رابطة لأجل ضحايا صيدنايا

14 أكتوبر 2018
عمر جديد يُكتب لمغادري سجون سورية (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

تجارب مرعبة يعيشها معتقلو سجن صيدنايا التابع للنظام السوري، لا يعرفها إلا من نجا منه. السجن، الذي يقع في ريف العاصمة السورية دمشق، يديره نظام لا يعرف معنى الإنسانية. تتنوع القصص عنه، من تعذيب جسدي ونفسي إلى رعب وترهيب نقلها الناجون إلى العالم. من هم داخل السجن ربما يكونون أحياء لكنّهم ينتظرون الموت إن لم يموتوا أساساً. هو ما دفع أهالي المعتقلين والناجين والنشطاء لإطلاق مبادرة هدفها الإفراج عنهم أو معرفة مصيرهم على الأقل.

في هذا الخصوص، يوضح أحد مؤسسي رابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا، دياب سرية، لـ"العربي الجديد" أنّها رابطة تكافلية تضامنية مستقلة، تسعى إلى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة للمعتقلين على خلفية رأيهم أو نشاطهم السياسي، وتعمل على الكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرياً في سورية بشكل عام، وسجن صيدنايا على وجه الخصوص. تهتم الرابطة بشؤون المعتقلين والمختفين في سجن صيدنايا وتعمل على توثيق أعدادهم ومناطقهم وتاريخ فقدانهم والجهة المسؤولة عن اعتقالهم، وتسعى الرابطة إلى التواصل مع أسر المفقودين وتقديم الدعم المعنوي لها وإيصال صوتها ومعاناتها بشتى السبل والوسائل الممكنة. وتعمل الرابطة على شرح قضية المعتقلين والمفقودين أمام الرأي العام المحلي والدولي والتعاون مع المنظمات الحقوقية المحلية والدولية للقيام بتحقيقات حول قضايا المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا.

يشرح سرية أنّ الرابطة تنظم أنشطة مستمرة بهدف معرفة ومتابعة مصير المعتقلين، كالعمل على إنشاء قاعدة بيانات للمعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا تحتوي على ملفات خاصة بكلّ معتقل أو مختفٍ، والعمل على دراسة كلّ حالة على حدة. وكذلك، حصر وتوثيق أسماء المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سجن صيدنايا. والتواصل مع أسر المفقودين والمعتقلين لأخذ أكبر قدر من المعلومات حول أبنائهم، وتقديم أقصى ما يمكن من الدعم المعنوي والحقوقي لهذه الأسر. يضاف إلى ذلك تبادل الخدمات، والعمل والتعاون بأيّ طريقة تراها الرابطة مناسبة مع الجمعيات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية والأكاديمية والإنسانية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير والمعتقلين والمختفين قسرياً، والتي تشارك الرابطة في أهدافها، كما تتواصل الرابطة مع وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لشرح قضية المعتقلين والمفقودين، وعقد مؤتمرات صحافية لتقديم تقاريرها. أيضاً تتعاون الرابطة مع اللجان القانونية والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية التي ترفع قضايا ضد مرتكبي الانتهاكات الذين قاموا بالاعتقال أو التعذيب أو القتل وذلك أمام المحاكم الوطنية والإقليمية والدولية.

الرابطة بعد اجتماع (العربي الجديد) 

يردف سرية أنّ الرابطة تتولى الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان في سجن صيدنايا، وتعمل على إصدار دراسات وتقارير دورية تشرح مختلف الانتهاكات الواقعة وأعداد المعتقلين المتوقعة. وتعقد الندوات والمؤتمرات المتعلقة بأهدافها أو بقضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير والمعتقلين والمختفين قسرياً. ويشير إلى أنّ الرابطة تضم متطوعين يتابعون سير عملها، ويشرفون على أنشطتها وبرامجها وفعاليتها. أما الموظفون فيجري اختيارهم من قبل مجلس الإدارة سواء من أعضاء الرابطة أو من خارجها، إذ يتولون الأعمال التي يكلفهم بها مجلس الإدارة، إما تطوعاً أو بأجر. وترفض الرابطة انتساب أو توظيف أيّ شخص متورط بانتهاكات حقوق الإنسان، أو سبق له التعامل مع النظام السوري خلال فترة سجنه أو بعدها.

أمّا حسام (43 عاماً)، وهو شقيق أحد المعتقلين في سجن صيدنايا، فيخبر "العربي الجديد" أنّ الرابطة هي فرصة للدفاع عن مصير آلاف المعتقلين في سجن صيدنايا ومحاولة وفاء للوعود بالسعي للإفراج عنهم ومعرفة مصيرهم في أقبية السجن، وأنّ المعتقلين هم جرح لأهلهم وذويهم والمجتمع على وجه العموم، فيجب على الجميع السعي وبشتى الطرق والوسائل للإفراج عنهم وتخلصهم من براثن النظام المجرم. يعتبر، حسام، أنّ الرابطة هي باب من أبواب كثيرة على السوريين العمل فيها، تلبية لنداء الواجب كحدّ أدنى، كي لا يقعوا ضحية لتأنيب الضمير لأنّهم تقاعسوا عن مساندة أو مساعدة هؤلاء المختفين قسرياً والمعتقلين ظلماً في السجون.




من جهته، يقول محمد ياسر (41 عاماً) لـ"العربي الجديد": "اعتقلت مدة عامين في سجن صيدنايا، بعد نقلي إليه من فرع المنطقة 227، حيث ذقت أقسى أنواع العذاب. وعند وصولي إلى صيدنايا لم يتوقف هذا العذاب، ورأيت العديد ممن عرفتهم يفارقون الحياة أمامي، ويلفظون أنفاسهم الأخيرة". يتابع: "لن أدخر جهداً في إنقاذ حياة شخص معتقل بسجن صيدنايا أو أي سجن آخر من سجون الأسد، وسألوم نفسي ما حييت إن لم أسع في ذلك".