يزداد تعاطي التبغ غير المدخّن، أو ما يعرف محليّاً بـ "البردقان" أو "الشمة" مؤخراً في اليمن. ولم يعد التعاطي محصوراً بالكبار فقط، بل ينتشر في المدارس والأحياء، في ظل غياب كامل لأدوار مؤسسات الدولة الرقابية، وهو يعد، بحسب أطباء، السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الفم واللثة في اليمن. وتُباع في اليمن ثلاثة أصناف، منها صنفان يصنعان محلياً، وهما الشمة البيضاء والسوداء، وثالث يستورد من الخارج ويُسمى "الحوت"، وهو أشد الأنواع خطورة، بحسب الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، التي حذرت من تعاطيه أكثر من مرة، لاحتوائه على مواد مسرطنة قاتلة.
في هذا السياق، يقول إبراهيم عبده (29 عاماً)، وهو من سكان مديرية شعوب في صنعاء، إنه بدأ تعاطي الشمة البيضاء قبل أكثر من عشر سنوات. منذ ذلك الوقت، لم يعد يستطيع تركها على الإطلاق. يضيف لـ "العربي الجديد": "أحد الأصدقاء في الحي الذي أسكنه أقنعني بتجربتها مرة واحدة. يومها، شعرت بدوار وغثيان شديدين، وعزمت على تركها، لكنني فشلت في ذلك، ووجدت نفسي أتعاطاها مجدداً، على الرغم من معرفتي الكاملة بمخاطرها الصحية". ويشير إلى أنه لم يستطع إخفاء التعاطي عن أسرته لأكثر من شهرين، بسبب الرائحة المزعجة في فمه وتغير لون أسنانه مع مرور الوقت. ويؤكد أنه حاول مراراً ترك الشمة بناءً على طلب من والديه، لكنه لم يستطع الصمود لأسبوع واحد. وفي كل مرة، كان يعود إليها أكثر من ذي قبل. ويعزو السبب الرئيسي لانتشار تعاطي الشمة بين أوساط اليمنيين إلى رخص ثمنها، إذ بالإمكان شراء كيس صغير من الشمة بمبلغ 100 ريال يمني (20 سنتاً أميركياً)، يكفي الشخص لمدة يوم أو يومين.
اقــرأ أيضاً
من جهته، يقول علي عبد الملك (31 عاماً)، هو من سكان محافظة الحديدة (غرب)، إنه أصيب خلال السنوات القليلة الماضية بأمراض التهاب اللثة، وحساسية الصدر، والجيوب الأنفية، والربو المزمن، ونقص المناعة، من جراء استمرار تعاطيه للشمة السوداء. على الرغم من ذلك، فإنه لم يتركها حتى الآن. يضيف عبد الملك لـ "العربي الجديد": "أتعاطى الشمة منذ 15 عاماً، ولا يمكنني التخلي عنها تحت أي ظرف، لأنها الشيء الوحيد الذي يشعرني بالسعادة في الوقت الحالي، خصوصاً بعد فقداني لوظيفتي، من جراء الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد نتيجة الحرب". ويؤكد عبد الملك أن غالبية سكان المحافظة، بمن فيهم الأطفال، يتعاطون الشمة بشكل يومي. "ويحاول الناس البحث عن أشياء تنسيهم هموم الحياة، ولا يوجد أرخص من الشمة، على الرغم من رائحتها السيئة وشكلها المقرف لغير المتعاطين". ويشير إلى أن مصانع الشمة تنتشر في كل أنحاء المحافظة، بسبب الإقبال الشديد عليها.
وانتشرت ظاهرة تعاطي الشمة الهندية المستوردة والمسماة بـ "الحوت" في المدارس بشكل لافت خلال السنوات القليلة الماضية، بحسب فوزي عبد الرحمن. يقول لـ "العربي الجديد" إن طلاباً كثيرين يتم ضبطهم أثناء عمليات التفتيش المفاجئة التي تنفذها إدارة المدرسة، وفي حوزتهم "شمة الحوت" المستوردة. ويؤكد أن الطلاب المتعاطين يقومون برمي مخلفات الشمة بعد مضغها من شبابيك الفصول الدراسية وفي دورات المياه، ما يُثير سخط الإدارة من جراء شكلها ورائحتها البشعة.
إلى ذلك، يقول التلميذ عبد الله الذماري، وهو من سكان صنعاء، إن الكثير من تلاميذ المدراس يقبلون على تعاطي "شمة الحوت" الهندية، بسبب شكلها الجذاب ورخص ثمنها. يضيف: "التلاميذ يفضلون شراء شمة الحوت المستورد، لأنها لا تترك أثراً كبيراً في الفم خلال تعاطيها، بالمقارنة مع الشمة المحلية (البيضاء والسوداء)، كما أنه يسهل إخفاؤها عن المدرسين في الفصول الدراسية والأهل في المنازل". يشير الذماري إلى أن بعض الطلبة يقومون ببيعها داخل المدارس، أثناء فترات الراحة، كما البعض منهم يتعاطاها خلف المباني الدراسة، من دون أية رقابة من الإدارة، على الرغم من معرفتها الكاملة بتلك التجاوزات.
وعن مكونات تحضير الشمة المحلية، يقول أحمد عمر وهو صاحب بسطة متنقلة لبيع الشمة في صنعاء، إن الشمة البيضاء تُحضر من تبغ خاص يستورد من الهند، وملح يسمى بـ "الكار" يستورد من كينيا، ويطحن كلّ مكوّن على حدة، قبل خلطهما بعضهما مع البعض الأخر، بعد تجفيف التبغ وتنظيفه من الأتربة وكافة الشوائب. ويوضح عمر لـ "العربي الجديد" أنه لا صحة لما يُروج عن إضافة مواد كيميائية في الشمة المحلية، لأنها تُصنع في محال صغيرة ومتواضعة. يشير إلى أنه يستحيل على الدولة منع الشمة في الوقت الحالي، لأن شريحة واسعة من اليمنيين باتوا لا يستطيعون الاستغناء عنها.
وتفيد آخر دراسة أعدت قبل سنوات في قسم جراحة الفم والفكين، في مستشفى الثورة العام في صنعاء (حكومية)، بأن أكثر من 90 في المائة من المرضى المصابين بسرطان الفم يتعاطون الشمة أو يمضغون نبتة القات.
اقــرأ أيضاً
في هذا الإطار، يؤكّد طبيب الأسنان خليل الصبري، أن تعاطي الشمة يؤدي إلى الإصابة بأمراض مختلفة، أبرزها سرطان الفم واللثة، وهو أكثر السرطانات انتشاراً في اليمن حالياً، إضافة إلى سرطان الحلق والجهاز التنفسي والمعدة. كما أنه يؤدي إلى تسوس واصفرار الأسنان والتهاب اللثة. يضيف لـ "العربي الجديد": "يجب على الجهات المعنية في الدولة العمل الجاد على مكافحة تعاطي الشمة، من خلال تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطرها"، مؤكداً أن شريحة كبيرة من المجتمع اليمني تُقبل على تعاطي الشمة، في ظل تجاهل كامل من قبل السلطات الرقابية.
في هذا السياق، يقول إبراهيم عبده (29 عاماً)، وهو من سكان مديرية شعوب في صنعاء، إنه بدأ تعاطي الشمة البيضاء قبل أكثر من عشر سنوات. منذ ذلك الوقت، لم يعد يستطيع تركها على الإطلاق. يضيف لـ "العربي الجديد": "أحد الأصدقاء في الحي الذي أسكنه أقنعني بتجربتها مرة واحدة. يومها، شعرت بدوار وغثيان شديدين، وعزمت على تركها، لكنني فشلت في ذلك، ووجدت نفسي أتعاطاها مجدداً، على الرغم من معرفتي الكاملة بمخاطرها الصحية". ويشير إلى أنه لم يستطع إخفاء التعاطي عن أسرته لأكثر من شهرين، بسبب الرائحة المزعجة في فمه وتغير لون أسنانه مع مرور الوقت. ويؤكد أنه حاول مراراً ترك الشمة بناءً على طلب من والديه، لكنه لم يستطع الصمود لأسبوع واحد. وفي كل مرة، كان يعود إليها أكثر من ذي قبل. ويعزو السبب الرئيسي لانتشار تعاطي الشمة بين أوساط اليمنيين إلى رخص ثمنها، إذ بالإمكان شراء كيس صغير من الشمة بمبلغ 100 ريال يمني (20 سنتاً أميركياً)، يكفي الشخص لمدة يوم أو يومين.
من جهته، يقول علي عبد الملك (31 عاماً)، هو من سكان محافظة الحديدة (غرب)، إنه أصيب خلال السنوات القليلة الماضية بأمراض التهاب اللثة، وحساسية الصدر، والجيوب الأنفية، والربو المزمن، ونقص المناعة، من جراء استمرار تعاطيه للشمة السوداء. على الرغم من ذلك، فإنه لم يتركها حتى الآن. يضيف عبد الملك لـ "العربي الجديد": "أتعاطى الشمة منذ 15 عاماً، ولا يمكنني التخلي عنها تحت أي ظرف، لأنها الشيء الوحيد الذي يشعرني بالسعادة في الوقت الحالي، خصوصاً بعد فقداني لوظيفتي، من جراء الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد نتيجة الحرب". ويؤكد عبد الملك أن غالبية سكان المحافظة، بمن فيهم الأطفال، يتعاطون الشمة بشكل يومي. "ويحاول الناس البحث عن أشياء تنسيهم هموم الحياة، ولا يوجد أرخص من الشمة، على الرغم من رائحتها السيئة وشكلها المقرف لغير المتعاطين". ويشير إلى أن مصانع الشمة تنتشر في كل أنحاء المحافظة، بسبب الإقبال الشديد عليها.
وانتشرت ظاهرة تعاطي الشمة الهندية المستوردة والمسماة بـ "الحوت" في المدارس بشكل لافت خلال السنوات القليلة الماضية، بحسب فوزي عبد الرحمن. يقول لـ "العربي الجديد" إن طلاباً كثيرين يتم ضبطهم أثناء عمليات التفتيش المفاجئة التي تنفذها إدارة المدرسة، وفي حوزتهم "شمة الحوت" المستوردة. ويؤكد أن الطلاب المتعاطين يقومون برمي مخلفات الشمة بعد مضغها من شبابيك الفصول الدراسية وفي دورات المياه، ما يُثير سخط الإدارة من جراء شكلها ورائحتها البشعة.
إلى ذلك، يقول التلميذ عبد الله الذماري، وهو من سكان صنعاء، إن الكثير من تلاميذ المدراس يقبلون على تعاطي "شمة الحوت" الهندية، بسبب شكلها الجذاب ورخص ثمنها. يضيف: "التلاميذ يفضلون شراء شمة الحوت المستورد، لأنها لا تترك أثراً كبيراً في الفم خلال تعاطيها، بالمقارنة مع الشمة المحلية (البيضاء والسوداء)، كما أنه يسهل إخفاؤها عن المدرسين في الفصول الدراسية والأهل في المنازل". يشير الذماري إلى أن بعض الطلبة يقومون ببيعها داخل المدارس، أثناء فترات الراحة، كما البعض منهم يتعاطاها خلف المباني الدراسة، من دون أية رقابة من الإدارة، على الرغم من معرفتها الكاملة بتلك التجاوزات.
وعن مكونات تحضير الشمة المحلية، يقول أحمد عمر وهو صاحب بسطة متنقلة لبيع الشمة في صنعاء، إن الشمة البيضاء تُحضر من تبغ خاص يستورد من الهند، وملح يسمى بـ "الكار" يستورد من كينيا، ويطحن كلّ مكوّن على حدة، قبل خلطهما بعضهما مع البعض الأخر، بعد تجفيف التبغ وتنظيفه من الأتربة وكافة الشوائب. ويوضح عمر لـ "العربي الجديد" أنه لا صحة لما يُروج عن إضافة مواد كيميائية في الشمة المحلية، لأنها تُصنع في محال صغيرة ومتواضعة. يشير إلى أنه يستحيل على الدولة منع الشمة في الوقت الحالي، لأن شريحة واسعة من اليمنيين باتوا لا يستطيعون الاستغناء عنها.
وتفيد آخر دراسة أعدت قبل سنوات في قسم جراحة الفم والفكين، في مستشفى الثورة العام في صنعاء (حكومية)، بأن أكثر من 90 في المائة من المرضى المصابين بسرطان الفم يتعاطون الشمة أو يمضغون نبتة القات.
في هذا الإطار، يؤكّد طبيب الأسنان خليل الصبري، أن تعاطي الشمة يؤدي إلى الإصابة بأمراض مختلفة، أبرزها سرطان الفم واللثة، وهو أكثر السرطانات انتشاراً في اليمن حالياً، إضافة إلى سرطان الحلق والجهاز التنفسي والمعدة. كما أنه يؤدي إلى تسوس واصفرار الأسنان والتهاب اللثة. يضيف لـ "العربي الجديد": "يجب على الجهات المعنية في الدولة العمل الجاد على مكافحة تعاطي الشمة، من خلال تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطرها"، مؤكداً أن شريحة كبيرة من المجتمع اليمني تُقبل على تعاطي الشمة، في ظل تجاهل كامل من قبل السلطات الرقابية.