الأردن 2018... كوارث طبيعية ومطالب حقوقية

09 يناير 2019
جهود كبيرة للدفاع المدني الأردني (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -


انتهى عام 2018، وقد شهد الأردن خلاله أحداثاً بارزة عدّة على الصعيد الاجتماعي. في هذا التقرير، تستعرض "العربي الجديد" حصيلة العام وما فيها من كوارث وأزمات ومطالب

في الرابع عشر من مايو/ أيار الماضي، وقع انفجار في إحدى صوامع ميناء العقبة القديم، جنوبي الأردن، أدى إلى مقتل سبعة عمال. وأثبتت التحقيقات أنّ سبب الانفجار هو اختلال شروط السلامة العامة في الموقع. وقع الحادث من جرّاء انفجار أسطوانة غاز أكسجين، في أثناء إجراءات هدم وإزالة تنفذها شركة مقاولات بالقرب من صوامع الحبوب في الميناء. وحتى كتابة هذه الأسطر، ما زالت عائلات الضحايا بمعظمها من دون تعويضات، وبالتالي بقيت التعهدات الحكومية بتعويض العائلات وعوداً لم تصل إلى التنفيذ.

الحوادث القاتلة في الأردن هذا العام اختلفت مسبباتها، ومنها الظروف المناخية. فقد تسببت السيول العارمة بوقوع 35 قتيلاً، و72 مصاباً، في حادثتَين منفصلتَين، وهو رقم كبير في بلد مثل الأردن. فاجعة البحر الميت التي أودت بحياة 22 شخصاً، معظمهم من تلاميذ مدرسة "فكتوريا" الخاصة، نتيجة سيول داهمت منطقة زرقاء ماعين في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما زالت قضيتها مفتوحة وأوراقها في المحاكم، بينما أهالي الضحايا يعتصمون ومناصب الوزراء المستقيلين شاغرة. في واقعة أخرى، بلغ عدد ضحايا الأحوال الجوية القاسية، التي أثرت على الأردن في الثلث الأول من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي 13، وأصيب 29 شخصاً، ثماني من الوفيات كانت في محافظة مأدبا وأربع في ضبعة بالعاصمة وواحدة في معان. أمّا الإصابات، فتوزّعت أربع إصابات من عناصر الدفاع المدني وأربع من قوات الأمن العام والبقية من المواطنين.

واعترف رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، في خلال جلسة رقابية لمجلس النواب (البرلمان)، بالمشاكل في البنية التحتية والخدمات، خصوصاً في المناطق التي شهدت الحوادث، مشيراً إلى إيعازه للوزراء المعنيين بزيارة تلك المناطق وتقديم تقرير تفصيلي عن وضع البنى التحتية والخدمات فيها، كذلك لفت إلى أنّ موازنة عام 2019 ستشهد زيادة ملحوظة في مخصصات مجالس المحافظات للتركيز على الأولويات فيها.

مشهد عام من عمّان (فرانس برس) 


تحرّش و"جرائم شرف"

أظهرت دراسة أعدّتها اللجنة الوطنية لشؤون المرأة الأردنية بمناسبة "حملة 16 يوماً من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي"، بعنوان "ما تسكتوش... التحرّش جريمة"، أنّ نسبة التحرّش الجنسي بأنواعه المختلفة في الأردن بلغت 75 في المائة بين أفراد العيّنة، التي ضمت 1366 شخصاً؛ 86 في المائة منهم إناث و14 في المائة ذكور. وخلصت الدراسة إلى أنّ أبرز ثلاثة أسباب للتحرّش، من وجهة نظر الضحايا، هي ضعف الوازع الديني (13 في المائة)، وقلة الأخلاق (12 في المائة)، وسوء التربية (10 في المائة). وأثارت نتائج الدراسة التي تُعَدّ الأولى من نوعها حول التحرّش في الأردن، ردود فعل مختلفة، فثمّة من طالب بإجراءات حقيقية للحدّ من التحرّش، بينما رأى آخرون أنّ التحرّش لم يصل بعد إلى مستوى الظاهرة في المجتمع الأردني.

من جهة أخرى، كشفت جمعية معهد تضامن النساء الأردني، غير الحكومية، أنّ عدد ضحايا "جرائم الشرف" من النساء تراجع بنسبة 44 في المائة، في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، بالمقارنة مع عام 2017، بعد مرور عام على تعديل مادة في قانون العقوبات كانت تتيح عذراً مخففاً لتلك الجرائم. هكذا، وقعت سبع "جرائم شرف" منذ بداية العام. وكانت المادة 98 من قانون العقوبات الأردني تنصّ على أن "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة تجاه المجني عليه". ووافق مجلس النواب في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، على إضافة فقرة ثانية تنصّ على أنّه "لا يستفيد فاعل الجريمة من العذر المخفف (...) إذا وقع الفعل على أنثى بداعي المحافظة على السمعة والاعتبار". وكان عام 2017 قد شهد وقوع 16 جريمة قتل بحق النساء بداعي الشرف، في حين وقعت 26 جريمة من هذا النوع في خلال عام 2016.

فتيات يطالبن بالحقوق (الأناضول) 


الزواج المبكر وأبناء الأردنيات

وافق مجلس النواب الأردني على تعديل الفقرة الثانية من المادة 10 من قانون الأحوال الشخصية، لتصير: "يجوز للقاضي وبموافقة قاضي القضاة وبعد التحقق من توفّر الرضا والاختيار، أن يأذن في حالات خاصة بزواج من بلغ السادسة عشرة سنة شمسية من عمره، وفقاً لتعليمات يصدرها لهذه الغاية إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة، ويكتسب من تزوّج وفق ذلك أهلية كاملة في كلّ ما له علاقة بالزواج والفرقة وآثارهما".

تفيد التقارير السنوية الصادرة عن دائرة قاضي القضاة للأعوام الخمسة الأخيرة (2013 - 2017)، بأنّ عدد عقود الزواج التي كانت فيها الفتيات القاصرات طرفاً بلغ 52 ألفاً و659 عقداً، ويشهد الأردن يومياً تسجيل 213 عقد زواج، من ضمنها 28.6 زواج قاصر، كذلك يشهد تسجيل 71 حالة طلاق، من بينها 15 حالة طلاق لقاصر. وترى المؤسسات الحقوقية والمنظمات المهتمة بحقوق المرأة، أنّ هذا التعديل هو استمرار وإصرار من المؤسسات التشريعية على إبقاء هذا الانتهاك الحقوقي الذي تدفع ثمنه القاصرات خصوصاً والمجتمع عموماً.



من جهة أخرى، استمرت في عام 2018 مطالب الأردنيات المتزوجات من أجانب بمنح الجنسية لأبنائهنّ، وقد رأينَ أنّ المزايا الخدمية التي تمنحها الدولة لأبنائهنّ وسيلة لإسكات هذا المطلب. وقد قرر مجلس الوزراء الأردني، في سبتمبر/ أيلول الماضي، إلغاء شرط إقامة الأم الأردنية إقامة دائمة لمدة لا تقل عن خمسة أعوام قبل الاستفادة من التسهيلات المقدمة لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين، كذلك قرر جعل البطاقة الشخصية المصروفة لأبناء الأردنيات من دائرة الأحوال المدنية والجوازات بمثابة "بطاقة إثبات شخصية".

وكان مجلس الوزراء قد قرر في عام 2014 منح أبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين تسهيلات في مجالات التعليم والصحة والعمل والاستثمار والتملك، مع الحصول على رخص قيادة المركبات، بالإضافة إلى تسهيلات في مجال أذونات الإقامة، شريطة عدم اكتساب الجنسية الأردنية. يُذكر أنّ الطفل الذي يولد لأم أردنية وأب غير أردني لا يُعَدّ مواطناً، إذ إنّ القانون الأردني يسمح فقط للآباء بتمرير الجنسية إلى أبنائهم. وبحسب إحصاءات وزارة الداخلية، يبلغ عدد الأردنيات المتزوجات من أجانب نحو 80 ألفاً.

أبناء غزة ولاجئو سورية

اتخذت السلطات الأردنية قرارات إجرائية جديدة، من شأنها مساعدة أبناء قطاع غزة الفلسطيني الذين يعيشون في الأردن، والتخفيف من معاناتهم. فقد قررت الحكومة الأردنية في بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، السماح لربّ الأسرة من أبناء قطاع غزّة الحامل لجواز السفر الأردني المؤقت (لسنتين أو خمس سنوات) من فاقدي حقّ المواطنة، والمقيم في المملكة بموجب البطاقة البيضاء، والذي لا يحمل وثيقة "لمّ شمل"، بتملّك شقّة في مبنى أو منزل مستقل مقام على قطعة أرض لا تزيد مساحتها على دونم واحد أو قطعة أرض فارغة لغاية بناء سكن. كذلك، قرّر مجلس الوزراء السماح لأبناء قطاع غزّة بتسجيل مركبات الديزل بأسمائهم، وكلّف وزير الداخلية برفع مشروع نظام معدّل لنظام تسجيل وترخيص المركبات الحالي، لتضمينه بنداً ينصّ على إصدار أسس للموافقة على تسجيل وترخيص مركبات الديزل التي لا يزيد وزنها الإجمالي عن 5.5 أطنان لغير المواطنين الأردنيين، أي لحاملي جوازات السفر الأردنية المؤقتة.



من جهتهم، يواجه اللاجئون السوريون في الأردن تحديات اقتصادية واجتماعية ضخمة، خصوصاً في مجال الحصول على المأوى والتعليم والرعاية الصحية والعمل، فالمساعدات النقدية الشهرية التي تقدمها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين غير كافية، ومع انخفاض حدّة المواجهات بين المعارضة وعناصر النظام السوري، بدأ بعض اللاجئين بالعودة إلى بلادهم، خصوصاً بعد فتح معبر جابر - نصيب الحدودي مع الأردن. وبحسب المفوضية، فإنّ الأردن شهد منذ 15 أكتوبر/ تشرين الأول حتى الثامن من ديسمبر/ كانون الأوّل 2018، عودة 4229 لاجئاً من إجمالي 670 ألف لاجئ مسجلين لدى المفوضية، وهي عودة ضعيفة جداً، علماً أنّ الحكومة الأردنية تشير إلى أنّ عدد اللاجئين الفعلي يصل إلى 1.3 مليون. وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أعدّه مركز "نماء للاستشارات الاستراتيجية" أنّ 14 في المائة فقط من اللاجئين السوريين مصممون على الرجوع إلى سورية.