اختفاء لقاحات الإنفلونزا في مصر

28 نوفمبر 2019
خلال فترة انتشار إنفلونزا الخنازير في مصر(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
مع بدء موسم الشتاء في مصر، تسعى الكثير من الأسر إلى شراء لقاح الإنفلونزا للوقاية من أمراض الشتاء (نزلات البرد أو الإنفلونزا)، الأكثر شيوعاً خلال موسم الشتاء، والتي تصيب الجهاز التنفسي والصدر، وتؤثّر على كبار السن والأطفال والحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة بشكل عام.

وخلال الشهر الماضي، أقبل كثيرون على شراء اللقاحات، قبل أن تختفي من الصيدليات والمراكز الصحية التي يوصي بها الأطباء لعدد من أصحاب الأمراض المزمنة، خوفاً على صحّتهم نظراً لضعف مناعتهم. وزادت أسعار تلك اللقاحات إلى أكثر من مائة في المائة في عدد من الصيدليات، وبات يتراوح سعرها ما بين 100 (6.2 دولارات) و130 جنيهاً (نحو 8 دولارات) في السوق السوداء، بدلاً من 65 جنيهاً (4 دولارات) بحسب وزارة الصحة المصرية.

وينفي الصيدلي طلعت محمود ما تردّد من قبل وزارة الصحة بتوفير لقاحات للإنفلونزا في الصيدليات والمراكز الطبية، مؤكداً أن النقص لا يشمل اللقاحات فقط، بل أيضاً أدوية أخرى، ما يهدّد حياة أصحاب الأمراض المزمنة، ويكلّفهم حياتهم. ويوضح أن الصيدلي عادة ما يكون الأقرب إلى المريض، ومتابعاً لحالته وظروفه، مضيفاً أنّ الصيدليات في عدد من المحافظات تفتقد إلى الكثير من الأدوية. ويُحذّر محمود من خطورة وجود لقاحات مهربة وفاسدة وغير صالحة للاستخدام، مشدداً على أن غالبية اللقاحات الموجودة غير مجدية ولها أعراض جانبية خطيرة، كما أن التلاعب بالأدوية بصفة عامة جريمة خطيرة يجب أن يعاقب عليها القانون. وما يحدث ما هو إلا تجارة بألم المرضى من أجل جمع المال، مبيناً أن التسعيرة "السوداء" للقاحات نزلات البرد دليل على مدى تحكّم المحتكرين بقطاع الدواء بصفة عامة.



من جهته، يقول مسؤول في وزارة الصحة إن الإدارة العامة للتفتيش الصيدلي تفتّش الصيدليات بصفة دورية. وإذا ثبت وجود لقاح فاسد، يتم التحقيق وإنشاء محضر وإغلاق الصيدلية، كما يسعى المفتشون للتأكد من سلامة التخزين، وربما يتعرض الصيدلي لعقوبة السجن أو الغرامة بتهمة تداول لقاح مُهرب أو فاسد، مطالباً المواطنين بالإبلاغ عن أي لقاحات فاسدة. ويشدد على ضرورة تحرك الجهات الطبية المسؤولة لمواجهة أزمة النقص في الأدوية التي أصبحت ظاهرة خلال السنوات الأخيرة، ومواجهة الأدوية الفاسدة، إضافة إلى ضرورة تأمين الأدوية كافة في الصيدليات.

إلى ذلك، يشير أستاذ الأمراض الصدرية الدكتور عادل زين إلى أنّ اختيار عدد من المواطنين شراء لقاحات الإنفلونزا زاد خلال السنوات الأخيرة، مع انتشار إنفلونزا الخنازير وإنفلونزا الطيور وغيرها من الأمراض. كما أن الحصول على اللقاح يحمي من مضاعفات الأمراض المزمنة، خصوصاً أمراض القلب والربو وحساسية الصدر، وأمراض الرئة والكلى والكبد، خوفاً من أن تسوء حالتهم، في حال كان جهاز المناعة لديهم ضعيفاً.

ويلاحظ إقبال النساء والعائلات على تلقيح الأطفال، خصوصاً المترددين على المدارس والحضانات، للحفاظ عليهم من نزلات البرد، في ظل الازدحام في الفصول، ما أدى إلى زيادة الإقبال على شراء اللقاحات. يضيف أن غالبيّة المصريّين، خصوصاً الفقراء والبسطاء، يقصدون الصيدلية للعلاج بمجرد شعورهم بأعراض الإنفلونزا. وفي بعض الأحيان، يحصل المريض على لقاحات مهربة أو مجهولة المصدر أو فاسدة، ويستغل البعض حاجة المرضى ورغبتهم في علاج رخيص الثمن، ما يؤدي إلى إصابتهم بأمراض أخرى.

ويسأل عدد من المرضى عن أسباب غياب الثلاجات في الصيدليات والمراكز الصحية، على الرغم من الحاجة الضرورية إليها. وتؤكد مروى محمد، وهي موظفة، إنها مرّت على الكثير من الصيدليات من أجل الحصول على لقاح الإنفلونزا من دون فائدة، مشيرة إلى أنها اعتادت تناول اللقاح سنوياً بحسب نصيحة الأطباء، كونها مريضة بالسكري، مشيرة إلى أنها حصلت عليه مؤخراً لكن في السوق السوداء. يضيف عصام شاكر، وهو صاحب محل تجاري، أنه مريض بالربو وقد حصل على اللقاح من إحدى الصيدليات التي أخبرته أنه مستورد، مبيناً أن حصوله على اللقاح زاد حالته الصحية سوءاً. بعدها، تردد كثيراً على الأطباء، ما كلفه آلاف الجنيهات للعلاج، إذ أظهرت تحليلات الدم أن اللقاح فاسد.



من جهتها، تقول سوسن محمد، وهي ربة منزل: "ابني مصاب بحساسية شديدة في الصدر، وقد اعتدت تلقيحه ضد الإنفلونزا الموسمية بناء على تعليمات الطبيب"، مشيرة إلى أن سعر اللقاح تعدّى المائة جنيه.
دلالات
المساهمون