عيد الأضحى في غزة... فرحة منقوصة

25 اغسطس 2018
فرح الأطفال (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
جمع عيد الأضحى في قطاع غزة بين المتناقضات جميعها، إذ شهدت شوارعه فرحة الأطفال والأراجيح الملونة التي اكتظت بضحكاتهم و"شقاوتهم"، بينما كان ضيفاً ثقيلاً على جيوب أرباب البيوت، أصحاب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في القطاع الساحلي المحاصر منذ اثني عشر عاماً.

وامتلأت شوارع وطرقات وحواري وأزقة قطاع غزة من شماله حتى جنوبه بالأطفال، الذين ارتدوا ملابس العيد الملونة، وتجمعوا في حلقات للهو، في حين انجذب الجزء الأكبر من الأطفال لمشاهدة لحظة ذبح الأضاحي، وتقطيع ووزن اللحوم.

وعلى الرغم من تأثير الحالة الاقتصادية الصعبة سلباً على ملامح العيد في القطاع، الذي يأتي في ظروف اقتصادية هي الأصعب منذ 12 عاماً نتيجة قطع وعدم انتظام الرواتب، بالإضافة إلى استمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع، إلا أن الأطفال أصروا على ممارسة الفرح واللعب.

وشهدت المناطق الرئيسة في مدينة غزة اكتظاظ الأطفال حول الأراجيح والألعاب والدراجات النارية والأحصنة و"الحناطير" و"التكاتك"، التي توزعت حول المنتزهات العامة وعلى شاطئ البحر، إذ حاولوا استغلال أجواء العيد بأبسط الإمكانات.

واصطحب المواطن محمد الخالدي أطفاله فرح وتالا وعبد الرحمن إلى منتزه "الجندي المجهول" وسط مدينة غزة، إذ لعب أطفاله وإلى جوارهم عشرات الأطفال على العربات البلاستيكية الملونة، التي يتم تأجيرها مقابل شيقل واحد (الدولار 3.7 شيقل)، بينما لعب بعضهم الآخر بألعابهم الخاصة.
الألعاب تكسر أجواء الحصار والأزمة الاقتصادية (عبد الحكيم أبو رياش) 


ويقول الخالدي لـ "العربي الجديد" إنه لم يتمكّن من اصطحاب أطفاله إلى أحد المنتجعات التي اعتاد على زيارتها ثالث أيام العيد، وذلك نتيجة الحالة الاقتصادية المتدهورة التي حلّت بهم بعد أزمة رواتب السلطة الفلسطينية، مضيفاً: "لكن من حق الأطفال أن يفرحوا في العيد، لذلك حاولنا إسعادهم بهذه الطريقة البسيطة".

الحظ حالف أصحاب المهن الموسمية، صاحبة الأجر الزهيد، التي يخلقها العيد، مثل أصحاب العربات الملونة، والحنطور، والحلويات، والمسليات، إذ عبروا في أحاديث مختلفة مع "العربي الجديد" عن رضاهم "المتوسط" عن الموسم، موضحين أن دخلهم ينحصر بأيام العيد، والمناسبات العامة.
ابتسامة لا يحظى بها الكبار وسط الأزمات في غزة (عبد الحكيم أبو رياش) 

إلا أن عطا أبو ريالة، وهو صاحب "تكتك" يلهو عليه الأطفال مقابل أجر زهيد، يقول إن موسم عيد الأضحى هو الأقل حظاً منذ سنوات، إذ أثرت الأوضاع سلباً على مجريات الحياة، وانعكس ذلك على الأسواق والمحال التجارية والألعاب، مضيفاً: "التأثير السلبي طاول معظم نواحي الحياة".
موسم العيد (عبد الحكيم أبو رياش) 

وفي المقابل؛ أحجمت نسبة كبيرة من أهالي قطاع غزة عن شراء الأضاحي نتيجة الحالة الاقتصادية العامة، وانعكس ذلك على الشارع الذي ندرت فيه رؤية الأضاحي المعلقة على أبواب ومداخل البنايات، كما الأعياد السابقة.
الأضاحي قلّ عددها هذا العام في القطاع (عبد الحكيم أبو رياش) 

كذلك انحسرت مشاركة المواطنين في "حِصص" الأضاحي، التي تراوح بين 1500 شيقل – 2000 شيقل للحصة الواحدة، تماشياً مع الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي يمر فيها قطاع غزة نتيجة جملة من الأسباب، أبرزها استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر وانقطاع الرواتب عن جزء كبير من الموظفين، وعدم انتظامها عن الجزء الآخر.

ولوحظ هذا العام أنّ المؤسسات والجمعيات الخيرية اجتهدت لذبح الأضاحي على نطاق أوسع، على الرغم من ظروفها الصعبة أيضاً، لتعمّ الفرحة فقراء ومحتاجي غزة. وتقدر بعض المؤسسات الفاعلة ما تم ذبحه من قبل هذه الجمعيات بنحو 1500 رأس من العجول، بعد أنّ كانت توزع سنوياً ضعف هذا العدد.