قصة الطفلة السودانية الأم اشتياق: تريد أن تصبح قاضية لتمنع زواج القاصرات

الخرطوم

محمد أبو العمرين

avata
محمد أبو العمرين
17 يوليو 2018
83E0C635-183E-4CA0-A51C-BE3D6AB72720
+ الخط -
لا تزال ظاهرة زواج القاصرات في السودان منتشرة، مع بلوغ نسبتها 38 في المائة، خصوصاً أن تقاليد شعبية متوارثة تسود في المجتمع السوداني وتشجع على ممارسته.

قصص مختلفة ومتعددة عاشتها وتعيشها فتيات سودانيات وقعن ضحايا زواج القاصرات. إحدى تلك القصص كانت ضحيتها الطفلة اشتياق التي تسكن حيّ الفتح في ضواحي مدينة أم درمان السودانية.

وقصة اشتياق ليست كغيرها من القصص، لأنها طفلة وأمّ في آن، تزوجت وهي في الثانية عشرة من عمرها، وأنجبت وهي في الثالثة عشرة طفلتها أمل التي تبلغ من العمر سنتين. وتدفع ثمن ظاهرة اجتماعية متوارثة لا يجرمها القانون وهي زواج القاصرات.

لكن اشتياق تمكنت بمساندة ومتابعة ناهد جبر الله، من مركز "سيما" لمحاربة العنف ضد المرأة، من وضع ابنتها أمل في رعاية طبية خاصة، والحصول على الطلاق من المحكمة، ومتابعة دراستها أيضاً، بحسب ما أوضحت لـ "العربي الجديد".

وبين الكتب المدرسية والاهتمام بطفلتها، تعيش اشتياق تفاصيل يومها. فالطفلة الأم التي أنجبت قبل بلوغها الثالثة عشرة من عمرها، أحرقت الصور التي تذكرها بزواجها، رغبة منها في تناسي الماضي، والعيش في الحاضر والعمل للمستقبل.

وتطمح اشتياق إلى أن تصبح امرأة متعلمة، ولها مكانة وسلطة وأن تكون كلمتها مسموعة.  كذلك تنوي أن تساهم في نشر الوعي بين أطفال منطقتها التي ترتفع نسبة زواج القاصرات فيها إلى أعلى مستوى بين ولايات السودان الأخرى.

وتقول اشتياق لـ"العربي الجديد" إنها عانت كثيرا من زواجها المبكر، ودخلت في حالة نفسية متردية، إلا أنها استعادت قواها لتكمل طريقها في متابعة تعليمها، وهو الأمر الذي تعتبره اليوم من أولوياتها.

شاهد التقرير المصوّر مع اشتياق ووالدتها:



ولا تخفي اشتياق رغبتها الكبيرة في أن ينتهي الزواج المبكر الذي خطف منها طفولتها: "أريد أن أرى مستقبلي، وآمل أن يتم وضع حد لزواج القاصرات أو الزواج المبكر، لأنني عانيت منه الكثير من المشاكل، إلى جانب الضرر النفسي، لم تكن أمي تجد من يساندها، ولولا مركز ناهد جبر الله، لما كانت وجدت شخصاً يساعدها في مصاريف المستشفى والعملية".

وتتذكر فاطمة، والدة اشتياق وجدّة الصغيرة أمل، والتي لم تتجاوز الثانية والثلاثين من عمرها، لحظات صعبة مرت بها طفلتها أثناء الولادة، منها تعرضها للإغماء مرات متكررة، كذلك إقدامها على إزالة الشريط الطبي اللاصق أكثر من مرة بعد العملية القيصرية مباشرة.

وتقول: "تساءلت اشتياق لماذا كل هذا، الداية تسرعت وأخبرتها أنها أنجبت طفلة، وعندما رأت وجهها خافت منها وغابت عن الوعي ثلاث ساعات، عندما استعادت وعيها كنت أنا وشقيقتي نخفي الطفلة منها ونرضعها صناعيا، وكانت ناهد تحضر لنا اللبن والرضاعات، واستمررنا في إخفاء الطفلة لمدة ثلاثة عشر يوماً، وإلى أن عدنا إلى البيت لم تكن تعلم أنها ولدت هذه الطفلة، تجلس وتنظر إليها وتسألني: هذه طفلة من؟ أقول لها إنها طفلتي.

من جهتها، توضح الأمينة العامة لأمانة الحماية الاجتماعية بالمجلس القومي لرعاية الطفولة، أميرة أزخري، في حديثها لـ"العربي الجديد" أن نسبة زواج القاصرات تقدر بنحو 38 في المائة في السودان، وإن النسبة تختلف بين الولايات. وتشير إلى عمل الأمانة على تحديث وتفعيل خططهم لخفض هذه النسبة في البداية، وصولاً إلى إنهاء ظاهرة زواج القاصرات في البلاد.

هي حكاية تفيض بالألم لطفلة تحولت إلى أمّ قبل الأوان، ورغم كل الآلام، فإن اشتياق ما زالت تحلم بمتابعة دراستها الثانوية والجامعية، "أريد أن أصبح موظفة في الحكومة أو محامية أو قاضية حتى أتمكن من المساهمة في التعريف بأضرار وتداعيات زواج القاصرات والزواج المبكر في دارفور وغيرها، لا أريد أن أرى أيّ رجل يزوج ابنته وهي صغيرة".

ذات صلة

الصورة
منتدى المدرسة والتحوّلات من تنظيم المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسة في تونس (العربي الجديد)

مجتمع

في إطار "منتدى المدرسة والتحوّلات" الذي ينظّمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، ناقش باحثون مختصون في المجال التربوي، اليوم الجمعة، تفوّق الفتيات على الفتيان في مجال الدراسة.
الصورة
هناك حالة من الذعر بين التلميذات (منى هوبهفكر/ فرانس برس)

مجتمع

لا يزال الغموض يلفّ مسلسل التسمّم في مدارس الفتيات الإيرانيات الذي بدأ في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. غموض تقابله اتهامات متبادلة بين الحكومة والمعارضة، علماً أن التلميذات في المدارس فقدن الشعور بالأمان
الصورة
مشجعون أرجنتينيون بـ "البشت" القطري (العربي الجديد)

مجتمع

في التقاليد القطرية والعربية تتوّج عباءة "البشت" الشكل العام للرجل الذي يرتديها فوق ثيابه. وهي رمز ثقافي يرتبط بهوية الجزيرة العربية، والرغبة في رفع شأن صاحب إنجاز
الصورة

مجتمع

تظاهرت نحو 20 امرأة وفتاة، السبت، في كابول، وهن يهتفن "افتحوا المدارس"، احتجاجاً على قرار حركة طالبان إغلاق ثانويات الفتيات.
المساهمون