مدمنو أفغانستان ينتكسون بعد العلاج

02 يوليو 2017
هل يعودان إلى المخدرات بعد خروجهما؟ (نيكولا عصفوري/فرانس برس)
+ الخط -
يتنامى الاتّجار بالمخدرات ويسهل الوصول إليها في أفغانستان، فيتزايد عدد المدمنين في البلاد، لا سيّما في المناطق النائية والأقاليم البعيدة التي بات سكانها يعانون من البطالة والفقر المستشري في أرجائها كافة. كذلك، يُسجَّل تزايد في الأقاليم القريبة من إيران، والتي غالباً ما يعبر أهلها الحدود للعمل في تلك الدولة المجاورة. ولعلّ أسوأ ما في الأمر أنّ الجهود التي تُبذل لمنع الشباب من اللجوء إلى إدمان المخدرات ولمعالجة مدمنيها تبوء بالفشل ولا جدوى منها.

ويعيد المعنيون أسباب انتكاسة المدمنين المعالَجين إلى نقص في العلاج وإلى تردّي الحالة المعيشية التي يحاول هؤلاء الهروب منها عبر الإدمان، وكذلك إلى البطالة المستشرية في البلاد التي تجعل الشباب يعانون من الفراغ.

يقول الناشط الاجتماعي محمد داود ستوري لـ "العربي الجديد" إنّ "أمّ المصاعب والمشاكل الاجتماعية في بلادنا هي البطالة وكذلك الحالة المعيشية المتردية اللتان توّلدان مفاسد كثيرة. فكثيرون هم الشباب الذين يلجؤون إلى الإدمان والسرقة بعدما فقدوا الأمل". ويحكي ستوري "قصّة محمد هارون وهو شاب من أقاربي كان يشتغل مع والده في الزراعة في إقليم بكتيا جنوبيّ البلاد. وبعد تدهور الأوضاع الأمنية هناك، خاف والده عليه وأرسله إلى العاصمة كابول حتى يشتغل ويساعده بعدما بات من الصعب العمل في الحقول. حينها، لم يعرف الوالد صفير الله أنّه سوف يفقد ابنه في أزقة العاصمة". يضيف أنّ "الشاب في البداية راح يشتغل في سوق شهزاده للصيرفة، ليتعرّف إلى شباب يتعاطون الحشيش. وصار محمد يتعاطى الحشيش معهم قبل أن يدمن الهيرويين".



ويتابع ستوري أنّ "الوالد صُدم بالأمر وكذلك الأسرة كلها. فتوجّه سريعاً إلى العاصمة، ليعثر على وحيده تحت جسر بول سوخته حيث يلتجئ المدمنون. اصطحبه إلى أحد المستشفيات التي تُعنى بالمدمنين في منطقة خوشحال خان، وهناك تابع الإبن علاجاً قبل أن يعود مع والده إلى القرية. وبعد فترة قصيرة، اختفى الشاب فقصد الوالد العاصمة مجدداً وعالجه وعاد به إلى القرية. وراح الأمر يتكرر، حتى يئس الوالد وترك ابنه تحت الجسر".

قصة محمد هارون واحدة من مئات قصص مشابهة، ويقول في السياق الدكتور عبد الله أحمد الذي كان يعمل في مشروع معالجة المدمنين إنّ "عدداً كبيراً من المدمنين في أفغانستان لا ينتفع من العلاج. وهذه واحدة من الحقائق المرّة، على الرغم من أنّ مبالغ ضخمة تُصرف لذلك من قبل الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي".

يضيف أحمد لـ "العربي الجديد" أنّ "الملفات الاجتماعية كلها ترتبط ببعضها بعضاً. البطالة تتسبب في الوضع الاقتصادي الهش، وهو بدوره يتسبب في المساوئ الخلقية من قبيل الإدمان والسرقات. يُضاف إلى ذلك توجّه شباب كثيرين إلى إيران ودول الجوار، ليعودوا إلى البلاد وهم مدمنون بمعظمهم. كذلك فإنّ كثيرين يدمنون المخدرات بعد وجودهم على مقربة منها أو عملهم في تهريبها".

عبد السميع من سكان إقليم قندوز شماليّ البلاد، واحد من هؤلاء الذين انتكسوا بعد العلاج. يخبر "العربي الجديد" أنّه اعتاد "تعاطي الحشيش والهيرويين مع بعض أقاربي. تنبّهت أسرتي للأمر فأدخلتني مستشفى للمدمنين في إقليم بغلان المجاور. لم يطل علاجي وعدت إلى الحياة الطبيعية، لكنّ السفر إلى إيران للعمل مع أقاربي تسبّب في انتكاسي".

يقول عبد السميع: "عملت في حقول رجل إيراني، وهناك أدمنت الحشيش مع العمّال الأفغان الآخرين، على الرغم من أنّني حاولت تجنّب الأمر في البداية". لكنّ الشاب راح بعد ذلك يتعاطى الهيرويين مع رفيق إيراني له، قبل أن يعود إلى أفغانستان وقد تدهورت صحته. وبعدما راح يسرق أغراض المنزل للتزوّد بالهيرويين، طرده أهله وتشرّد في أزقة قندوز حيث راح يسرق من المحال التجارية ومنازل أناس آخرين لتأمين ما يحتاجه من مخدّرات.

تجدر الإشارة إلى أن تقريراً حديثاً أصدره مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة، لفت إلى وجود مؤشرات قوية على إستخدام الميتامفيتامين المخدر في البلاد. وقال مدير المكتب للشؤون العامة، جان لوك لاماهيو: "يأتي هذا التقرير في الوقت المناسب، ويتيح فهماً إضافيا لوضع المخدرات الأفغاني البالغ التعقيد".

المساهمون