السويد: طلاب ثانوية يصورون مدرستهم "العنصرية" ويثيرون ضجة

28 ابريل 2018
جدل في السويد بشأن مفردات عنصرية (ناصر السهلي)
+ الخط -
تورطت أستاذة ثانوية سويدية في منطقة فاليكنبورغ، بين مالمو جنوبا وغوتيبورغ شمالاً، بسلوك عنصري عند إطلاقها نعت "نيغر" أي "زنجي" Neggar (يرمز له بالحرف اللاتيني n) أثناء حديثها عن ابنتها التي تعيش مع شاب صومالي.

ورغم دعوة طلابها لها للتوقف عن استخدام المفردة، التي تحمل معنى سلبياً، إلا أن إصرارها على التلفظ بها دفعهم إلى تصويرها. وقالوا لها: "لا تعيدي نطقها لقد صورناك"، بحسب الفيديو الذي نشرته مساء أمس الصحيفة السويدية "أفتون بلاديت".

واعتبرت الحادثة التي وقعت يوم الخميس الماضي "قضية عنصرية"، أثارت غضب وتأثر الطلاب بعد استخدام معلمتهم ذلك الوصف.

وأوضح طالب صوّر الواقعة، قائلاً: "كنت أجلس أمامها حينما تفوهت بذلك، لا يهم إن كان الإنسان أسود أم أصفر أم زهرياً، لا يمكن الصمت حيال العنصرية ومفرداتها"، وفقا لما تنقل "أفتون بلاديت".

ويُسمع في الشريط، الذي انتشر على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي منذ مساء أمس، صوت طالبين يجادلان المعلمة بالقول: "لا تقولي هذا مرة ثانية، لا يعنينا". فتجيب المعلمة: "هل أنت أسود؟" فيرد الطالب: "لا، ولست مهتماً بقصتك". في حين يقول طالب آخر: "مرحبا...لكنني جالس هنا" (وتبين لاحقا أنه من أصل صومالي).

المعلمة لم تتوقف عند هذا الحد، بل ذهبت إلى تهكم غريب عن إمكانية "أن تحمل ابنتي، ويصبح لدينا نيغر صغير لطيف". ثم تقول إن لابنتها الثانية صديقا عربيا. ورغم طلب الطلاب ألا تكرر تعبير "نيغر" إلا أنها استخدمته وبدت نبرة صوتها غاضبة.



بين التأييد والمعارضة

في الثقافة السويدية لا يشار للإنسان بناء على لونه وإثنيته بطريقة سلبية، بل تجري منذ سنوات عملية "تصحيح وتنقيح ثقافي" لأدب الأطفال، وشطب كل الكلمات التي يُفهم منها على أنها مهينة للناس، كما في أعمال استريد ليندغرين (1907-2002) صاحبة سلسلة "بيبي ذات الجوارب الطويلة".

ويكشف طلبة الصف لاحقاً أن معلمتهم تلك "طالما كانت تقحم كلمات عنصرية في تعليقاتها، لكن هذه المرة كان يجب أن نأخذ المسألة على عاتقنا ونوقفها عند حدّها، الأمر لم يعد محتملا، فقمنا بتصويرها".

ويتضح لاحقا أن أحد الطلاب الذين شاركوا بالتصوير والمجادلة، يقول للصحيفة: "لم أحتمل تلك السخافة، فإثنياً أنا من أصل عربي وجرى التعليق السخيف التهكمي على سمعي، لا يمكنها أن تقول مثل هذه العبارات لطالب سويدي من أي إثنية كان أبدا".

ويتبين أيضاً أن تقدم الطلاب بشكوى للمدير ونائبه بحق المعلمة لم تؤخذ على محمل الجدّ، واختار الطلاب الثلاثة نشر الفيديو على الملأ، حينما حاول أحد الإداريين تحويل المسألة إلى دعابة وسخرية، وإشارته إلى أنه كان يعيش في أفريقيا.

وبعد انتشار الموضوع على وسائل التواصل الاجتماعي، تناولته بعض الصحف، واضطرت إدارة المدرسة لإصدار بيان صحافي تقول فيه إن "هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق، ولا يُسمح بسلوك الأساتذة بهذا الشكل، أدركنا جدية الأمر حين غادر التلاميذ الصف".

وتفيد بلدية فالكينبورغ بأنها "تجري محادثات مع نقابة المعلمين لدراسة الخطوة الواجب اتخاذها بحق المعلمة".



عنصرية أم سوء فهم؟

وبالرغم من هذه الضجة التي يثيرها شريط المعلمة المتفوهة بكلمة موصوفة بالعنصرية في السويد، إلا أنها ليست المرة الأولى التي يقدم فيها الطلاب على تصوير معلمين يستخدمون كلمات عنصرية.

ففي مارس/آذار 2016 عمد طلاب إلى تصوير أستاذ في ثانوية كارتوربسن، خارج العاصمة استوكهولم، وهو يستخدم وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه "نيغر"، كذلك قال إنه "يجب إضاءة الصف حين تدخل رؤوس تلميذات غامقة البشرة". وبعد تلك الحادثة، دافع المعلم عن نفسه بأنه ليس عنصريا "فلدي طلاب من مختلف الخلفيات الإثنية، وكلمة نيغر ليست عنصرية بل تعبر عن شيء آخر".

ويعيد بعض المعلقين على مفردات لغوية كانت تستخدم في السويد ما يسمونه "سوء فهم"، بعد أن أعيد النظر فيها على مدى السنوات الماضية.

وسبق لمدرسة ابتدائية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى الشمال من استوكهولم، أن تعرضت لفضيحة كبيرة بعد أن تبين أن واجبات مدرسية للأطفال احتوت أيضاً "مفردات عنصرية".

وبالرغم من إقلاع السويديين عن تسمية كرات الشوكولاتة المحشوة بكريما جوز الهند بـ"رأس العبد" إلا أن هناك إصرارا من بعض السياسيين، خصوصا من "ديمقراطيي السويد" المتشدد على استخدام المفردة، ما يثير ضجة بين فترة وأخرى.


ومنذ 2014 يبدو التنافس قويا بين معسكر منع المفردات الدالة على العنصرية، وآخرين يقولون إنها ليست كذلك، ويستمر الجدل بهذا الشأن قبيل أشهر من توجه السويديين إلى صنادق الاقتراع في انتخابات عامة في سبتمبر/أيلول المقبل.​

المساهمون