البدو مهددون بالمجاعة بسبب منعهم من دخول باكستان

19 مارس 2018
حرموا من المراعي الخصبة المعتادة هذا العام(جوهر عباس/فرانس برس)
+ الخط -
يجد أكثر من مليوني بدوي، يعبرون سنوياً الحدود بين أفغانستان وباكستان، أنفسهم مهددين في أرزاقهم، ما قد يصل إلى حدّ المجاعة بحسب منظمات، بعد منع باكستان عبورهم إلى مراعيها، بسبب التوتر بين البلدين

بسبب التوتر في العلاقات بين باكستان وأفغانستان، والتي نتجت عنها إجراءات مشددة على الحدود بين الدولتين، تحولت أوضاع المنطقة، وتضررت شرائح عدة، خصوصاً اللاجئين الأفغان في باكستان. لكن، في الآونة الأخيرة برزت قضية البدو الرحّل الذين كانوا يتنقلون بشكل اعتيادي بين الدولتين لأجل الحفاظ على قطعانهم وتربية مواشيهم، وهي مصدر دخلهم الوحيد.

يتنقل مئات الآلاف من البدو الرحل المعروفين محلياً باسم "كوتشي" مع عائلاتهم بين أفغانستان وجنوب غرب باكستان وتحديدا إقليم بلوشستان والمناطق القبلية في شمال غرب باكستان بحثاً عن المراعي لمواشيهم، من دون أن تقف الحدود في وجههم. وكانت هذه عادتهم منذ قرون طويلة وليست سنوات. كان البدو يقضون الصيف والربيع في غابات بلوشستان الغنية بمياه عذبة ومراعٍ برية. وبعد انقضاء الصيف كانوا يعودون مرة أخرى إلى أفغانستان. وبسبب هذ التنقل كانوا يكسبون الرزق من خلال بيع المواشي.

في هذا الخصوص، يقول نصيب ولي خان، وهو شاب من البدو الرحل في إقليم بكتيكا لـ"العربي الجديد": "كنا نرحل في هذا الموسم إلى المناطق القبلية الباكستانية، ونمضي هناك أشهراً عديدة لأن فيها غابات كثيرة. لكن، بعدما نصبت الحكومة الباكستانية أسلاكاً شائكة على الحدود لا يمكننا الذهاب".


يملك نصيب وأشقاؤه مئات رؤوس المواشي، وما زال ينتظر سماح السلطات الباكستانية له بالذهاب، إذ ليس أمامه خيار آخر غير ذلك، فالمناطق الأفغانية لا تصلح لمواشيه في هذا الموسم، كما يقول. والده، وقبله جده، كانا يتنقلان بين باكستان وأفغانستان منذ عقود طويلة، لكنّ العلاقات السياسية بين الجارتين حالت هذا العام دون ذهاب هذا الشاب وجميع البدو الرحّل إلى باكستان.

تقول منظمة "جوهانيتير إنترناشونال أسيستانس" الألمانية إنّ "ما يقرب من مليونين من البدو باتوا معلقين على الحدود الأفغانية الباكستانية في إقليم خوست جنوب أفغانستان، وقد تجمعوا من مختلف مناطق البلاد بهدف الذهاب إلى إقليم بلوشستان ومناطق في جنوب غرب باكستان، لكن بسبب الأسلاك الشائكة على الحدود والإجراءات المشددة التي فرضتها السلطات بين الدولتين منع هؤلاء من الذهاب، وهم لا يجدون المراعي المناسبة في أفغانستان". تذكر المؤسسة أنّ "هؤلاء يخشون من المجاعة في الفترة المقبلة لأنّ مصدر دخلهم الوحيد هو القطعان ولا يمكنهم الرعي في أفغانستان، إذ لا مراعي جيدة ومناسبة في الجنوب".

من جهتها، تؤكد منظمة "منظمة العمل ضد الجوع" الفرنسية أنّ هؤلاء البدو سينتهي قريباً ما لديهم من طعام وشراب، وهم يعيشون في صحراء جنوب أفغانستان. وبذلك، يواجهون مع قطعانهم خطر المجاعة بسبب إغلاق الحدود بين باكستان وأفغانستان. كذلك، تضيف المؤسسة أنّ ثمة مئات الآلاف من سكان مناطق الجنوب والشمال الأفغاني تركوا منازلهم بسبب الوضع الأمني وأصبح هؤلاء عبئاً على المجتمع والحكومة معاً، معربة عن خشيتها من نزوح هؤلاء البدو وتوزعهم في مختلف مناطق أفغانستان ما سيضيف عبئاً جديداً على المجتمع والحكومة معاَ.

بدوره، يقول سميع الله خان، أحد زعماء البدو في إقليم بكتيكا: "تضررنا أكثر من غيرنا بسبب الإجراءات على الحدود بين باكستان وأفغانستان، وكنا محاصرين طوال وقت طويل. تلك الإجراءات قطعت علينا طريقنا المعتاد بحثاً عن الرزق. الآن وبعدما أغلقت السلطات الباكستانية الحدود في وجهنا، مات عدد كبير من مواشينا لأننا لم نجد لها المراعي المناسبة". يذكر سميع الله أنّ "في العام الماضي كان سعر الخروف الواحد 250 دولاراً أميركياً، لكن في العام الجاري بات سعره 170 دولاراً. يتوقع أن تكون الفترة المقبلة أقسى من جميع النواحي، خصوصاً مع خشية البدو من خسارة كثير من قطعانهم بسبب عدم توفر مراعٍ إذا لم تفتح الحدود.




لا يبدو أنّ الحكومة الباكستانية تصغي لنداءات المنظمات الحقوقية والبدو الرحّل، وبالتالي يواجه هؤلاء ما يخشون وقوعه، إلاّ أنّ هناك جهوداً حثيثة في أفغانستان لمساعدة البدو الرحّل في مناحٍ أخرى كالتعليم والرعاية الصحية وغيرها. وبعد رفع القضية في البرلمان ومجلس الشيوخ، عقد الشهر الماضي اجتماع كبير لمندوبي وزعماء البدو الذين تجمعوا من كلّ مناطق أفغانستان في خيمة ما يسمى بالاجتماع القبلي في كابول لمناقشة قضاياهم ورفعها في الأروقة الحكومية. وشارك في الاجتماع نحو 500 شخص. عن ذلك، يقول دلاور فيضان، رئيس نقابة البدو: "نعمل على خطين: أولاً مشاكلنا الراهنة كالتنقل، ثم حقوقنا الأساسية من تعليم وصحة واستعادة أراض مغتصبة".