تشترك الفلسطينيتان آلاء طعيمة وصديقتها إيمان الطناني في تطريز قطعة تراثية بألوان متنوعة، في تحدٍ لإصابتهما بـ"متلازمة داون"، إذ بدأتا تعلم التطريز منذ الصغر حتى وصلتا إلى مرحلة الاحتراف.
تشارك في التطريز والأعمال اليدوية التي تحتضنها جمعية "الحق في الحياة"، شرقي مدينة غزة، مجموعة من الفتيات والسيدات المصابات بمتلازمة داون، ولفتت منتجاتهن أنظار الجمهور الفلسطيني خلال معارض عدة، إذ تمتاز بدقة الأداء، وتنوع الألوان والرسومات، رغم أن مرضهن يخلف عددا من المشكلات في التركيز ويترك أثرا على القدرات العقلية والحركية.
ودمجت المشاركات فن التطريز مع الأشغال اليدوية لينتجن حقائب نسائية، وأدوات مطبخ، وملابس نسائية، وإكسسوارات متنوعة، علاوة على تطعيم الأثاث المنزلي بالقطع القماشية المطرزة.
وقالت ألاء طعيمة (33 سنة)، لـ"العربي الجديد"، إنها بدأت التعلم منذ صِغرها حتى أتقنت مختلف أشكال التطريز، وإنها تمارس العمل يوميا في مقر الجمعية.
وقالت إيمان الطناني (23 سنة)، لـ"العربي الجديد"، إنها أصبحت متمكنة من إنتاج مختلف أشكال وأحجام وأنواع التطريز، وبألوان عديدة ومتداخلة بعد فترة من التدريب.
وأكدت زميلتهما ولاء أبو حبل سعادتها البالغة بالعمل ضمن فريق الجمعية، خصوصا بعدما بدأ عرض منتجاتها، وبروز مدى احترافها في التطريز، بينما كانت زميلتها أماني النواجحة تعرض حقيبة صغيرة أنتجتها أخيرًا.
وكانت الشابة هبة المدلل منشغلة في تطريز قطعة قماش بيضاء، وتطعيمها باللونين الأحمر والأسود، وقالت لـ"العربي الجديد"، إن سعادتها تزداد بعد إنتاج كل قطعة تطريز، خصوصا إذا نالت الإعجاب.
تسكن هبة العطار (31 سنة)، في شمال مدينة غزة، وتتوجه يومياً إلى مقر الجمعية، شرقي المدينة، في السابعة والنصف صباحاً، وقالت إنها ترغب في مواصلة تطوير قدراتها لإنتاج قطع أجمل تلفت الأنظار.
بينما انشغلت ولاء أبو زيد (22 سنة)، في تطريز قطعة قماشية لدمجها في صناعة صينية وإهدائها إلى والدتها، وقالت صديقتها شوق جعرور لـ"العربي الجديد"، إنها تمكنت من دمج التطريز في المشغولات اليدوية، كالإكسسوارات والحقائب وأدوات المطبخ.
من ناحيتها، توضح المُدربة وداد القيشاوي (79 سنة)، أن "المؤسسة تحتضن المصابات بمتلازمة داون، وترعاهن من خلال مجموعة مراحل، وصولاً إلى المرحلة المهنية النهائية اللاتي يصبحن فيها محترفات"، وبينت لـ"العربي الجديد"، أن "التعامل مع الفتيات ليس سهلاً، خاصة في ظل فروق التعلم والاستيعاب، إلا أننا نحاول تكثيف التدريب، وبعد تدريبات متواصلة تعلمت الفتيات الغُرزة، ومن ثم تحريك الغُرزة، وبعد ذلك تعلمن النقلات والرسومات السهلة، وتدرجن حتى وصلن للاحتراف".
وتشير القيشاوي إلى أن الفتيات قمن بصنع مختلف المنتجات التي يدخل فيها التطريز بهدف تعزيز التراث الفلسطيني والحفاظ عليه، ولفتت أعمالهن أنظار الجميع في المعارض المختلفة، إذ صنعن أدوات المطبخ، والشراشف، والإكسسوارات، والمُعلقات، وغيرها.
وأوضح مدير البرامج التأهيلية في جمعية الحق في الحياة، نبيل جنيد، لـ"العربي الجديد"، أنه تم استقطاب الفتيات منذ الصِغر، وتدرجن في مراحل التعلم وصولاً إلى برنامج التأهيل المهني، مضيفا أن "الجمعية توفر المواد الخام الخاصة بورشة التطريز، وتسعى إلى خلق جيل من ذوي متلازمة داون يتمكن من الاعتماد على ذاته حتى لا يكون عبئا على أسرته أو المجتمع".
وتابع جنيد: "أصبحت الطالبات مُنتِجات بشكل احترافي، إلا أنهن يواجهن مشكلة في تسويق منتجاتهن بالسوق المحلي، وأدعو الجميع إلى الاهتمام بمنتجاتهن، وخاصة أن ريع المنتجات يعود إليهن وليس إلى الجمعية".