تركيا تمدّد "التعليم المكثف" للسوريين

22 ديسمبر 2019
التعليم أولوية للتلاميذ السوريين (فولكان كاشيك/ الأناضول)
+ الخط -
وفق مصادر رسميّة تركية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن أنقرة أعادت تمديد مشروع "التعليم المكثف" للتلاميذ السوريين المنقطعين عن الدراسة، بعد التمويل الأوروبي الجديد. تضيف أن المشروع سيأخذ صفة الإلزام "حتى إحضار التلاميذ من منازلهم"، ويرافق ذلك دفع راتب شهري للطفل قدره 60 ليرة تركية (نحو 13 دولاراً)، ليلتحق التلاميذ بالمدارس التركية بحسب مستوى تعلم اللغة وعمر التلميذ.

تقول المعلمة التركية زينب عطية لـ"العربي الجديد": "جاء إعلان مديرية التربية التركية لضرورة متابعة الأولاد السوريين المتسربين من المدارس، وإخضاعهم لدورة مكثفة مدتها ثلاثة أشهر، يتعلمون خلالها اللغة التركية ليخضعوا بعدها لاختبار قبل تحويل الأولاد الذين يحوزون على 60 في المائة وما فوق إلى المدراس التركية، بحسب العمر، على أن تكون قريبة من أماكن سكنهم".

وحول أعمار التلاميذ المستهدفين بالمشروع، تضيف عطية: "تشمل الخطة مواليد أعوام 2007 و2008 و2009، الذين لم يسبق لهم أن تسجلوا في المدرسة سابقاً. وستتكفل المراكز الشعبية (هالك ايتيم) بتعليمهم ومنحهم شهادة بعد الدورة، تخولهم التسجيل في المدارس التركية".




وتلفت عطية إلى أن "هناك مشكلة نعانيها خلال دمج التلاميذ السوريين المسجلين حالياً في مدارس تركية، وهي خروج التلاميذ من الصفوف لتعلّم التركية، ما يؤثر على مستواهم في بقية المواد". وتقترح أن تلحظ التربية التركية هذه المشكلة، وتخصيص فترات خارج الدوام المدرسي الرسمي لتعليم التلاميذ السوريين التركية، أسوة بالخطة الجديدة للتعليم المكثف".
وتختم قائلة: "دائماً تأتي الخطط ارتجالية أو منقوصة، وربما لذلك علاقة بالتمويل الأوروبي الذي ينقطع ثم يعود".

ويهدف مشروع "التعليم المكثف" إلى إنقاذ مستقبل مليون و700 ألف طفل سوري وعراقي، ممن اضطروا إلى ترك مدارسهم من جراء الأزمات والحروب في بلدانهم، ويعانون في تركيا تحديات ومصاعب عدة، أبرزها التعليم وعدم إتقان اللغة التركية، الأمر الذي يقف عائقاً أمامهم لإتمام تعليمهم في المدارس التركية، والاندماج في المجتمع التركي.

وتقول مصادر من مديرية تربية الفاتح في إسطنبول لـ"العربي الجديد": "أطلق مشروع التعليم المكثف لتعلم اللغة التركية، ويشمل 75 مركزاً من مراكز التعليم الشعبي في 12 ولاية تركية بهدف إنقاذ مستقبل جيل من أطفال اللاجئين من الضياع، وتمكينهم من تعلم قراءة وكتابة اللغة التركية في أقصر وقت ممكن، وبالتالي اندماجهم في المجتمع الذي يعيشون فيه".

وتقدّر المصادر عدد الأولاد السوريين المتسربين من المدراس بـ"عشرات الآلاف". ويؤكد مساعد وزير التربية والتعليم التركي ريها دينامتش، خلال تصريحات صحافية أخيراً، أن نسبة التحاق الطلاب السوريين بالمدارس التركية للعام الحالي وصلت إلى 90 في المائة، أي ما يقارب 780 ألف تلميذ سوري للعام الدراسي الحالي 2019 – 2020.

ويكشف العامل في مركز التعليم الشعبي "هالك ايتيم"، عبد المؤمن هالك، أن المشروع ممول من قبل الاتحاد الأوروبي، وهو عبارة عن شراكة بين وزارتي التعليم والشباب والرياضة، والهلال الأحمر التركي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). وكان من المفترض أن يتوقف هذا العام، لكن المنحة الأوروبية الجديدة جعلتنا نمدده حتى الشهر الثامن من العام المقبل".

ويبين التركي لـ"العربي الجديد" أنّ مشروع التعليم المكثف يشمل شريحتين عمريتين، الأولى من عمر 7 حتى 12 عاماً، والشريحة الثانية من 13 حتى 17 عاماً، متوقعاً إقبال السوريين على الدورات. ويكشف أن موظفي التعليم الشعبي في تركيا يذهبون إلى بيوت التلاميذ لتحضيرهم، "وتتم معرفة المتسربين من خلال دائرة الهجرة التي تتعاون مع المركز. لكن المشكلة تكمن في من ليس لهم أسماء في مديرية الهجرة، وهم المسجلون سابقاً في المدراس لكنهم انقطعوا أو غيروا مساكنهم".

وكانت الحكومة التركية، ومنذ عام 2016، قد اتخذت بعض الإجراءات، في محاولة لمساعدة الأهالي على دمج أبنائهم وتجاوز عائق اللغة، من خلال إخضاع التلاميذ الأجانب لدورات صيفية تحضيرية، أتبعتها بما يسمى "التعليم المكثف" الذي أطلقته في 12 ولاية تركية، واستفاد منه نحو 5 آلاف و656 طفلاً لاجئاً، خلال الفترة ما بين مايو/ أيار وديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، ويتم استكمال المشروع اليوم بعد وصول المساعدات الأوروبية.

وكان دينامتش قد كشف أخيراً أن عدد الأطفال السوريين الذين يتلقون التعليم في المدارس التركية حالياً بلغ نحو 650 ألف طفل. ويشير إلى تعرض 6.5 ملايين شخص للتهجير من سورية بسبب الحرب المستمرة منذ 8 أعوام، بينهم 3.6 ملايين شخص تستضيفهم تركيا.

وحول استمرار مراكز التعليم المؤقتة، يضيف المسؤول التركي أنه في الوقت الراهن يتلقى نحو 650 ألف طفل سوري التعليم في المدارس التركية، وقسم قليل منهم موجود في مراكز التعليم المؤقتة. لكن بعد عام، سيتشاركون جميعاً الصفوف نفسها مع أشقائهم الأتراك في المدارس التركية، مشدداً على ضرورة تعلّم اللغة قبل كل شيء من أجل الاندماج في مجتمع ما.




ويلفت مساعد وزير التربية إلى وجود نحو 500 ألف مولود سوري في تركيا، وأن هؤلاء سيستفيدون من إمكانيات التعليم في المستقبل، وأن نسبة الأطفال السوريين الذين يذهبون إلى المدارس في تركيا ممن هم في المرحلة الابتدائية، بلغت 90 في المائة.
المساهمون