عراقيون وسوريون في مخيمات مشتركة

11 فبراير 2018
معاناة فوق معاناة (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
تتقاسم آلاف العائلات العراقية معاناة المخيمات مع النازحين السوريين في المخيمات المنتشرة شمال سورية. وبالرغم من عودة القسم الأكبر من النازحين العراقيين إلى بلادهم خلال الأشهر الماضية تزامناً مع هدوء المعارك الدائرة في مدنهم وقراهم، إلّا أن أعداداً كبيرة منهم ما زالت في المخيمات السورية بعدما فقدت كلّ ما تملكه في العراق وباتت كلّ أماكن النزوح لديها سواء.

مخيم المبروكة هو أحد المخيمات التي استقبلت لاجئين عراقيين في سورية، تديره الإدارة الذاتية الكردية، التي أصدرت أخيراً قراراً بنقل نحو 15 عائلة عراقية من مخيم المبروكة بريف مدينة رأس العين بمحافظة الحسكة، إلى مخيم الهول، جنوبي شرقي الحسكة، بالقرب من الحدود السورية العراقية، تمهيداً لنقلهم إلى العراق. ويقضي القرار بضرورة عودة العراقيين تدريجياً لمدنهم وقراهم بعد استتباب الأمن فيها وطرد تنظيم "داعش" منها.

يوضح ناشطون أنّ الإدارة الذاتية تنوي إعادة العراقيين المتواجدين حالياً في مخيم المبروكة تدريجياً من المخيم الذي أنشئ عام 2016 على بعد 40 كلم من مدينة رأس العين، ويضم نحو 8 آلاف نازح ولاجئ، أغلبهم من دير الزور وريفها، بالإضافة إلى أعداد من ريفي حلب والرقة ومن العراقيين.




يقول الصحافي رودي كردي، لـ"العربي الجديد": "معظم العراقيين أتوا من مناطق الموصل وتكريت والفلوجة وتلعفر ومحافظة نينوى خصوصاً سنجار، وتمركزوا في مخيم الهول بريف الحسكة الجنوبي". ومن الناحية الأمنية، يؤكد كردي لـ"العربي الجديد"، أنّ "الإدارة الذاتية لم تضايق العراقيين كونهم من حاملي الجنسية العراقية ومن اللاجئين لمناطقها كما أشيع سابقاً، وكونهم من غير الأكراد، فالمضايقات تكون عادة للشبان والشابات المتحدرين من أصول كردية لحثهم على الالتحاق بالتجنيد الإجباري".

يعد مخيم الهول من أكبر مراكز تجمع اللاجئين العراقيين في سورية، ويعاني المخيم من ضعف في المساعدات المقدمة من الوكالات التابعة للأمم المتحدة والإدارة الذاتية الكردية المسيطرة على المنطقة. عمر البصري، لاجئ عراقي من الفلوجة، يقول: "أهالي المنطقة عاجزون عن مساعدتنا، فظروفهم مماثلة لنا، لم نتلق سوى قليل من المساعدات الإغاثية من الإدارة الذاتية الكردية، ونعتمد المواد الإغاثية المهربة من العراق عبر الحدود".

يعاني المخيم من قلة الرعاية الصحية، ما أدى لانتشار الأمراض، بالإضافة إلى غياب وسائل التدفئة في جو شتوي صحرواي بارد جداً، ما يؤدي لانتشار الأمراض التنفسية ونزلات البرد الحادة خصوصاً لدى الأطفال وكبار السن، إلى جانب عدم توفير شروط النظافة العامة كجمع القمامة والحمامات الصحية. وبنتيجة الاكتظاظ السكاني أنشئت حمامات مؤقتة عن طريق بناء حفر فنية، ما يشكل خطراً صحياً في الصيف المقبل على سكان المخيم، إن استمر الوضع على ما هو عليه. يقول البصري: "هناك طبيب تابع للإدارة الذاتية يزور المخيم كلّ فترة، لكنّها لا تقدم لنا الأدوية اللازمة، لذلك نضطر لشرائها من العراق وجلبها عن طريق المهربين، لعدم توافر الدواء السوري في المنطقة، ما يحملنا أعباءً مادية زائدة لا طاقة لنا بها، بسبب البطالة المنتشرة بيننا". يتولى الأطباء المحليون بالتعاون مع الأمم المتحدة، تقديم اللقاحات الدورية لأطفال المخيم، ويعانون من نقص خدمات الصحة العامة.

يحاول المجتمع المحلي والجمعيات الخيرية في المنطقة تقديم العون للأهالي، كالمساعدة في تأمين المواد لإصلاح الخيام المهترئة ونقل المياه الصالحة للشرب، بالرغم من الأوضاع السيئة للسكان المحليين التي خلفها الصراع في سورية والمعارك التي استمرت طويلاً للسيطرة على المنطقة.




يقع مخيم الهول غربي بلدة الهول على بعد 5 كيلومترات من الحدود السورية العراقية، ويتألف من 130 منزلاً، لكنّ العدد الهائل من اللاجئين والنازحين، دفعهم لنصب خيام بالقرب منه. أنشأت الأمم المتحدة المخيم في فترة الحرب الأميركية على العراق، لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين الفارين من العراق، وتم استهدافه بالقصف من قوات النظام السوري عدة مرات، ثم تحول إلى سكن لعائلات تنظيم "داعش" حتى سيطرت قوات الحماية الكردية عليه وطردت التنظيم من المنطقة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، ليعود استثماره كمخيم للاجئين.

محطة مؤقتة
يعتبر كثير من العراقيين الأراضي السورية محطة مؤقتة في طريقهم إلى تركيا. يقول عبد الله الحسن، وهو لاجئ عراقي يعيش في ريف إدلب: "آلاف العراقيين حطت بهم الأقدار هنا، معظمهم من أصول تركمانية من منطقة تلعفر، جاؤوا إلى ريف إدلب كمرحلة أولى للعبور نحو الأراضي التركية، لكن انقطعت بهم السبل".
المساهمون