أعلنت والدة عائشة الشاطر، ابنة القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين في مصر، خيرت الشاطر، المعتقلة والمضربة عن الطعام، عن تدهور الحالة الصحية لابنتها وتعسُّف إدارة السجن في علاجها.
وقالت والدتها إنّ المحامين، عندما يقدمون طلبات للسماح لهم بمتابعة حالة عائشة الشاطر؛ تردّ عليهم النيابة بمخاطبة السجن، بينما "في السجن يقولون لي: أحضري إذناً من النيابة، فيما النيابة تنتظر ردّ السجن. حالة عائشة في خطر، وأيّ إهمال في علاجها أو خطأ، فإنّ الجميع يعلم مدى الخطورة عليها. ماذا فعلت عائشة ليُفعل بها كلّ هذا، وماذا فعلنا نحن أيضاً كي تُكوى قلوبنا. أفرجوا عن ابنتي لعلاجها".
وتابعت: "دولة تعدّت كلّ خطوط الظلم، وقررت أن تعاقب عائشة بسبب الخصومة السياسية مع والدها، فتم القبض عليها وإخفاؤها قسرياً 21 يوماً بما يخالف القانون، وتعذيبها جسدياً ونفسياً، ثم ظهورها على ذمة قضية عبثية، وبعدها ترحيلها إلى السجن، وهناك حرمت من كلّ حقوقها، فوضعت في زنزانة انفرادية ومنعت من الزيارة وحرمت من رؤية أولادها، وتحمّلت كلّ هذا طوال 10 أشهر، وفي نهاية المطاف، قررت الإضراب عن الطعام إلى أن تدهورت حالتها الصحية وتغيبت عن الجلسة. وفي جلسة تالية وصلت في إسعاف. حياتها معرضة للخطر، فالدولة قررت أن تواصل ظلمها ضدها".
في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، جددت المحكمة حبس عائشة الشاطر 45 يوماً على ذمة التحقيق بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية، رغم تدهور حالتها الصحية ووصولها إلى مقر المحكمة بسيارة إسعاف. وقالت مصادر من عائلتها، إنّ عائشة خرجت بعد انتهاء الجلسة من باب خلفي بالمحكمة من دون السماح لأيّ من أهلها برؤيتها والاطمئنان عليها. وقالت شقيقتها: "نقلوها بالإسعاف لحالتها الحرجة التي رفضوا إخبارنا بسببها. لم يسمحوا لها برؤية أولادها أو أحد من أهلها. البلد ومؤسساته حرمانا كعائلة بمعرفة وضع ابنتنا المخطوفة منذ سنة كاملة، وممنوعة من كل وسائل الحياة".
وكانت أسرة عائشة الشاطر، قد توجهت قبل أيام إلى النيابة العامة، لمحاولة الاطمئنان عليها من خلال النداء أثناء سير عربة الترحيلات، خصوصاً أنّها ممنوعة من الزيارة. لكنّ الأسرة فوجئت بصوت المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، المعتقلة معها على ذمة القضية نفسها، تقول لهم: "لا نعلم شيئاً عن عائشة منذ أسبوع". ثم اكتشفت الأسرة أنّ عائشة ليست في السجن كذلك، ولم تنقل إلى النيابة، بينما تمكن محاميها من معرفة خبر وحيد، هو أنّها مريضة للغاية ومحتجزة في مستشفى السجن منذ أسبوع.
وقالت والدة الشاطر: "ما يحدث لعائشة الآن جريمة قد تؤدي إلى الموت البطيء، فهي تعاني من سوء تغذية ومشاكل في الدم بسبب الإضراب، مع العلم أنّها كانت مصابة بأنيميا (فقر دم) من قبل، وحالتها النفسية سيئة، والآن هي تحتاج إلى الأمان النفسي والتغذية. من يساعدها على أن تتخطى هذه الأزمة الصحية الخطيرة؟".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، انتشر وسما "أنقذوا عائشة الشاطر"، و"متضامن مع عائشة الشاطر"، في محاولة للتعريف بالأضرار الصحية البالغة التي وصلت إليها منذ إيداعها في السجن. وقبل أسبوعين، عرفت أسرتها أنّها نُقلت إلى المستشفى بعد تدهور حالتها الصحية، وأنّها كانت تحتاج إلى نقل دم، وقوبلت جميع محاولات زيارتها بالفشل، لذلك، انتظروا جلسة التجديد الأخيرة للاطمئنان عليها، لكنّها أيضاً لم تحضر.
وأتمت عائشة الشاطر، يوم 1 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، عاماً كاملاً داخل السجن، منذ داهمت قوات الأمن المصرية، منزلها هي وزوجها المحامي محمد أبي هريرة، بالتزامن مع اعتقال المحامية هدى عبد المنعم عبد العزيز، عضوة المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقاً، في إطار حملة اعتقالات طاولت 31 مواطناً حينها. وأُدرجت الشاطر وعبد المنعم، على ذمة القضية رقم 1552 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا؛ مع 8 متهمين آخرين؛ على خلفية اتهامهم بالانضمام إلى جماعة محظورة، وتلقي تمويل بغرض إرهابي. ومعهم في نفس القضية، زوج عائشة الشاطر ومحاميها محمد أبو هريرة، وبهاء عودة شقيق القيادي الإخواني ووزير التموين الأسبق باسم عودة، وأحمد الهضيبي، ومحمد الهضيبي، وإبراهيم السيد، وسحر صلاح، ومروة مدبولي، وسمية ناصف.
وفي 18 أغسطس/ آب الماضي، بدأت عائشة الشاطر، إضراباً مفتوحاً عن الطعام رفضاً للانتهاكات في سجن القناطر، واحتجاجاً على ما تتعرض له داخل محبسها، وعدم مراعاة أبسط حقوقها الإنسانية. وتحتجز عائشة الشاطر في زنزانة انفرادية منذ يومها الأول في سجن القناطر، بعد 21 يوماً من الإخفاء القسري قبل عرضها على النيابة وترحيلها إليه، وذلك داخل حجرة صغيرة من دون إضاءة أو تهوية أو دورة مياه.
وفضّت الشاطر إضرابها عن الطعام، بعد 14 يوماً من بدئه بعد وعود من إدارة السجن بتحسين ظروف اعتقالها، لكنّ ذلك لم يحدث، وما زالت عائشة في الحبس الانفرادي في زنزانة مميتة كالقبر صغيرة المساحة بلا حمام، لا تتوافر فيها أدنى المعايير الإنسانية لمعيشة شخص لعدة أيام، كما أنّها ممنوعة من الزيارات للشهر الحادي عشر، ما دفعها إلى الدخول في إضراب جديد عن الطعام، في سبتمبر/أيلول الماضي، لتنقل خلاله إلى مستشفى السجن، بعد تدهور حالتها الصحية، لكنّ الإضراب ما زال مستمراً. حينها أعلنت شقيقتها سارة عبر "فيسبوك" أنّ "عائشة خيرت الشاطر في خطر... البلد منعت عائشة من الزيارة، ويتركونها في الإضراب عن الطعام عرضة للموت". وتابعت: "كلّ من رأى عائشة في آخر عرض لها يوم 18 سبتمبر/ أيلول الماضي، لاحظ أنّها فقدت كثيراً من وزنها، وبدا عليها الإرهاق الشديد كما أنّها مصابة في يدها ورفضت الإفصاح عن سبب الإصابة".
وسبق لابنة الشاطر، الوقوف بعزة نفس وشموخ أمام المستشار أسامة الرشيدي، أثناء النظر في أمر تجديد حبسها وقالت له: "إن كانت تهمتي أنّي ابنة خيرت الشاطر، فهي تهمة أتشرف بها ومستعدة أن أحبس بها بقية عمري وليس 8 أشهر فقط. لكن، أيّ قانون يقول أن أُحبس وأنا امرأة في حبس انفرادي 180 سنتيمتراً بـ180، من دون دورة مياه، أقضي حاجتي في وعاء، ومن دون زيارة، وأحرم من رؤية أطفالي".
بالتزامن مع اعتقال ابنة الشاطر، واعتراضاً على الحملة البوليسية، أعلنت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات -منظمة مجتمع مدني مصرية- في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، تعليق عملها الحقوقي في مصر احتجاجاً على ما يتعرض له أعضاء التنسيقية وما يتعرض له المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر من انتهاكات وتضييق وتنكيل، بعدما أصبح المناخ الحقوقي في مصر "غير مؤاتٍ لممارسة أيّ عمل حقوقي".
يشار إلى أنّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، يوصي بوقف سياسات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري ضد النشطاء والمحامين الحقوقيين والصحافيين وغيرهم، وخلق المساحة الآمنة التي تمكن المدافعين عن حقوق الإنسان من أداء عملهم من دون خوفٍ على حريتهم أو سلامتهم الشخصية.
أما المادة 58 من الدستور المصري، فتنص على أنّ "للمنازل حرمة، وفي ما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلاّ بأمر قضائي مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، وذلك كلّه في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية التي ينص عليها، ويجب تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها، وإطلاعهم على الأمر الصادر في هذا الشأن".