عن النساء العربيات المغدورات في الغربة

16 مارس 2018
يحاولن الاندماج في الدنمارك (فرانسيس دين/ Getty)
+ الخط -
بالكاد يمر أسبوع من دون أن تبرز قصة عنف هنا أو هناك، ضحيتها شابة أو سيدة عربية. ليست القضية هنا قتلا عنصريا، كما حدث للمصرية مروة الشربيني، أو دهس شادن محمد في ألمانيا، ولا سحل الطالبة المصرية مريم عبد السلام، أو حتى اعتداء على محجبة في دولة من دول الشمال. ففي تلك القضايا، وقائمتها طويلة، حين يكون المعتدي المفترض "غربياً" وليس "ابن البلد" تثور ثائرة الشارع العربي والمسلم، وتبدأ معزوفة الإعلام "الوطني"، عند الحاجة، حرصاً على "بنات البلد"، وبعضهن يُسحل أصلاً في بلده من دون أن يرفّ ضمير الإعلام ذاته.

المذهل في مشهد العنف، الذي يكلّف أرواح سيدات وشابات عربيات، في دول الهجرة واللجوء، أنه أضحى مدعاة تفاخر و"نشر على الهواء". آخرها سيدة سورية قُتلت على يد زوجها السابق أمام ابنه القاصر. لحقت الضحية بعدد آخر، في ألمانيا والدنمارك والسويد. وفي قصص أبشع يقدِم "الغيور"، على ذبح الزوجة والأطفال ويغادر إلى حيث يحميه لوردات الحروب.

بعض هؤلاء القتلة، ممن يقضون أحكاماً طويلة في ألمانيا، مرّت على وجودهم في الاغتراب سنوات طويلة، ولم يأخذوا من النظام والقيم المحلية سوى ما يصلهم في آخر الشهر من مساعدات. الأكثر إيلاماً، ليس فقط الجهل بطبيعة المجتمعات التي عبَر البعض بحاراً وقطع جبالاً للوصول إليها، بل أن يتلكأ الخبراء الاجتماعيون، في رفض هذه الظاهرة الخسيسة، كأن تصبح أمراً طبيعياً باسم "الشرف".

تبرير القتل باسم "الشرف"، أمر غير شريف، كأن يبرر همساً وبابتسامات صفراء من قبل من يدّعون أنهم حريصون على اندماج الجاليات العربية. أمر مفزع ألا يدرك بعض هؤلاء الخبراء الانعكاسات الخطيرة المترتبة على هذا الصمت.

هناك جيل عربي شاب في مجتمعات غربية يعيش حالتي اغتراب وتشويه مضاعفين. هذا الجيل العربي الشاب في المهجر، وهو دوماً في واجهة الجدل، لغة وثقافة، لغيابهما عند آباء كثيرين، كما هو غياب المثل الأعلى، وانقلاب موازين كثيرة، هو الجيل الذي يدفع أثماناً مضاعفة، لآثام ترتكب باسم الثقافة والتقاليد والعادات والشرف. وللأسف، فقد بدأت أخيراً نغمة "الدين" و"المذهب" تطل برأسها حيث يعيش الكل في سلة التصنيف. "أنتم الأجانب ولسنا نحن"، يردد مستشرق دنماركي على مسامع من لا تعجبهم "عيشة الغرب".




مغدورات الغربة بتن يثقلن ضمائر كثيرة في المجتمعات المحلية. أمر مؤسف أن تقبل سيدة مهاجرة إلى السويد منذ 37 سنة، وسياسية، بتبرئة معنّف لأنه "من عائلة أفضل" من عائلة ضحيته. بالطبع تثور ثائرة السويديين، لكنك تفهم في الوقت نفسه كيف يصابون بالذهول، حين تخفت الأصوات التي يفترض أنها اختارت اللجوء هرباً من الاضطهاد، لا لكي تستعيده تحت العمامة والنفس المذهبي.
المساهمون