وناقش المؤتمر أوضاع التّعليم العربي في ضوء الفجوات العميقة في نتائج امتحانات "بيزا" الدولية التي نشرتْ أخيراً، وقد شارك في تنظيمه اللجنة القطريَّة لرؤساء السلطات المحليَّة العربيَّة، ومجلس كفركنا المحليّ، ومديرو أقسام التربيّة والتّعليم.
وأوصى المؤتمر بتغييرات عدة في المضامين والمناهج وطرق التدريس، وضرورة بناء خطّة استراتيجيَّة شموليّة لسَدِّ الفجوات والنهوض بالتّعليم العربي، ودعا إلى إدارة ذاتية في قضية تعليم اللغة العربية لفلسطينيي الداخل.
وقال مدير لجنة قضايا التعليم العربي، عاطف معدي: "يجب أن نعتمد خطة متكاملة لننهض بالتعليم العربي، ونسدّ كل الفجوات. فنحن كسلطات محلية ومدارس ومعلمين ومديرين، مسؤولون عن جزء من هذا الفشل. وزارة التربية والتعليم لديها مسؤولية، ثم السلطات المحلية. يجب رفع شأن التعليم العربي، والاستثمار فيه بشكل جدي، وصولاً إلى إدارة ذاتية داخل مؤسسات التعليم".
وأضاف معدي: "توجد غربة كبيرة في مناهج التعليم التي لا تمثّل حضارتنا ولا لغتنا ولا ثقافتنا التي نعتز بها، كما أن روايتنا التاريخية غائبة، فكيف نربي دون منظومة قيمية؟".
وقالت المحاضرة هديل كيال: "أزمة اللغة العربية في بيئتها الناطقة بها، وعلى معلم اللغة العربية أن يؤمن برسالته حين يدخل إلى الصف، وأن يدرك أنه يربي على اللغة العربية، وليس فقط يقوم بتعليمها. اللغة العربية لغة التفكير، وعلى المعلم أن يطور من قدرة الطالب على التفكير باللغة الأم، فلا يمكننا خلق جيل مفكر وباحث وناقد بغير ذلك".
وأوضحت كيال: "لا أريد أن أوجه أصابع الاتهام إلى المعلم، ولكني أرى المعلم محركاً للتغيير، وإذا قام معلم اللغة العربية بأداء رسالته بشكل صادق، فعندها يمكننا أن نرى مشهداً تربوياً ولغوياً نفخر به".
وقال الأكاديمي المختص باللغة العربية، مروان أبو غزالة: "تتدهور مكانة اللغة العربية منذ عام 1948 حتى الآن، ويرجع ذلك إلى السياسة اللغوية للسلطة المركزية التي تمنح الهيمنة للغة العبرية على حساب العربية، وهذا يظهر في المشهد اللغوي، وفي لافتات الشوارع، وفي المعاملات الحكومية، وفي سوق العمل، كما أنها لغة التعليم العالي، فجميع الجامعات تدرس باللغة العبرية، وفي بعض الدورات تسبق اللغة الإنكليزية اللغة العربية".
ولخص رئيس الهيئة الإدارية للجنة قضايا التعليم العربي، شرف حسان، نتائج امتحان "بيزا" باعتباره مؤشراً مقلقاً على مكانة اللغة العربية التي باتت في خطر، موضحاً أن "مكانة اللغة العربية ليست مسؤولية المعلمين فقط، بل مسؤولية جميع أفراد المجتمع، والسلطات المحلية، فعندما يرى الطالب اللغة العربية مذمومة أو غائبة، تتكون عنده فكرة مسبقة عن دونية تلك اللغة، فيتعامل معها على هذا النحو".
وأضاف حسان: "نحن بحاجة إلى ثورة تعليمية، وثورة مجتمعية، ونهضة مؤسساتية، كما أننا بحاجة إلى تغيير طريقة التفكير، وإلى سياسات وآليات عمل تأخذ زمام المبادرة في تحمل المسؤولية عن هذا الواقع".
وأطلقت لجنة قضايا التعليم خلال المؤتمر مشروع "عام اللّغة العربيّة والهويّة"، تحت شعار "بالعربيّة نعتزُّ ونرتقي"، وهي مبادرة لتجهيز نحو مائة منشور تهدف إلى تصحيح الأَخطاء اللُّغوية الشائعة في اللُّغة العربيّة، وترجمة عدد من الكلمات المستخدمة في اللُّغة المحكيَّة بين المواطنين العرب في الداخل.