأمور مخالفة للقانون، لكن للأسف الشديد لضعف الحكومة المركزية هؤلاء يتصرفون كيفما يشاؤون مع المواطنين".
كما أقر عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى، عبد الرحيم الشمري، في حديث لـ"العربي الجديد"، بوجود شكاوى بهذا الشأن، موضحا أن أسراً من مكونات معينة لا يسمح لها بالسكن في سهل نينوى.
ولفت إلى أن الحديث في هذا الموضوع ليس للدعاية الانتخابية، كما أنه لا يتضمن تجنياً على أحد، لأنه موجود بالفعل، وهناك من يمنع الاستثمار والبناء. وتابع "وهذا ما ثبت أيضا في لجنة تقصي الحقائق، وبعض تلك الجماعات المسلحة مسنودة من بغداد". وبين أن الوضع في سهل نينوى وصل إلى حد الاحتقان، وقد يصل إلى مرحلة الانفجار.
بالمقابل، قال القيادي في "مليشيا بابليون"، ظافر لويس في سهل نينوى، إنّ "المطالبات بإخراج الحشد الشعبي من سهل نينوى غير مجدية كونه ساهم ويساهم في استقرار السهل"، معتبرا في بيان صحافي له أن طلبات إخراجهم تصدر من أدوات للاستخبارات الأميركية، واصفا الاتهامات الموجهة ضدهم بالمفبركة.
يشار إلى أن "الزعيم" في حشد الشبك وعد القدو وريان الكلداني من مليشيا بابليون، أدرجا نهاية الشهر الماضي على لائحة العقوبات الأميركية التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على أربعة عراقيين، واتهم القدو بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، والاستيلاء على أموال، وهي ذات التهم التي وجهت للكلداني يضاف إليها اتهامه بقطع أذن أحد الأشخاص في نينوى.
وفي السياق، قال الحقوقي والناشط في نينوى أسعد عودة، إنّ المنع الذي تقوم به الفصائل المسلحة في سهل نينوى ليس له أي سند قانوني، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أنّ عدداً كبيراً من سكان المنطقة أرغموا خلال العام الماضي على مغادرة منازلهم على الرغم من سلامة موقفهم القضائي.
وبيّن أنّ كثيراً منهم حصلوا على تزكية من قوات الأمن والاستخبارات، إلا أن مليشيات تسيطر على سهل نينوى منعتهم من العودة، موضحا أن ذلك يشير إلى انتهاك واضح للدستور والقوانين النافذة التي تمنح المواطن حق السكن والتملك والتنقل كيفما يشاء.
ولا تقتصر إجراءات الفصائل المسلحة على منع سكان نينوى من العودة إلى منازلهم، إذا تسبب تصرفاتهم بتوقف عدد من المشاريع المهمة في نينوى، مثل، مجمع الزيتون، وأراضي جمعية الرياضيين المقابلة لشقق الحدباء، وأراض ومجمعات سكنية وتجارية أخرى.