تواجه فلّاحات تونس يومياً خطر الموت خلال نقلهن إلى القرى البعيدة للعمل. وفي ظل عدم توفر وسائل نقل آمنة، يُنقلنَ في الشاحنات بظروف سيئة، لتتكرّر الحوادث.
تعاني خيرة اللافي (50 عاماً)، وهي فلاحة من معتمدية أولاد حفوز في محافظة سيدي بوزيد، من آلام في الرأس، بعدما أصيبت في حادث انقلاب شاحنة كانت تقلها برفقة 12 امرأة إلى قرية لجني اللوز في منطقة سيدي اللافي. تقول لـ"العربي الجديد"، إنّ صاحب الأرض نقلها إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة، ثم أعطاها مبلغ 200 دينار (نحو 70 دولاراً) لشراء الدواء، لكنه طلب منها لاحقاً ألا تتصل به مجدداً.
بعدها، باتت خيرة عاجزة عن العمل، رغم أنّها المعيلة الوحيدة لعائلتها المكونة من ثلاثة أطفال بعدما هجرها زوجها. توضح أن العمل في الزراعة كان مصدر رزقها الوحيد، إلّا أنها لم تعد قادرة على العمل مجدداً.
تتكرّر حوادث الشاحنات في تونس. أخيراً، انقلبت شاحنة بعدما تجاوزت شاحنتين على الطريق بين المهيري والقيروان، وكانت إحداها تقل 36 عاملة، ما أدى إلى إصابتهن ونقلهن إلى المستشفى. كذلك، أثار فيديو يظهر نقل عاملات في ظروف سيئة في محافظة بنزرت، جدالاً واسعاً في البلاد، وطلب محافظ بنزرت من النيابة العامة فتح تحقيق حول الطريقة المهينة لنقل العاملات، داعياً إلى تشديد الرقابة على الطرقات.
وفي 25 إبريل/ نيسان الماضي، في منطقة الفوار في معتمدية تبرسق (ولاية باجة)، انقلبت شاحنة تنقل عاملات في القطاع الزراعي، ما أسفر عن وفاة عاملة وجرح 20 أخريات. تقول رئيسة جمعية "النهوض لإنصاف المرأة الريفية" في محافظة سيدي بوزيد، إنصاف الحامدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ العاملات في الزراعة، خصوصاً في الجهات الداخلية، يضطررن إلى اجتياز عشرات الكيلومترات من أجل العمل في القرى. وبسبب وعورة الطرقات، يرفض أصحاب عدد من وسائل النقل إيصال العاملات، فيتفقن مع صاحب شاحنة على نقلهن، وأحياناً يتولى سماسرة تأمين نقلهن. تضيف الحامدي أن صاحب الأرض يؤمن النقل أحياناً، ويطلب من 40 عاملة الركوب في شاحنة واحدة. وعن كيفية نقلهن، تقول الحامدي إنّ المزارعات يتجمعن على مقربة من جامع أو مستشفى محلي أو طريق رئيسي، ثم يأتي صاحب الأرض أو السمسار ويقلهن في شاحنة في ظروف سيئة. بعضهن يتمسّكن بحافة الشاحنة وأخريات لا يجدن مكاناً يجلسن فيه.
اقــرأ أيضاً
وبالعودة إلى حادثة سيدي اللافي في سيدي بوزيد، تؤكّد الحامدي أنّه من بين اللواتي تأذين طالبة جامعية كانت تحاول تأمين مصاريف الدراسة، وقد أصيبت بكسور لأنها قفزت من الشاحنة أثناء الحادث، وأخرى ثلاثينية باتت عاجزة عن العمل بسبب الكسور في يديها.
تكرار الحوادث دفع وزيرة المرأة نزيهة العبيدي إلى تحذير الأطراف التي تتاجر بالنساء الريفيات، مؤكدة في تصريحات إعلامية بتاريخ 16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن الحكومة ستتصدّى لكل أشكال الاستغلال لهذه الفئة، على أن تحاسب وتعاقب كل من يخالف القانون وينتهك حقوق الإنسان. وتشير إلى أن هناك مساع لتغيير الفصل 33 الخاص بالنقل.
وتمثّل النساء العاملات في الزراعة في تونس 32.4 في المائة من مجموع النساء في البلاد، و50.4 في المائة من السكان في الوسط الريفي، ويساهمن في التنمية وتحقيق الأمن الغذائي. كما أنّ القطاع الزراعي يعتمد بدرجة أولى على النساء، ويضم نحو نصف مليون امرأة، بحسب تصريحات لوزيرة المرأة لمناسبة إحياء اليوم العالمي للمرأة الريفية، تحت شعار "من أجل ضمان العمل اللائق والتغطية الاجتماعية للنساء في المناطق الريفية"، في 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
من جهته، أطلق مرصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس حملة تحت شعار "لا لشاحنات الموت"، بسبب تكرّر الحوادث في تونس، وتجاهل الهياكل المهنية للقطاع الزراعي، والجهات الحكومية لظروف نقل النساء العاملات، ما أدى إلى حوادث قاتلة أحياناً. يقول المسؤول عن الإعلام في المرصد، رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، إنّ هذا الأمر يرتبط بظروف اقتصادية واجتماعية وعقلية الربح السهل، لافتاً إلى أن النقل في شاحنات غير مهيأة يقود في حالات كثيرة إلى مثل هذه الحوادث، لافتاً إلى أنه "في الإمكان توفير شاحنات لائقة".
ويوضح رئيس الاتحاد الجهوي للزراعة في منوبة، فخري ترجمان، أنّ حل هذه الإشكاليات صعب جداً لأنّ غالبية العاملات يعملن بصفة موسمية، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أنه لوحظ في محافظة منوبة، قرب العاصمة التونسية، وصول عاملات من مدن بعيدة كسجنان وماطر في محافظة بنزرت، ينقلهن سماسرة في ظروف سيئة جداً. ويكشف أنّ هذه الظاهرة تكثر في موسم جني الزيتون أو جمع الغلال، لافتاً إلى أنه رغم الحوادث القاتلة أحياناً، إلّا أن هذا النقل سيظل موجوداً طالما لا توجد حلول بديلة.
في السياق، تؤكّد عضو المكتب التنفيذي المكلفة بالمرأة الفلّاحة في اتحاد الفلاحين، إيناس نقارة، لـ"العربي الجديد"، أن صعوبة المعيشة والأوضاع الاجتماعية تدفع النساء إلى العمل في الزراعة لتأمين قوت يومهن ومصاريف الحياة واستخدام شاحنات الموت في ظل غياب وسائل النقل. تضيف أنّ اتحاد الفلاحين قدّم مقترحات عدة لوزارة النقل، كإحداث خطوط خاصة للنقل الفلاحي، وحثّ المصارف على تقديم تسهيلات للراغبين في توفير شاحنات تتسع لـ9 مزارعات.
اقــرأ أيضاً
بعدها، باتت خيرة عاجزة عن العمل، رغم أنّها المعيلة الوحيدة لعائلتها المكونة من ثلاثة أطفال بعدما هجرها زوجها. توضح أن العمل في الزراعة كان مصدر رزقها الوحيد، إلّا أنها لم تعد قادرة على العمل مجدداً.
تتكرّر حوادث الشاحنات في تونس. أخيراً، انقلبت شاحنة بعدما تجاوزت شاحنتين على الطريق بين المهيري والقيروان، وكانت إحداها تقل 36 عاملة، ما أدى إلى إصابتهن ونقلهن إلى المستشفى. كذلك، أثار فيديو يظهر نقل عاملات في ظروف سيئة في محافظة بنزرت، جدالاً واسعاً في البلاد، وطلب محافظ بنزرت من النيابة العامة فتح تحقيق حول الطريقة المهينة لنقل العاملات، داعياً إلى تشديد الرقابة على الطرقات.
وفي 25 إبريل/ نيسان الماضي، في منطقة الفوار في معتمدية تبرسق (ولاية باجة)، انقلبت شاحنة تنقل عاملات في القطاع الزراعي، ما أسفر عن وفاة عاملة وجرح 20 أخريات. تقول رئيسة جمعية "النهوض لإنصاف المرأة الريفية" في محافظة سيدي بوزيد، إنصاف الحامدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ العاملات في الزراعة، خصوصاً في الجهات الداخلية، يضطررن إلى اجتياز عشرات الكيلومترات من أجل العمل في القرى. وبسبب وعورة الطرقات، يرفض أصحاب عدد من وسائل النقل إيصال العاملات، فيتفقن مع صاحب شاحنة على نقلهن، وأحياناً يتولى سماسرة تأمين نقلهن. تضيف الحامدي أن صاحب الأرض يؤمن النقل أحياناً، ويطلب من 40 عاملة الركوب في شاحنة واحدة. وعن كيفية نقلهن، تقول الحامدي إنّ المزارعات يتجمعن على مقربة من جامع أو مستشفى محلي أو طريق رئيسي، ثم يأتي صاحب الأرض أو السمسار ويقلهن في شاحنة في ظروف سيئة. بعضهن يتمسّكن بحافة الشاحنة وأخريات لا يجدن مكاناً يجلسن فيه.
وبالعودة إلى حادثة سيدي اللافي في سيدي بوزيد، تؤكّد الحامدي أنّه من بين اللواتي تأذين طالبة جامعية كانت تحاول تأمين مصاريف الدراسة، وقد أصيبت بكسور لأنها قفزت من الشاحنة أثناء الحادث، وأخرى ثلاثينية باتت عاجزة عن العمل بسبب الكسور في يديها.
تكرار الحوادث دفع وزيرة المرأة نزيهة العبيدي إلى تحذير الأطراف التي تتاجر بالنساء الريفيات، مؤكدة في تصريحات إعلامية بتاريخ 16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن الحكومة ستتصدّى لكل أشكال الاستغلال لهذه الفئة، على أن تحاسب وتعاقب كل من يخالف القانون وينتهك حقوق الإنسان. وتشير إلى أن هناك مساع لتغيير الفصل 33 الخاص بالنقل.
وتمثّل النساء العاملات في الزراعة في تونس 32.4 في المائة من مجموع النساء في البلاد، و50.4 في المائة من السكان في الوسط الريفي، ويساهمن في التنمية وتحقيق الأمن الغذائي. كما أنّ القطاع الزراعي يعتمد بدرجة أولى على النساء، ويضم نحو نصف مليون امرأة، بحسب تصريحات لوزيرة المرأة لمناسبة إحياء اليوم العالمي للمرأة الريفية، تحت شعار "من أجل ضمان العمل اللائق والتغطية الاجتماعية للنساء في المناطق الريفية"، في 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
من جهته، أطلق مرصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس حملة تحت شعار "لا لشاحنات الموت"، بسبب تكرّر الحوادث في تونس، وتجاهل الهياكل المهنية للقطاع الزراعي، والجهات الحكومية لظروف نقل النساء العاملات، ما أدى إلى حوادث قاتلة أحياناً. يقول المسؤول عن الإعلام في المرصد، رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، إنّ هذا الأمر يرتبط بظروف اقتصادية واجتماعية وعقلية الربح السهل، لافتاً إلى أن النقل في شاحنات غير مهيأة يقود في حالات كثيرة إلى مثل هذه الحوادث، لافتاً إلى أنه "في الإمكان توفير شاحنات لائقة".
ويوضح رئيس الاتحاد الجهوي للزراعة في منوبة، فخري ترجمان، أنّ حل هذه الإشكاليات صعب جداً لأنّ غالبية العاملات يعملن بصفة موسمية، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أنه لوحظ في محافظة منوبة، قرب العاصمة التونسية، وصول عاملات من مدن بعيدة كسجنان وماطر في محافظة بنزرت، ينقلهن سماسرة في ظروف سيئة جداً. ويكشف أنّ هذه الظاهرة تكثر في موسم جني الزيتون أو جمع الغلال، لافتاً إلى أنه رغم الحوادث القاتلة أحياناً، إلّا أن هذا النقل سيظل موجوداً طالما لا توجد حلول بديلة.
في السياق، تؤكّد عضو المكتب التنفيذي المكلفة بالمرأة الفلّاحة في اتحاد الفلاحين، إيناس نقارة، لـ"العربي الجديد"، أن صعوبة المعيشة والأوضاع الاجتماعية تدفع النساء إلى العمل في الزراعة لتأمين قوت يومهن ومصاريف الحياة واستخدام شاحنات الموت في ظل غياب وسائل النقل. تضيف أنّ اتحاد الفلاحين قدّم مقترحات عدة لوزارة النقل، كإحداث خطوط خاصة للنقل الفلاحي، وحثّ المصارف على تقديم تسهيلات للراغبين في توفير شاحنات تتسع لـ9 مزارعات.