استمع إلى الملخص
- **انتهاكات حقوق الإنسان وعدم الاستجابة**: استعرضت المنظمات انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، مثل اعتقال طلاب ونشطاء سلميين، وأكدت فشل المجلس في التحرك لمنع هذه الانتهاكات أو مساءلة الدولة عنها، مما يثير تساؤلات حول استقلاليته وفعاليته.
- **قضايا الاستقلالية والتمويل والتقارير السنوية**: أعربت المنظمات عن قلقها بشأن استقلالية المجلس القومي لحقوق الإنسان، سواء من الناحية الإدارية أو المالية، وانتقدت التقارير السنوية لعدم تضمينها تحليلاً لانتهاكات حقوق الإنسان.
قدّمت المنظمات الحقوقية الثلاث "لجنة العدالة"، و"منا لحقوق الإنسان"، و"هيومن رايتس فاونديشن" تقريراً تقييمياً إلى اللجنة الفرعية للاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، لمواجهة جهود المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري الآيلة إلى الحفاظ على وضعه "مؤسسة من الفئة الأولى". يُذكر أنّ الهيئة الفرعية للاعتماد كانت قد أمهلت المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر 12 شهراً لمعالجة عدد من النقائص التي أبرزها في خلال جلستَي سبتمبر/ أيلول 2023 وأكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه.
وأفادت المنظمات الثلاث بأنّ المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي يُعَدّ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في مصر "لا يفي بالحدّ الأدنى من المعايير"، وبأنّ لديها "أسباباً معقولة" للقول إنّ المؤسسة "لا تستوفي المتطلبات اللازمة لمنحها الوضع (أ) ولذلك ينبغي على اللجنة الفرعية للاعتماد أن تنظر في تخفيض" مركزها إلى "المرتبة (ب) حتى تتمكّن المؤسسة من معالجة أوجه القصور الكبيرة لديها بمصداقية وفعالية".
وأوضحت "لجنة العدالة" و"منا لحقوق الإنسان" و"هيومن رايتس فاونديشن"، في بيان مشترك أصدرته اليوم الخميس، أنّ "على مدى العامَين الماضيَين، ظلّت الحكومة المصرية تحاول تبييض سجلها في مجال حقوق الإنسان من خلال تصوير نفسها على أنّها منفتحة على الحوار السياسي مع المعارضة. ويتجلّى ذلك بشكل خاص في إطلاق الحوار الوطني في عام 2022 والتأكيد على أنّ عام 2022 سيكون عام المجتمع المدني. ورغم كلّ هذا، مهدت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي جرت في مصر في المدّة من 10 إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول 2023، والتي تمّ فيها تعيين الرئيس عبد الفتاح السيسي لولاية ثالثة، الطريق لحملة قمع غير مسبوقة ضدّ الشعب المصري و(في حقّ) بيئة ديمقراطية".
ودللت المنظمات الثلاث على موقفها بأمثلة عدّة لانتهاكات حقوق الإنسان، من بينها اعتقال قوات الأمن المصرية طالبَين من جامعة المنصورة في مايو/ أيار 2024، بعد أن عبّرا عن آراء مؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي. كذلك اعتُقل أربعة ناشطين دوليين واحتجزوا لأكثر من 27 ساعة، في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، في أعقاب احتجاج مؤيد لفلسطين أمام وزارة الخارجية المصرية في القاهرة. ومن الأمثلة، اعتقال قوات الأمن المصرية تعسفياً واحتجاز ومحاكمة عشرات من المتظاهرين والناشطين السلميين في القاهرة والإسكندرية في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، علماً أنّهم كانوا قد تجمّعوا للتظاهر سلمياً، تضامناً مع فلسطين، ومطالبةً بحماية المدنيين في قطاع غزة. واعتقلت قوات الأمن، في المدّة ما بين 20 و24 أكتوبر 2023، ما لا يقلّ عن 72 متظاهراً سلمياً في أعقاب تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين.
ورأت "لجنة العدالة" و"منا لحقوق الإنسان" و"هيومن رايتس فاونديشن" أنّ "في كلّ تلك الانتهاكات (المذكورة آنفاً) فشل المجلس القومي لحقوق الإنسان في التحرّك لمنعها أو مساءلة الدولة عنها، ما يثير تساؤلات جدية في ما يتعلق بقدرته على القيام بدوره كهيئة حقوقية مستقلة ومحايدة". وأعادت المنظمات الثلاث الأمر إلى سيطرة الحكومة على المجلس القومي لحقوق الإنسان فتحوّل إلى "مجلس شبه حكومي"، وصار "بالتالي مؤسسة لا تستوفي المتطلبات المنصوص عليها في مبادئ باريس".
وتابعت المنظمات أنّ على الرغم من تشجيع اللجنة الفرعية للاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر لـ"تعزيز جهوده لمعالجة كلّ انتهاكات حقوق الإنسان"، فإنّ ثمّة تجاهلاً لمئات الشكاوى المقدّمة إلى المجلس، "بما في ذلك حالات الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي، وهذا يقود إلى استنتاج (مفاده) أنّ المجلس ليس آلية فعّالة لمساءلة الدولة أو إنصاف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان".
وحول زيارة أماكن حجز الحرية، نقل تقرير التقييم المشترك بين "لجنة العدالة" و"منا لحقوق الإنسان" و"هيومن رايتس فاونديشن" ملاحظات لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة لعام 2023، بشأن التقرير الدوري الخامس لمصر الذي أكّد وجود أوجه عديدة للقصور في ما يتعلق بـ"مراقبة المجلس القومي لحقوق الإنسان مراكز الاحتجاز"، كذلك ثمّة "قلق" لعدم توفّر معلومات بشأن أيّ "زيارات غير معلنة لأماكن الحرمان من الحرية من قبل آليات مستقلة"، ولا "التدابير المتّخذة لتنفيذ التوصيات المقدّمة من هيئات الرصد". وقد حثّت لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة الحكومة المصرية على "التأكد من أنّ هيئات المراقبة المكلّفة بزيارة أماكن الحرمان من الحرية، بما في ذلك المجلس القومي لحقوق الإنسان، قادرة على القيام بزيارات منتظمة ومستقلة وغير معلنة لكلّ الأماكن المدنية والعسكرية، والتحدّث بسرية مع جميع الأشخاص المحتجزين"، بحسب ما نقلت المنظمات في تقريرها.
وبشأن استقلالية المجلس القومي لحقوق الإنسان الإدارية، أشارت المنظمات الثلاث إلى أنّها حاولت، في تقرير التقييم المشترك، تقديم صورة واقعية عن قيادات المجلس في مصر، إذ تتزايد المخاوف بشأن استقلاليته بسبب قيادته. وأضافت أنّ "رئيس المجلس ونائب رئيسه المعيّنَين في عام 2021 لمدّة أربع سنوات، هما مسؤولان مصريان سابقان"، كذلك "عمل نائب رئيس المجلس، محمود كارم، منسقاً للحملة الرئاسية للرئيس (عبد الفتاح) السيسي".
وتابعت المنظمات: "بالتالي، فإنّ تكوين المجلس في حدّ ذاته يمثّل انتهاكاً واضحاً للمتطلّب الأساسي لمبادئ باريس، المتمثّل في أنّ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تكون (...) قادرة على العمل بشكل مستقل عن تدخّل الحكومة"، ويُنظَر إليها كذلك. وأكملت المنظمات الثلاث أنّ "اللجنة (الفرعية للاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان) طالبت في آخر مراجعة لها للمجلس وأعماله ضمان إضفاء الطابع الرسمي على عملية اختيار وتعيين (تكون) واضحة وشفافة وتشاركية لهيئة صنع القرار في المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في التشريعات أو اللوائح ذات الصلة أو المبادئ التوجيهية الإدارية الملزمة، بحسب الاقتضاء، وهو ما لم يحدث في الواقع".
ولفتت "لجنة العدالة" و"منا لحقوق الإنسان" و"هيومن رايتس فاونديشن" إلى أنّ في 29 ديسمبر 2021، أصدر الرئيس السيسي القرار رقم 616 لسنة 2021 القاضي بإعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان لمدّة أربع سنوات. وقد رُشّحت السفيرة مشيرة محمود خطاب لمنصب رئيس المجلس، والسفير محمود كارم محمود لمنصب نائب الرئيس، من دون أن يشارك المجتمع المدني في عملية الترشيح. وفي تعليقها على هذا الأمر، شرحت المنظمات أنّ "على الرغم من الأدلة الواقعية على عدم التمثيل، فإنّ المجلس ما زال يدّعي في تقريره أنّه يتمتّع بتمثيل متنوّع وغني للمجتمع المدني"، إذ إنّ "ما يقرب من نصف أعضائه (هم) من منظمات المجتمع المدني، وهو خطاب استعراضي يتعارض مع حقيقة تكوين المؤسسة".
وعن الاستقلالية المالية للمجلس، لاحظ تقرير التقييم المشترك للمنظمات الثلاث، بقلق، "استمرار افتقار المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى الاستقلال المالي في مواجهة السلطة التنفيذية. وبينما تنصّ المادة الأولى من القانون رقم 197 لسنة 2017 على تعديل أحكام القانون رقم 94 لسنة 2003 (الذي ينصّ) على أنّ المجلس يتمتّع بالاستقلال الفني و(كذلك) المالي والإداري في ممارسة مهامه وأنشطته واختصاصاته، إلا أنّ المجلس القومي لحقوق الإنسان (...) يطالب مجلس النواب بالموافقة على أيّ منح وتبرّعات يتلقّاها من جهة أجنبية". وأكدت المنظمات أنّ هذا أمر "يتناقض مع متطلبات المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، التي لا ينبغي أن يُطلب منها الحصول على موافقة الدولة على مصادر التمويل الخارجية، لأنّ هذا الشرط قد ينتقص من استقلاليتها".
وبخصوص إصدار التقارير السنوية، أسفت "لجنة العدالة" و"منا لحقوق الإنسان" و"هيومن رايتس فاونديشن" لعدم تضمّن التقارير أيّ تحليل لانتهاكات حقوق الإنسان، أو بيانات انتقاد في هذا السياق، أو دعوة لاحترام التزامات مصر في مجال حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها. ولاحظت أنّ هذا يتناقض مع الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان الصادرة في إبريل/ نيسان 2023، وكذلك ملاحظات منظمات المجتمع المدني.