"أنا حاضر" في لبنان

17 سبتمبر 2016
لم يتوقف عن الدراسة (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان التزامها بتوفير التعليم لجميع الأطفال مجّاناً، سواء أكانوا لبنانيّين أم غير لبنانيّين، في إطار مشروع "أنا حاضر"، بالتعاون مع 60 منظّمة غير حكوميّة، وبدعم من دول مانحة ووكالات الأمم المتّحدة الأربع: منظّمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والمفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، والبنك الدولي. وكان وزير التربية اللبناني، الياس أبو صعب، قد كشف عن هذا المشروع الضخم، الذي يفترض أن يوفّر التعليم المجاني (رسوم التسجيل والكتب والقرطاسية) لـ 469 ألف طفل.

ويشير مدير عام وزارة التربية، فادي يرق، لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ الجهات الدوليّة سوف تؤمّن الكلفة المرجوّة لتمويل هذا المشروع، مضيفاً أنّ كلفة التعليم المجاني للجميع غير محدّدة بعد، في انتظار تسجيل التلاميذ. لكنّ أبو صعب سبق أن أعلن مطلع سبتمبر/ أيلول الجاري فتح باب التسجيل في المدارس الحكوميّة، محدّداً الرسوم الواجب تسديدها لذلك، ما يعني أنّ الأهالي بدأوا في تسجيل أولادهم في المدارس وسدّدوا تلك الرسوم. لكنّ يرق يؤكّد على أنّ "من دفع الرسوم سوف يستردّها، والوزير واضح في هذا الإطار"، لافتاً إلى أنّه لن يترتّب على الأهالي غير مبلغ 21 ألف ليرة لبنانية (14 دولاراً أميركياً)، وهي رسوم للخزينة بالإضافة إلى طابع مالي.

في هذا الإطار، يقول مستشار وزير التربية، ألبير شمعون، لـ "العربي الجديد"، إنّ "دعم القطاع التربوي في لبنان مستمرّ في ظلّ الأزمة السورية تحديداً، والمجتمع الدولي واعٍ تماماً لملف التربية وأهمية التعليم". يضيف أنّ لبنان، "كمجتمع مضيف ومتضرّر من أزمة اللجوء، يستفيد بدوره من الدعم الدولي ويحصّن وضعه وواقعه لتأمين بيئة أفضل للجميع، أكان للتلاميذ اللبنانيين أم اللاجئين". ويلفت إلى أنّ الوزارة حصلت على جزء من الأموال، لكنّ "القسم المتبقي من الدعم سوف نحصل عليه بعد إنهاء مرحلة التسجيل بالتنسيق مع الجهات الداعمة".

من جهة أخرى، تقول المسؤولة الإعلاميّة في المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ليزا أبو خالد، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الأموال التي حصلت عليها الوزارة تقدّر بـ 200 مليون دولار أميركي، وذلك نقلاً عن وزير التربية، وهو دعم يشمل جميع الأطفال". وتشير إلى أنّ الهدف هو وصول عدد التلاميذ المسجّلين في المدارس الحكومية إلى 650 ألف تلميذ (لبنانيين وغير لبنانيين ومقيمين ولاجئين). وعن علاقة هذا المشروع بأزمة اللجوء السوري في لبنان، توضح أنّ "دعم القطاع التربوي والصحي في لبنان لن يتوقّف، في ظلّ استمرار أزمة اللاجئين وحتى بعد انتهائها، إذ إنّ المجتمع الدولي يدرك تماماً أهمية التربية في المجتمعات".



من المفترض أن يدفع التمويل الدولي للقطاع التربوي في لبنان وزارة التربية إلى تحصين هذا القطاع، من خلال زيادة عدد المدارس والمراكز التربويّة والمساعدة على تحسين مستوى المدرسة الحكومية ومدّها بـ "اللوجستيات"، علماً بأن الوزارة كانت قد أشارت إلى أنّ 96 مدرسة رسمية إضافية سوف تفتح أبوابها بدوام ليلي، بهدف تعليم اللاجئين السوريين في مختلف المناطق اللبنانية. وكانت مفوضيّة اللاجئين قد أصدرت تقريراً أشار إلى أنّ 40 في المائة فقط من اللاجئين السوريين في لبنان الذين هم في سنّ الدراسة، مسجّلون في المدارس.

ويبدو أنّ القطاع التربوي يستفيد من أزمة اللجوء لتطوير مستواه وتأمين التعليم المجاني
للتلاميذ، مع العلم بأنّ الدولة اللبنانية كانت قد وقفت مكتوفة الأيدي خلال العقدين الماضيين، على الرغم من أزمة التسرّب المدرسي ونقص التعليم في المناطق النائية، وتحديداً الأطراف (شمالاً وشرقاً وجنوباً)، وعجزت عن إقرار المراسيم التطبيقية لقانون التعليم الإلزامي. وتشير الأرقام الرسميّة إلى تراجع عدد التلاميذ، الذين يستفيدون من التعليم الحكومي في لبنان، الأمر الذي يعيده المعنيون في القطاع إلى جملة من الأسباب، أبرزها تحوّل المدرسة الحكومية إلى مدرسة غير منافسة للتعليم الخاص نتيجة تدني جودة التعليم في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى التسليم ببناء جمهوريات التعليم الخاص (غالبيتها تابعة للطوائف) على حساب التعليم الرسمي.

هكذا، ينضمّ القطاع التربوي في لبنان إلى القطاعات الأخرى التي تحاول الاستفادة من الدعم المالي والدولي في ظلّ الأزمة السورية، من دون وجود سياسة واضحة في هذا الإطار. ويعلّق أحد العاملين في القطاع التربوي على أنّ ذلك "يُظهر أنّ المطلوب هو إيجاد مسرب واضح للدعم المالي المقدّم للاجئين السوريين". تجدر الإشارة إلى أنّ تقارير كثيرة تعكس الواقع التربوي للاجئين السوريين في لبنان، من بينها وضع تلاميذ المراحل الابتدائية والأساسية والثانوية في صف واحد، وغياب مناهج تعليمية واضحة، عدا عن النقص في المدرّسين.

المساهمون