في الوقت الذي ثارت فيه ضجة في البرلمان العراقي على خلفية تصريحات السفير العراقي بواشنطن فريد ياسين، المؤيدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، كشف تقرير خاص لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم الجمعة الماضي، عن وجه آخر من أوجه النشاط الإسرائيلي داخل العراق تحت غطاء تقديم المساعدات الطبية والإنسانية للأيزيديات.
وأبرز التقرير قيام منظمة إسرائيلية بجلب نحو 15 امرأة من النساء الأيزيديات، اللاتي تعرضن لفظائع ارتكبها تنظيم "داعش" بحقهن في العراق، إلى تل أبيب تحت مسمى تدريب للعلاج النفسي في جامعة بار إيلان القريبة من تل أبيب.
وذكرت الصحيفة أنه تم جلب هؤلاء الشابات الأيزيديات على مدار العامين الأخيرين، بعد عملية شائكة ومعقدة لجمع معلومات دقيقة عن كل امرأة منهن، وباستعانة بطرف ثالث (ألمانيا) لتوفير الجوانب اللوجستية، لتأمين وصول هؤلاء النسوة إلى تل أبيب لتلقي العلاج والتدريب النفسي، ولا سيما أنهن يعملن في وكالات تطوعية مختلفة.
وأوضح التقرير أن المنظمة الإسرائيلية "إزرائيل إيد" بدأت نشاطها في العراق "بعد شهر من ظهور داعش، وأدركنا على الفور أن المجال الذي يمكننا تقديم أقصى ما يمكن من مساعدة هو في مجال علاج الصدمة، والمساعدات النفسية حيث توجد حاجة هائلة لذلك"، بحسب ما ذكر الرئيس التنفيذي المشارك للمنظمة يوتم بولتسير.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل أرسلت في الأعوام الأخيرة نحو 20 مختصاً إسرائيلياً، ممن يحملون جنسيات مزدوجة ويملكون جوازات سفر أجنبية، للعمل في تقديم العلاج النفسي قدر الإمكان.
وبحسب "هآرتس"، قام طبيب العلاج النفسي العراقي من الطائفة الأيزيدية، ميرزا ديناي، الذي يقيم اليوم في ألمانيا بدور في إطلاق المشروع، بالتعاون مع ثلاثة من الأساتذة الإسرائيليين في مجال الطب النفسي والعلاج، يعملون في جامعة "بار إيلان" وهم د. يعقوف هوفمان، البروفيسور عميت شريرا وباحث الدماغ أريه زيبوطوبسكي، الذي كان قام بزيارة ميدانية للعراق.
وتوجه الإسرائيليون الثلاثة للمنظمة المذكورة الإسرائيلية، مستفسرين عن إمكانية الوصول إلى الأيزيديين الذين هم على تواصل مباشر مع أبناء طائفتهم، الذين تعرضوا لممارسات "داعش" داخل العراق وتدريبهم على العلاج النفسي، مع إمكانية ملاءمة طرق وأساليب العلاج المناسبة. وأفضت الاتصالات إلى إنجاز العملية المشتركة التي استمرت عامين، جرى خلالها جلب الشابات الأيزيديات من العراق إلى إسرائيل، لتدريبهن على طريقة علاج تدعى STAIR طورتها البروفيسورة مارلين كليفتر، أستاذة العلاج النفسي الأميركية من جامعة كاليفورنيا.
وبطبيعة الحال كانت عملية جلب هؤلاء الشابات شبه سرّية، وتضمنت فحص تفاصيلهن بشكل عميق من قبل الخارجية الإسرائيلية، قبل إقرار مشاركتهن في هذه التدريبات وعمليات العلاج، وهو ما استغرق عدة أشهر.
وتحفّظ تقرير "هآرتس"، الذي التقى عدداً من الشابات المشاركات في الوفد، خوفاً على ما قد يواجهنه في العراق، في حين أبرزت مشاركة لمياء حجي بشار، إحدى الناجيات من أسر "داعش"، التي عانت من ويلات أفراد التنظيم خلال اختطافها واحتجازها لديهم، علماً بأنها مكثت في أسر التنظيم حتى عام 2016 عندما تمكنت من الفرار، لكنّ لغماً انفجر وأصابها بتشويه في وجهها وفقدت عينها اليمنى، فيما توفيت فتاتان فرّتا معها، قبل أن تصل إلى موقع لقوات البيشمركة.
وبحسب الصحيفة، فإن لمياء حجي بشار كانت الوحيدة التي يمكن كشف هويتها، لأنها لن تعود إلى العراق، بل تعيش اليوم في ألمانيا، وخاصة أنها حاصلة على جائزة "ساخروف" لحرية الفكر من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب نادية مراد.
في المقابل أبرزت صفحة "إسرائيل باللهجة العراقية" خبراً حول هذه العملية، والمساعدة التي قدمتها وزارة الخارجية الإسرائيلية لتنفيذها، مع الإشارة إلى زيارة أعضاء الوفد إلى إسرائيل والمكوث أسبوعين، في ضيافة جامعة بار إيلان، التي خصصت أربع سنوات لبحث "موضوع إبادة الأيزيديين".