العراقيات هن الأكثر تضرراً من الحرب

25 يونيو 2019
في أحد مخيمات الموصل (سافين حامد/ فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من أنّ الحرب في العراق أثّرت على جميع السكان، إلا أن معاناة النساء كانت أكبر مقارنة بشرائح المجتمع الأخرى

أظهرت نتائج مسح شاركت فيه عدة مراكز بحثية وحقوقية عراقية، وشمل ثلاث محافظات منكوبة بفعل الحرب الأخيرة على تنظيم "داعش"، وهي الأنبار ونينوى وديالى، أنّ النساء هن الأكثر تضرراً من الحرب وما خلّفته في تلك المناطق. وتبين أنّ الحرب كانت أقسى على العراقيات في القرى والأرياف والمدن النائية مقارنة بالمدن التي يسلط عليها الضوء حقوقياً وإعلامياً.

المسح الذي أجرته "شبكة صوتها للمدافعات عن حقوق الإنسان" و"منتدى الإعلاميات العراقيات" شمل عينة من مئات النساء العراقيات في المحافظات الثلاث الواقعة في شمال وغرب وشرق العراق، وأظهر تعرّض 58 في المائة من النساء إلى العنف من مختلف الأشكال خلال الفترة الماضية، وجاء العنف الاجتماعي كأكثر أشكال العنف ارتكاباً ضدهن بنسبة 46 في المائة، يليه العنف البدني بنسبة 24 في المائة.




وتوزعت نتائج المسح على مؤشرات اجتماعية وصحية واقتصادية وأمنية وقانونية، من أبرزها نزوح 81 في المائة من النساء ثم عودة 75 في المائة منهن إلى مدنهن بعد استتباب الأمن، وتدني نسبة التعليم للنساء بواقع 16 في المائة، وزيادة نسبة المطلقات والأرامل إلى 25 في المائة، بالإضافة إلى تراجع المجتمع الحضري وزيادة منسوب العشائرية والطائفية والريفية بنسبة 55 في المائة. وكذلك، فقدان الأمان في المخيمات، إذ تعرضت 9 في المائة من النازحات للعنف، وكانت الأكثر عرضة للعنف داخل المخيمات النساء من محافظة الأنبار. ويرافق ذلك العنف ضعف إقبال المرأة على تقديم شكوى عند تعرّضها له داخل المخيمات، مبررة ذلك بعدم وجود جهة موثوقة تلجأ إليها والخوف من نظرة المجتمع، كما صوتت 75 في المائة من النساء أنّهن يجهلن القوانين الضامنة لحقوقهن، كما أكدت النسبة نفسها أنّ المجتمع العراقي في حاجة إلى جميع أشكال المصالحة لتحقيق السلم المجتمعي.

يعتبر مدير لجنة حقوق الإنسان في الأنبار، محمد الفهداوي، أنّ المسح يلامس الواقع في جوانب عديدة، إذ يشير إلى أنّ القرى والأرياف والمدن النائية، البعيدة عن الرصد والكاميرات، كانت فيها معاناة المرأة أعلى. يضيف الفهداوي، لـ "العربي الجديد"، أنّ الحلقة الأضعف في هذا الصراع هي المرأة للأسف، فالمرأة تحملت أكبر المآسي، ولا يمكن استبعاد تورط الحكومة في إهمال تقديم مساعدات للمتضررات، سواء الأرامل والمطلقات والثكالى واليتيمات وذوات الإعاقة والجريحات والمسبيّات أو المتعرضات للعنف والاعتداء الجسدي. يتابع أنّ هناك قصصاً كثيرة لم تُروَ بعدُ حول هذا الملف تحديداً.

بدورها، تقول الباحثة الاجتماعية منى كاطع، لـ "العربي الجديد"، إنّ العديد من النساء في محافظة ديالى، تعرّضن للعنف خلال السنوات الماضية، نتيجة النزوح في بعض مدن المحافظة، منذ منتصف يونيو/حزيران 2014، إذ اضطرت نسبة كبيرة من النساء النازحات والمهجرات إلى العيش في مخيمات أو مناطق عشوائية تفتقر إلى أدنى مقومات العيش، وكان عليهن تدبير معيشة أسرهن، خصوصاً أنّ أزواج الكثيرات منهن فقدوا أعمالهم، وهو ما دفع النساء إلى العمل لتدبير أمور أبنائهن، وسط ظروف أقل ما يقال عنها إنّها قاسية.

تتابع كاطع، وهي عضوة في "جمعية أجيال لتنمية الذكاء والإبداع" في ديالى: "بالرغم من استقرار الوضع الأمني نوعاً ما، فبعض النساء ما زلن يعانين الخوف والقلق وعدم الاطمئنان، في ظل مجتمع تحكمه بعض الأعراف والتقاليد العشائرية الخاطئة، إذ تمتنع العديد من النساء ممّن تعرّضن للعنف من قبل أحد الزملاء أو أفراد الأسرة، عن التبليغ عن تلك الحالة خوفاً من الأعراف المجتمعية التي لن تنصفهن وإن كنّ محقات، ما يجعلهن يتخلين عن حقوقهن المشروعة لإرضاء الآخرين". توضح أنّ نسبة كبيرة من النساء لا سيما النازحات منهن تركن المدرسة أو لم يلتحقن بها أساساً نتيجة لسوء الوضع الأمني والنزوح والفقر.

تؤكد كاطع، على ضرورة الاهتمام بشريحة النساء اللواتي تعرضن للعنف نتيجة لظروف أحاطت بهن، لأنّ إعادة برمجة حياتهن يمكن أن يحسّن بشكل إيجابي عملهن وتربية أبنائهن وحياتهن بشكل عام؛ وهي مهمة تقع على عاتق الجهات المختصة في البلاد والمنظمات الدولية والمحلية من أجل دمجهن بشكل صحي وسليم في المجتمع، فلا بد من تنظيم دورات وبرامج خاصة بالنساء المعنفات والاهتمام بحالتهن النفسية والصحية وتمكينهن اقتصادياً.




وكانت دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بيّنت أن 63 في المائة من حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي في العراق مرتكبة من قبل أحد أفراد الأسرة.
المساهمون