مراهقون يقبلون على "الزطلة" في مدارس تونس

05 ديسمبر 2016
القضية تثير مخاوف الأهل (مارتين بورو/ فرانس برس)
+ الخط -
وجود مخدرات في مدارس تونس ليس جديداً. لكن يبدو أن الأمر بات يقلق الأهالي أكثر، في ظل تفشي هذه الظاهرة، ما يدفع بعض المدارس إلى تعليق الدروس لبعض الوقت، خشية أن تصل إلى نسبة أكبر من التلاميذ

ظاهرة توزيع المخدّرات على التلاميذ في مدارس تونس بدأت تثير خوف الأهالي. وبحسب بحث تجريبي أعدّته إدارة الطب المدرسي والجامعي، حول التدخين والكحول والمخدّرات في المؤسسات التربوية في محافظة تونس في عام 2013، تبيّن أنّ 11.6 في المائة من التلاميذ جرّبوا مواد مخدّرة، و50 في المائة استهلكوا مواد مخدّرة أو كحوليّة أو سجائر (60 في المائة ذكور و40 في المائة إناث).

في بن قردان (جنوب تونس)، اضطرّ مدير إحدى المدارس إلى تعليق الدروس لبعض الوقت بسبب بيع مخدّرات قرب المدرسة. أمر أثار استياء الأهالي الذين حمّلوا إدارة المدرسة المسؤولية. ورغم أن ما حدث ليس جديداً، إلّا أنّه أثار مخاوف الأهل، خصوصاً مع زيادة ترويج المخدّرات قرب المعاهد والمدارس. وفي يونيو/ حزيران الماضي، أوقف شخص بتهمة ترويج المخدّرات بين التلاميذ والطلاب في محافظة جندوبة، ليتبيّن أنه من أصحاب السوابق، وقد حُجزت صفيحتان من القنب الهندي "الزطلة" ومبلغ مالي. كذلك، تمكّنت الشرطة العدلية في منطقة الأمن الوطني بالمكنين (محافظة المنستير) من الكشف عن الأطراف المتورّطة في ترويج مخدرات في إحدى المدارس الإبتدائية، بعدما لاحظ مدير المدرسة أنّ أحد الأطفال فقد الوعي في باحة المدرسة، لينقل إلى المستشفى الجهوي في المنطقة، لأنه كان تحت تأثير المخدر.

وعمدت السلطات الأمنية في الجهة إلى استجواب الأطفال في المدرسة بحضور أهاليهم، لمعرفة مروج المخدرات، الذي لا يتجاوز عمره 30 عاماً. كذلك، تمكّنت وحدات الشرطة في محافظة سوسة في عام 2015 من إيقاف أستاذ تعليم ثانوي على متن سيارة تحتوي على كمية كبيرة من مادة "الزطلة" المخدّرة، لترويجها في المعهد.

كذلك، تمكنت الوحدات الأمنية من القبض على شاب يبلغ من العمر 25 عاماً في جرجيس (جنوب تونس)، بتهمة ترويج المخدرات بين تلاميذ المدارس الابتدائية في منطقة السويحل، بعد ورود معلومات تتعلق بتدهور صحة أحد التلاميذ ونقله إلى المستشفى الجهوي بعد تناوله أقراصاً مخدرة، اعترف بشرائها من الموقوف.

في هذا الإطار، يبيّن المسؤول عن البرنامج الوطني لمكافحة الإدمان، نبيل بن صالح، أنّ نحو 400 ألف تلميذ يتعاطون المخدرات في تونس بمختلف أنواعها، وفقاً لآخر دراسة أجريت في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2013، لافتاً إلى أن الظاهرة إلى ارتفاع. ولم يعد ترويج المخدرات أمام وداخل المؤسسات التعليمية يقتصر على أشخاص من خارج هذه المؤسسات، بل بات التلاميذ أنفسهم يروجون المخدرات.

وفي دراسة أخرى لخليّة علوم الإجرام في مركز الدراسات القضائية، تبيّن أنّ نسبة تعاطي المخدرات بين المراهقين والشباب قدّرت بـ57 في المائة (ما بين 13 و18 عاماً)، بينما تقل نسبة التعاطي بين الفئات الأكبر سنّاً (18 و25 عاماً)، وتقدّر بـ36.2 في المائة، لتنخفض إلى 4.7 في المائة لدى الفئة العمرية ما بين 25 و35 عاماً. وبيّنت الدراسة أنّ مادة الحشيش، التي تسمى في تونس "الزطلة"، هي أكثر المواد المخدّرة استهلاكاً في البلاد بنسبة 92 في المائة، تليها المواد المستنشقة بنسبة 23.3 في المائة، والكوكايين بنسبة 16.7 في المائة، والهيرويين بنسبة 16 في المائة والمواد الطيارة (بنزين) بنسبة 13.3 في المائة.

في المقابل، ينفي رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات، عبد المجيد الزحاف، وجود معطيات دقيقة. ويلفت إلى أن الأرقام الموجودة تبقى مجرد تقديرات، رغم تعدّد الدراسات والإحصائيات في هذا المجال. يضيف أنّ ذلك لا يعني عدم تفشي الظاهرة بشكل كبير، إذ باتت المخدّرات، لا سيما الحبوب و"الزطلة"، متاحة لجميع الفئات في مختلف ولايات الجمهورية، خصوصاً المراهقين. ويتواجد بعض المروجين أمام المدارس والمعاهد الثانوية، مشدداً على ضرورة تكثيف حملات المداهمة الأمنية في المقاهي وأمام المدارس والمعاهد الثانوية وغيرها من الأماكن التي يرتادها الشباب.

يضيف الزحاف أنّ الطلبات الكثيرة التي يتلقاها المركز بهدف توفير العلاج تعكس حجم المشاكل، لافتاً إلى أن طاقة المركز محدودة، وتصل إلى 50 شخصاً شهرياً، فضلاً عن وجود إشكاليات أخرى جراء ضعف الموارد المالية. وكانت آخر دراسة أجرتها وزارة الصحة التونسية في عام 2012، قد أظهرت أنّ 12 تلميذاً من بين 30 يتعاطون "الزطلة" في المعاهد الثانوية والمدارس الإعدادية.

يشار إلى أنّ وزارة الصحة التونسية كانت قد أشارت إلى أنّها بدأت منذ بداية عام 2012، بالتعاون مع وزارة التربية، بإعداد دراسة وطنية شاملة حول ظاهرة الإدمان في المدارس، على أن تصدر النتائج في عام 2013. إلا أنها لم تصدر حتى الآن.


المساهمون