حسن سلامة عاش نكبتين

21 اغسطس 2017
يرفض أن يكون حبيس المنزل (العربي الجديد)
+ الخط -
ولد الفلسطيني حسن سلامة في دمشق في عام 1950. كان أهله قد لجأوا إلى سورية بعد نكبة عام 48. يتحدّر من بلدة الجاعونة في فلسطين، قضاء مدينة صفد. ولد لاجئاً، وعاش وعائلته في مخيّم اليرموك في سورية.

يقول: "على مدى ثلاثة وستين عاماً، ونحن نبني منزلنا في المخيم. لكن بدأت الحرب في سورية، ودمر بيتنا في عام 2012، من جرّاء القصف الذي استهدف المخيم. بعدها، نزحنا إلى لبنان، وسكنّا في مخيم عين الحلوة في صيدا (جنوب لبنان). استأجرنا منزلاً بلغت قيمته 300 ألف ليرة لبنانية (مائتا دولار)، ونحن نعيش هنا من قلّة الموت". يضيف: "ولدتُ في خيمة في شارع الأمين، لأن أهلي، حالهم حال عدد كبير من الفلسطينيّين، اضطروا إلى ترك بلادهم والسكن في مخيّمات. بقيت على هذا الحال إلى أن بلغت الخامسة من عمري. بعدها، بدأ بناء مخيم اليرموك. حتى الحياة في المخيم كانت صعبة، خصوصاً أن المنطقة التي شيّد فيها المخيّم كانت عبارة عن بساتين، ولا بناء فيها. وفي الشتاء، كان الطين يغمرنا".

التحق بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وكانت عبارة عن بيوت عربية قديمة، استأجرتها الوكالة وحولتها إلى مدارس. يذكر أنّ المدرسة الأولى التي تعلم فيها كانت مدرسة صفورية. وبعد بناء مخيم اليرموك، أصبحت المدارس داخل المخيم. يضيف: "حين أنهيت تعليمي المتوسط، التحقت بمعهد تابع للأونروا، وحصلت على دبلوم صناعي. وكان من المقرر أن ألتحق ببعثة إلى ألمانيا لمتابعة تعليمي، لكنهم ألغوا البعثات. انتقلت إلى منطقة سد الفرات في الرقة، وعملت فيها لمدة أربع سنوات. بعدها، فتحت محلّاً للحدادة في مخيم اليرموك".

يتحدث سلامة عن أفراد عائلته: "أنا متزوج ولدي أولاد، بعضهم متزوج ولديه أطفال". ابنته الصغرى جاءت معه إلى لبنان لمتابعة دراستها في الجامعة. إلا أنها لم تتمكن من ذلك بسبب الاختلاف الكبير في المنهاج. يقول: "قررت العودة إلى سورية لمتابعة تعليمها في جامعة دمشق، لكنّ خوفنا من منعها من دخول لبنان مجددا، جعلها تغير رأيها. أحمل إقامة مجاملة لأن أمي لبنانية، ويحقّ لي استحصال إقامة لأولادي. لكن عندما ذهبت إلى الأمن العام اللبناني، لم أستطع الحصول على الإقامة إلا لمدة ثلاثة أشهر. سمعت أنه صدر مرسوم يجيز للفلسطيني المقيم في سورية الحصول على إقامة، وسأحاول الحصول على إقامة حتى تستطيع ابنتي متابعة دراستها". يضيف: "في حال حصلت على إقامة لمدة عام، يمكنني حينها إرسال ابنتي إلى سورية".

عن وضعه في لبنان، يقول: "نعيش هنا وضعاً صعباً. إضافة إلى بدل إيجار البيت، هناك الكهرباء والمولد الكهربائي (الاشتراك) ومصاريف البيت. المنزل الذي نعيش فيه يتألف من غرفتين، ولا يتسع لي ولأولادي. لذلك، يعيش كلّ واحد في منزل مستقل. لا نستطيع تحمّل هذه الأعباء الكبيرة، وبالكاد تؤمن لنا الأونروا بدل إيجار البيت. وقد أوقفت المؤسّسات الخدمات التي كانت تقدمها. خلال شهر رمضان الماضي، وزّعت بعض المؤسّسات حصصاً تموينية على الناس، لكننا لم نحصل على شيء". كذلك، استأجر مساحة صغيرة بقيمة نحو ثلاثين دولاراً لتعبئة جرار الغاز. إلا أنه في الفترة الأخيرة، لم يستطع تأمين بدل إيجار منزله. وما زال يصرّ على العمل حتى لا يبقى حبيس المنزل.

بسبب الحرب في سورية، خسر سلامة بيته في مخيم اليرموك. مع ذلك، يقول إنّه مستعد للعودة إلى المخيّم فور انتهاء الحرب، ونصب خيمة فوق الركام ليعيش فيها وعائلته. "في اليرموك، كنا نعيش حياة مختلفة جداً عن الحياة في لبنان، إذ كانت الحياة أكثر كرماً معنا". يشعر، حاله حال عدد كبير من الفلسطينيين، أنه واجه نكبتين في حياته.

وإن كانت الحياة في لبنان صعبة، إلا أنه اعتادها، أو أنه لا يملك خياراً آخر، ويبقى متأملاً أن تنتهي الحرب في سورية قريباً، حتى يتمكن من العودة إلى "المنزل".

المساهمون