صحة شمال سورية مهددة

04 ديسمبر 2019
داخل أحد المستشفيات التي تعاني (جورج أورفاليان/ فرانس برس)
+ الخط -

بدأت أزمة المحروقات تهدّد القطاعات الحيوية بالتعطيل في الشمال السوري، وعلى رأسها القطاع الصحي. وتعمد المستشفيات وسيارات الإسعاف إلى تقنين ساعات عملها، ما جعل الكثير من المواطنين يحرمون من الخدمات الطبية، وسط مخاوف من احتمال توقفها عن العمل بشكل كامل في حال استمرار أزمة المحروقات.

يقول مدير مستشفى جسر الشغور عبد الرحمن السلوم، لـ "العربي الجديد": "أوقف قسم الحاضنات، وقسم الاستشفاء للمرضى، والمطبخ، كما تم تحديد ساعات لإجراء التصوير الشعاعي وهو ساعتان صباحاً وساعتان مساء، إضافة إلى إجراء التحاليل المخبرية في الوقت نفسه. ولا يوجد تدفئة للكادر الطبي، ونعمل حالياً على ما تبقى من محروقات. وحتى اليوم، لم نستطع تأمين محروقات". يضيف: "المرضى مضطرون للالتزام بهذه المواعيد في حال كان هناك تحليل أو تصوير. ومن يحتاج إلى حاضنة او مستشفى يحول إلى مستشفى آخر على غرار مستشفى القنية، الذي يعاني أيضاً بسبب التقنين في تشغيل المولدات".




ويشير إلى أن "المستشفى اليوم يعمل بـ 40 في المائة من طاقته، من جراء شح الوقود وعدم وجود مخزون، ونعمل بما يؤمن يومياً. وفي حال لم يتوفر الوقود في السوق، سيتوقف المستشفى عن العمل بشكل كامل. كما أن سعر الوقود مرتفع ما يمنعنا من شراء مخزون منه".

ويوضح السلوم أن "دعم المستشفى متوقف منذ بداية الشهر الجاري، وما من أموال كافية لشراء الوقود". ويبين أن الأمر يتعلق بأكثر من عشرة آلاف مريض وأكثر من 200 عملية جراحية شهرياً". ويطالب المسؤولين في مناطق سيطرة المعارضة بتحمل مسؤولياتهم في تأمين المحروقات بسعر مقبول، خصوصاً للمؤسسات الحيوية كالمستشفيات والمخابز وغيرها. وحثت المجالس المحلية الحكومة المؤقتة على القيام بواجباتها حيال هذه المؤسسات.

من جهته، يقول رئيس دائرة الدراسات في مديرية صحة حلب محمد سعيد اليوسف، لـ "العربي الجديد": "هناك أزمة محروقات كبيرة، والمحروقات باتت اليوم شبه معدومة، حتى أن لتر المازوت غير المعالج وصل ثمنه إلى 700 ليرة (نحو 1.3 دولار)، وهو غير متوفر. الغاز المنزلي مفقود ما يعني أننا مقدمون على مجاعة بكل معنى الكلمة. كل الأسعار ارتفعت، حتى أن بدلات الإيجار أصبحت تدفع بالدولار بعدما كانت تدفع بالليرة السورية".

يضيف: "لا يوجد أي دعم لدينا. يومياً، يتراجع العمل في المستشفيات بنسبة 10 في المائة، كما أن أزمة تراجع الدعم تطال الرواتب. بعض المنشآت توقفت عن العمل، واخرى خفضت الرواتب، ومنها لديها تأخير في دفع الرواتب لشهرين".

ويحذر من أن "المتوفر من الوقود في طريقه إلى النفاد، ما يعني توقف العمل بشكل تام في المستشفيات. وبحسب الوضع الحالي، من المتوقع أن تتوقف منظومة الإسعاف مع حلول منتصف الشهر المقبل، أو في نهاية الشهر بأقصى حد".

ويوضح أن "عدد سكان الريف الغربي يبلغ نحو 700 ألف نسمة، إضافة الى نحو 300 ألف نازح، هم أكثر المتضررين من الفقراء، وقد يكون الوضع في الريف الشمالي أقل ضرراً بسبب الدعم التركي".

من جهته، يقول مدير مديرية صحة الساحل خليل أغا، لـ "العربي الجديد": "الأزمة بدأت منذ شهرين تقريباً، وتفاقمت خلال الأيام الماضية بشكل كبير جداً بالتزامن مع تراجع دعم المنظمات بنسبة 50 إلى 60 في المائة للمستشفيات والمراكز الصحية". يضيف: "هناك منظمات أوقفت الدعم بشكل تام، وهذا أثر بشكل كبير قبل أزمة الوقود، التي فاقمت الوضع".

ويوضح أن "المسشفيات تعاني بسبب انعدام التدفئة وأزمة المختبرات وسيارات الإسعاف، علماً أن جميعها تعمل على الكهرباء، ما يعني الحاجة إلى مولدات تعمل على مدار 24 ساعة، وهذا يحتاج إلى وقود. لذلك، بدأنا تخفيض ساعات العمل من 24 ساعة إلى 18 ساعة، وبعدها إلى 12 ساعة ثم إلى 10 ساعات. واليوم، للضرورة الملحة فقط لا غير، أصبح الأمر شديد الصعوبة، حتى أن سيارات الإسعاف أوقفت بشكل تام، إلا في بعض الحالات المهددة للحياة، بسبب غياب الإمكانيات".



ويلفت إلى أن "التأثير السلبي لهذه الأزمة كان كبيراً على الأهالي، وكل مفاصل العمل الطبي، وهذا ينسحب على مختلف القطاعات الحياتية للناس، في ظل وضع اقتصادي سيئ جداً".
وكانت كل من مديريتي الصحة في إدلب والساحل، أصدرتا بيانين منفصلين، حذرتا فيه من أن عشرات المستشفيات والمنشآت الصحية مهددة بإغلاق أبوابها والتوقف عن تقديم خدماتها بسبب انعدام المحروقات وارتفاع أسعارها، وسط غياب الدعم من المنظمات الدولية، وهو ما يهدد بوقوع كارثة إنسانية كبيرة.

وطلبت المديريتان من الجهات المختصة والمنظمات المعنية توفير هذه المادة بأسرع وقت ممكن، لتقديم الحد الأدنى من العمل الطبي في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي تترافق مع توقف الدعم من قبل العديد من المنظمات الأساسية.
المساهمون