أكلات شتاء غزة: السعرات الحرارية في مواجهة البرد

01 فبراير 2017
الفتّة فعّالة في موسم الصقيع (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تجتمع أسرة المواطن الفلسطيني عبد السلام أبو عاصي (أبو محمد) لحظة اشتداد البرد والمطر حول طبق "فتة العدس" الساخن، وإلى جانبه طبق شوربة العدس والبصل والفجل والزيتون والفلفل الأحمر الحار، الذي لا يغادر مائدة أي عائلة غزّية، في محاولة للتغلب على البرد القارس.

تلك الأسرة ليست الوحيدة التي تطهو العدس خلال المنخفضات الجوية والبرد الشديد، إذ إن تلك الأكلة وإلى جانبها مجموعة من الأكلات شاعت بين الفلسطينيين عموماً، وأهالي قطاع غزة على وجه التحديد، لتصبح ضمن أبرز الطقوس الغذائية شتاءً.

ويقول أبو محمد (45 عاماً)، وهو من سكان حي الزيتون، إلى الجنوب من مدينة غزة، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يحتار حين يذهب للتسوق خلال المنخفضات الجوية والأمطار، إذ اعتاد وأسرته على عدة أكلات تقدم لحظة نزولها عن النار، تعطي الدفء والطاقة.

بينما توضح زوجته أم محمد، أن الأكلات التي تصنعها خلال الصيف تختلف عن أكلات الشتاء، وتحديداً عن الأكلات التي تطهى خلال اشتداد الأمطار والأجواء الباردة، والتي يفضلها زوجها وأبناؤها، وتضيف: "غداً سأطهو لهم محشي الملفوف، ويشبه ورق العنب، الذي يختفي في الشتاء".

ويتجه الفلسطينيون إلى عدد من الأكلات الساخنة خلال الشتاء، ومنها "العدس، الحماصيص، الخبيزة، المفتول، الملفوف، فتة الحمص المغمورة بالسمن البلدي، المعجنات بالجبن وفطائر السبانخ، المجدرة، المسخن، وغيرها من الأكلات ذات السعرات الحرارية العالية".



وعن طريقة إعداد بعض الأكلات الفلسطينية والتي تشتهر شتاء، تقول المواطنة أم سمير فروانة (52 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إن أبرز تلك الأكلات "المسخن"، وهي أكلة فلسطينية تصنع من الدجاج والبصل وزيت الزيتون وخبز الصاج "الطابون"، ويضاف إليها السماق، وتمد الجسم بالطاقة.

وتضيف: "كذلك أكلة الكشك، وهي مشهورة في بلاد الشام ومصر والعراق، يغلب عليها اللبن الحامض المطبوخ، ويعطي للجسم حرارة وطاقة، إضافة إلى أوراق الخبيزة والتي تنمو بكثرة في فصل الشتاء، ولها فوائد طبية كثيرة، أبرزها التغلب على نزلات البرد".

وتتابع أم سمير حديثها شارحة طريقة إعداد وجبة المجدرة، المصنوعة من الأرز وحبوب العدس "غير المقشرة"، والتي يضاف إليها البصل المقلي، لافتة إلى أن بعض العائلات تتجه كذلك إلى صنع "الفريكة"، وهي حبوب القمح الأخضر، والتي تصنع منها الشوربة أيضاً.

وتوضح أم سمير أن اتجاه العائلات إلى تلك الأكلات جاء نتيجة التعود أولاً، والتجارب التي أكدت نجاحها في مواجهة البرد، ومد الجسم بالطاقة والحرارة المفقودة، لافتة إلى أن أسعار تلك الأكلات متوسطة، وبإمكان شريحة كبيرة من الناس توفيرها دون عناء.

إلى جانب المأكولات، هناك مجموعة من الحلويات والمشروبات التي تنتشر أيضاً خلال فصل الشتاء والمنخفضات الجوية ولحظات البرد الشديد، ومنها الشعيرية، الحلبة، البسبوسة، الرز بالحليب، أم علي، وفطائر الفواكه، إضافة إلى مشروب السحلب، والشوكولاتة الساخنة.

وتقول الغزّية سلمى أبو مسلم (52 عاماً)، إنّ حلويات "أم علي" تحتوي قيمة غذائية كبيرة من دهون وسكريات، وتحتوي على الطحين والقشطة والزبيب أو التمر والحليب والسكر والفستق الحلبي واللوز والصنوبر، موضحة أنها تُشعر الجسم بالدفء وتكسبه الطاقة.

وتروي أبو مسلم، وهي أم لستة أولاد، أنها لا زالت تصنع "الشعيرية" لأبنائها حين يأتون لزيارتها في أوقات البرد، وتزينها ببهار القرفة وجوز الهند والزبيب، كذلك تحضر لزوجها مشروب "السحلب" الساخن، وتزينه بالمكسرات وجوز الهند.

جلسات السهر والسمر في الشتاء لها نكهة مختلفة عن الصيف عند الشاب محمود الحاج وأصدقائه، إذ يجتمعون حول كانون النار لشواء الكستناء ومكسرات عين الجمل، والتي تنتشر بكثرة خلال أيام البرد، في محاولة منهم لتفريغ شحناتهم السلبية جراء الواقع الاقتصادي الصعب.

ويقول الحاج لـ"العربي الجديد"، إن لحظات الفرح يمكن صناعتها بأبسط الأشياء، من أجل الانتصار على كل الأمور المُحبطة، مضيفاً: "في الصيف نصنع حفلات الشواء، بينما نشوي المسليات في الشتاء.. أسعارها بسيطة مقارنة بأجواء الفرحة التي تخلقها".

بينما يوضح صديقه الصيدلاني مهدي عطية، من سكان منطقة النصر، شمالي مدينة غزة، أنه يفضل تناول شوربة العدس خلال أيام البرد، و"التحلية" بالشعيرية، و"التسلية" بالكستناء مع أصدقائه.
دلالات