أفسر خان... أفغاني يمسح الأحذية في باكستان

13 سبتمبر 2018
حلمه انتهى إلى غير عودة (العربي الجديد)
+ الخط -

لا يعرف اللاجئ الأفغاني في باكستان، أفسر خان، شيئاً عن بلده، عدا الوضع الأمني المتأزم والفقر المستشري. مع ذلك، هو يرغب في العودة إلى أفغانستان من دون خوف من الحرب. يقول: "أعرف أنّ الحالة الأمنية أسوأ مما يتصور المرء، لكن على الرغم من ذلك أحب العودة، ولا أخاف من أيّ شيء لأنّه بلدي".

جاء والده، محمد خان، إلى باكستان، قبل 35 عاماً، عندما اشتدت الحرب، قبل ولادة أفسر بسنوات. عانى الوالد كثيراً وهو يتنقل من مخيم إلى آخر ومن مدينة باكستانية إلى أخرى بحثاً عن الرزق ولتكوين الأسرة. محمد خان كان يأمل أن تكون له أسرة متعلمة ومثقفة، وأن يكونوا بعيدين عن الحرب، وفي بلد فيه الأمن والرزق متوفران، لكنّه نسي أنّ اللجوء إلى بلد غريب والفقر يقضي على الأحلام ويدفنها.

يقول محمد خان: "أكبر أحلامي كان قبل الزواج أن أكوّن أسرة متعلمة، وكنت أتعجب ممن كانوا ينجبون من دون أن يكون لهم أيّ هدف. لكن، مع الأسف الشديد لم أحقق حلمي وبات أولادي من دون أدنى مستوى من التعليم". يضيف الوالد: "أنا أعرف أنّ كلّ ما حلّ بنا هو من الغربة والفقر والعوز والتنقل من مكان إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى، وهكذا أنجبت الأولاد وتركتهم في الشارع يوم كانوا أطفالاً ثم كبروا وبدأوا في كسب لقمة عيشهم في الأسواق".

لدى محمد خان ستة أبناء هم: شير محمد، وخيال محمد، وعبيد الله، وهدايت الله، وعمران الله، وأفسر خان. لم يدرس الكبار من بينهم أبداً، لكنّ أفسر خان وترتيبه الرابع، درس في المدارس الدينية المختلفة قبل أن يتوجه إلى تنظيف الأحذية في شوارع مدينة راولبندي.




يقول أفسر خان: "يوم كانت لديّ فرصة كي أدرس حين كان أبي يوفر لي كلّ شيء، لم أنتبه إلى تلك النعمة العظيمة. أتذكر أنّ أبي كان يرسلني إلى المدرسة بل كان يرافقني ويدللني كي أواصل الدراسة لكنّي لم أفعل ذلك، الآن وبعدما ذهبت الفرصة وكبرت، تيقنت أنّي كنت مخطئاً". يضيف أنّه عندما يدخل أحياناً إلى المدرسة الدينية حيث يدرس شقيقه الأصغر، ويرى المعلم جالساً وسط التلاميذ، يتمنى أن يكون بدلاً منه، لكنّه لم يتابع الدراسة ليستحق ذلك.

بدلاً من ذلك، يسعى، أفسر خان، للزواج ويجمع المال في هذا السبيل إذ خطب قريبة له. لا يمكنه أن يفكر في الذهاب إلى المدرسة، لذلك يكرر حلم أبيه وهو أن يتمكن من تعليم أبنائه. كذلك، تعهد بمساعدة أخويه هدايت الله وعمران الله، كي يواصلا دراستهما، علّهما يُخرجان الأسرة كلّها من وضعها السيئ.
المساهمون