سرقة واستبدال مساعدات أممية للنازحين في العراق

17 فبراير 2017
حتى الخيام يتم استبدالها بأخرى رديئة (سافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
يعاني نازحون عراقيون من نقص المواد الغذائية ووسائل التدفئة داخل مخيمات النزوح، في الوقت الذي يتاجر آخرون بالمساعدات المخصصة لهم من قبل الأمم المتحدة، بحسب ما كشفت تحقيقات وشهادات.

وأنتجت أزمة النزوح طبقة جديدة من الفاسدين يتصدرها تجار يُطلق عليهم في الأسواق وصف "الحيتان"، وهؤلاء مهمتهم عقد الصفقات مع الجهات الإغاثية، وشراء المساعدات الأممية للنازحين وبيعها في الأسواق، أو استبدالها بأخرى.

ومنذ سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على مناطق واسعة في العراق صيف 2014، بدأت عمليات نزوح من تلك المناطق، وزادت أعداد النازحين مع انطلاق العمليات العسكرية لتحرير المناطق التي انطلقت في نفس العام وصولاً إلى المعارك الجارية حالياً لتحرير الموصل.

وتوفر الأمم المتحدة بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية العراقية ومنظمات مدنية، مخيمات للنازحين تدعمها بخيم خاصة تتلاءم وظروف البيئة، بالإضافة إلى الفرش والأغطية والمواد الغذائية المختلفة.

لكن النازحين في المخيمات يستمرون في الشكوى من عدم توفر أبسط المواد الإغاثية، فضلاً عن تعرضهم لأمراض من جراء البرد وسوء التغذية، حسب ما أكدوه لـ"العربي الجديد".

بدورهم، أكد ناشطون إغاثيون يعملون في منظمات على علاقة بالأمم المتحدة، أن الأخيرة ترسل أكثر مما يحتاجه النازحون، إلا أن تلك المواد يسرقها تجار وصفوهم بـ"الحيتان".

مخيم تكريت الثاني

وفي السياق ذاته، قالت مسؤولة الشرق الأوسط في المنظمة البلجيكية لحقوق الإنسان، بافوو منار، إن عدة شكاوى وصلت إلى منظمتها من نازحين تؤكد استبدال المواد الإغاثية بأخرى، أو بيعها دون توزيع أخرى بديلة.

وتحدثت منار، لـ"العربي الجديد"، عن "مأساة إنسانية يعيشها النازحون في مخيم تكريت الثاني"، مؤكدة أن سبب المأساة يعود إلى "الفساد الإداري من قبل إدارة المخيم. رغم المساعدات الكبيرة التي تصل من المنظمات الدولية والمحلية؛ إلا أن النازحين في المخيم يعانون من نقص المواد المواد الغذائية والنفط وغاز الطبخ".

وأضافت: "النازحون يحتطبون ويعدون طعامهم داخل الخيم، إنه أمر خطير للغاية، خيامهم غير آمنة، وهي خيام ليست أصلية. الخيام التي أرسلتها الأمم المتحدة تختلف عن تلك التي يقيمون فيها".

لكن الحال مختلف في مخيم تكريت الأول، بحسب منار، المخيم "تشرف عليه مباشرة منظمة دولية تقوم بنفسها بتوزيع المساعدات، لذلك يتمتع المخيم بخدمات أفضل تقدم للنازحين، حتى الخدمات الطبية".

تحت حماية المليشيات

وبينت أن المخيم الثاني قريب من مواقع تابعة لـ"المليشيات"، دون أن تحدد هويتها، لافتة إلى أن النازحين في المخيم الثاني "ناشدونا النظر إلى معاناتهم". وقالت إن منظمتها وثقت بالصور "معاناة النازحين داخل المخيم، حتى الخيام التي وزعتها الأمم المتحدة بيعت في الأسواق واستبدلت بأخرى مشابهة، لكنها رديئة، وغير مطابقة للمواصفات".

وتفرض مليشيات منضوية داخل "الحشد الشعبي"، التي تعمل إلى جانب القوات العراقية، سيطرتها على عدد من المناطق بدعوى حمايتها، وبحسب مصادر مطلعة فإن تلك المليشيات تستفيد من سطوتها في "الكسب غير المشروع" عن طريق الانتفاع من المواد الإغاثية المخصصة للنازحين.

وقال الناشط المدني علي الجبوري، إن "المليشيات تدعم أشخاصاً وتوفر لهم الحماية، ومهمتهم الحصول بطريقة أو بأخرى على المواد الإغاثية المخصصة للنازحين"، مضيفاً في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "هؤلاء الأشخاص صاروا تجاراً كباراً من جراء المتاجرة بالمواد الإغاثية".

وكشف الجبوري أنه تعرف إلى تاجر كبير يوصف بـ"الحوت"، مبيناً أن هذا التاجر "يتحصل باستمرار على عقود كبيرة، منها بناء أو ترميم وتأهيل مدارس أو مستشفيات، وتجهيز مواد إغاثية، أو مقاولات لتعبيد طرق وغيرها من المشاريع التي تتعلق بتقديم معونة للنازحين".

وتابع: "الأمم المتحدة ترسل موادَّ إغاثية تزيد أحياناً عن حاجة النازحين، لكن السرقة من قبل جهات مسؤولة تمنع وصولها إلى النازحين الذين يتعرض بعضهم لأمراض خطيرة بسبب انعدام الخدمات ونقص الأدوية التي تذهب إلى الأسواق بدلاً منهم".

وتشهد المواد الإغاثية الغذائية والبطانيات والفرش والخيام رواجاً في الأسواق لأنها، وفقاً لأصحاب محال تجارية، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، ذات جودة عالية تفتقدها الأسواق العراقية التي صارت تعتمد استيراد المنتجات الرديئة.

المساهمون