طالبات لجوء يتحايلن على ألمانيا بـ"أبوة صورية"

10 يونيو 2017
وضع يهدد مستقبل الأطفال (دان كيتوود/ Getty)
+ الخط -
وجدت مئات النسوة الحوامل من طالبات اللجوء في ألمانيا فرصة للاستفادة من القانون في الحصول على الإقامة، وتأمين حق البقاء في البلاد من خلال التواطؤ مع رجال ألمان لتسجيل أطفالهن بعد الولادة بأسمائهم مقابل مبالغ مالية قد تصل الى خمسة آلاف يورو. لكن، مع تزايد عدد الحالات استدعت القضية تحرك السلطات لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الطرفين.

في هذا الاطار، أعلن المتحدث باسم الادعاء الألماني مارتن شتلتنر في حديث إذاعي أنّ هناك نحو 700 حالة من هذا النوع في العاصمة برلين وحدها. وهو ما أكده وزير الدولة للشؤون البرلمانية أولي شرودر إذ قال: "هناك مؤشرات ومراجعات كثيرة لدى سلطات الهجرة. والرقم الحقيقي كبير، ومن الواضح أنّ بعض الرجال الألمان يقبلون بالعرض من أجل كسب المال، وهذا ما يشير إلى أنّنا نتعامل مع جريمة خطيرة".

ينص القانون المعمول به حالياً على أنّ الأب القانوني ليس بالضرورة أن يكون الأب البيولوجي للطفل إنّما من يبدي رغبته في "تبني" الطفل. وعادة ما يكون هذا الأب على علاقة مع الأم، فيسجل الطفل باسمه ليصبح بعد ذلك الأب القانوني والمسؤول اجتماعياً عن كلّ المتطلبات الخاصة به.

تظهر المعطيات أنّ طالبات اللجوء الحوامل ومعظمهن من فيتنام وأفريقيا وأوروبا الشرقية يلجأن إلى الاحتيال والاستفادة من ثغرة قانونية تسمح للرجل في ألمانيا بإمكانية التصريح بأبوة طفل، ليخوله بذلك الحصول على الجنسية الألمانية كون الوالد ألمانياً وهذا ما يعطي الأمهات تلقائياً وقانونياً خيار تثبيت حقهن بالبقاء والحصول على الإقامة في ألمانيا.

وبحسب التقارير، فإنّ الأغلبية المطلقة من هذه الحالات يكون الرجال الألمان فيها من العاطلين من العمل، وهمهم الكسب والحصول على المال، وليست لديهم النية أو القدرة المادية على تقديم النفقة لتربية الأطفال، وهو ما يضع مؤسسات الدولة أمام مهمة تقديم الإعانة والنفقات اللازمة إلى حين عثور الأب المفترض على فرصة عمل، وعندها يعود للتكفل بالنفقة بحسب ما هو منصوص عليه في القانون.

في خطوة منها لمواجهة هذه الظاهرة، أصدرت السلطات الألمانية أخيراً تعديلات قانونية من المنتظر أن تصبح نافذة خلال الفترة المقبلة بعد التصديق عليها. ركزت هذه التعديلات على ضرورة أن يكون هناك رابط إقامة وعلاقة اجتماعية بين الأب المعترف بالأبوة والطفل، كذلك أن يعلن التزامه بتحمل المسؤولية والمصاريف الكاملة وليس الاعتراف الصوري فحسب.

من الناحية الاجتماعية، يحذر مختصون من نتائج هذه الظاهرة، وما ستكشفه التحقيقات التي سيكون لها تبعات سلبية، فقد تمتنع دائرة الأجانب عن استصدار شهادة أبوة للطفل ما يجعله فاقداً الأوراق الثبوتية التي تمنحه الجنسية الألمانية، فيكون وضع الأم بالتالي معرضاً للخطر، لتكون هناك صعوبة بعدها في حصولها على إقامة تسمح لها بالبقاء في البلاد. ومن ناحيته، قد يتعرض الأب المزيف، وهو الشريك بالجرم، للمساءلة القانونية وتوجه إليه تهمة التزوير والاحتيال. أما في حال التزام الأب المزيف بالمسؤوليات المطلوبة منه، فعليه أن يتحمل مصاريف الطفل لمدة طويلة تكلفه أضعاف ما تقاضاه مقابل التصريح بأبوته. وهذا ما يعتبره المتخصصون أمراً معقداً نسبياً سيجعل السلطات تواجه عقبات للوقوف على الحقيقة في هذا النوع من القضايا التي تحتاج إلى أدلة وإفادات واعترافات تكشف الواقع الحقيقي لكلّ قضية على حدة.
المساهمون