أوضاع معيشية قاسية لنازحي المدن العراقية المحررة من "داعش"

04 سبتمبر 2016
لم تنته معاناة النازحين بخروج "داعش" (Getty)
+ الخط -
يعاني النازحون العائدون إلى مناطقهم التي استعادتها القوات العراقية من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أوضاعاً صعبة وسط الدمار والخراب الكبير الذي لحق بالبنية التحتية في مدنهم، وتدمير وتضرر محطات الكهرباء ومياه الشرب وشبكات المجاري، وتوقف الأعمال.

ولا يجد العائدون إلى مناطقهم بداً من مكابدة الحياة القاسية، فلا قدرة لهم على ترميم ما تضرر من منازلهم المدمرة لعدم وجود تعويضات مالية حكومية، فيما فقد نحو 90 في المائة منهم أعمالهم لتضرر الأحياء الصناعية والورش والمصانع، وتدمير العديد منها خلال المعارك.

تكريت إحدى أبرز المدن التي استعادتها القوات العراقية من قبضة تنظيم "داعش"، قبل نحو عام ونصف، عاد من أهلها أقل من نصفهم، بحسب الناشطين، لكنهم يقاسون الأوضاع المعيشية والأمنية هناك.

ياسين التكريتي (47 عاماً) عاد بأسرته إلى تكريت من إقليم كردستان، لكنه لبث في المدينة بضعة أشهر ليعاود النزوح منها مرة أخرى.

يقول التكريتي لـ"العربي الجديد" لا يمكن العيش في المدينة، فالمليشيات تتجول في أحيائها ليلاً ونهاراً تخطف أو تعتقل أي شخص على الشبهة أو بوشاية من مخبر سري، لعداوات شخصية، أو ثأر عشائري قديم، والأعمال متوقفة تماماً، والخدمات شبه معدومة.

ويضيف "كنت أتوقع أن تحرير المدينة سيفتح صفحة جديدة للعيش، لكنني فوجئت بحجم الدمار والتدهور الأمني المستمر، فلم أستطع المكوث فيها سوى بضعة أشهر، ونزحت مرة أخرى بأسرتي نحو إقليم كردستان شمال العراق".



ولا يختلف حال مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، التي استعادتها القوات العراقية قبل نحو سبعة أشهر، حيث يعيش الأهالي أوضاعاً صعبة بلا ماء ولا كهرباء ولا خدمات، وسط دمار وخراب كبير يلف المدينة من كل جانب.

الناشط المدني حسام الدليمي يوضح لـ"العربي الجديد" ما يعيشه أهالي الرمادي بعد تحرير المدينة بأكثر من نصف عام مبيناً، أن "حجم الدمار كبير جداً ونسبة العائدين إلى المدينة لا تتجاوز 45 في المائة، الكثيرون منهم بدؤوا يخرجون من المدينة أو يفكرون بالنزوح من جديد".

وتابع الدليمي "الأعمال شبه متوقفة تماماً بسبب الدمار الذي لحق بالمصانع والمنشآت والأحياء الصناعية في الرمادي، ما يعني فقدان عشرات الآلاف أعمالهم والأمن غير مستقر، فتنظيم "داعش" مازال يسيطر على جزيرة الرمادي شمال المدينة والأهالي قلقون".

ولعل الجانب الأمني وفقدان الخدمات، هما السببان البارزان للمعاناة التي يعيشها أهالي المدن المحررة من تنظيم "داعش"، فالأمر أصبح بيد العشائر القوية، فكل عشيرة شكلت لها مليشيا خاصة تعمل وفق مصالحها.

كما يقول الشيخ ميثم العبيدي إن "المناطق المحررة تعيش مرحلة خطيرة ربما أخطر من مرحلة "داعش"، فبدأنا نسمع بمصطلحات جديدة على الساحة منها "حواضن داعش"، و"عوائل داعش"، وغيرها كذرائع للتهجير ومصادرة الممتلكات".

العبيدي يتخوف من هذه المرحلة في المدن المحررة، معتبراً أن "النازحين العائدين إليها يواجهون فقدان الأمن من جانب، وانعدام الخدمات من مياه وكهرباء وبنية تحتية وتوقف الأعمال من جانب آخر، ما يجعل حياتهم قاسية جداً".

ذات الحال يتكرر في مدينة هيت غرب الأنبار التي لا تزال تعيش دوامة الهجمات المتتالية لتنظيم "داعش" الذي يسيطر على المناطق الزراعية شمالها.

عاد من أهالي هيت أقل من 35 في المائة، أغلبهم من أسر الشرطة ومقاتلي العشائر، فيما ينتظر الباقون تحسن الأوضاع الأمنية والمعيشية، بينما غادر قسم كبير من النازحين العراق ممن يمتلكون بعض المال.

لكن نازحي ديالى وجرف الصخر وعدد من بلدات صلاح الدين لم يعد منهم سوى بضع عشرات من الأسر بسبب بطش المليشيات.

وتعد رحلة العودة إلى المناطق المحررة هي الأخرى من أصعب ما يواجه النازحون لدى عودتهم، بسبب الإجراءات الروتينية المعقدة التي تتخذها القوات العراقية في تلك المدن.

ويوضح ضابط في الشرطة العراقية، رفض الكشف عن اسمه، أن "إجراءات عودة النازحين معقدة جداً، تبدأ باستمارة إلكترونية لكل أسرة تملأ بكافة المعلومات، وتذهب إلى دائرة الاستخبارات لغرض التدقيق الأمني".

ويشير الضابط إلى أن "سيطرة المليشيات على تلك المدن تزيد تعقيد تلك الإجراءات، وتمنع عشرات الآلاف من العودة إلى مناطقهم، بسبب الخوف من البطش الذي فتك بالمئات من المدنيين، فضلاً عن انعدام الخدمات العامة والدمار الكبير في البنية التحتية".

 

دلالات
المساهمون