باكستان تعطّل الحياة على الحدود

26 ديسمبر 2016
الحدود الباكستانية ـ الأفغانية (نور الله شرزادا/ فرانس برس)
+ الخط -
بعد فرض قيود مشدّدة على الحدود بين باكستان وأفغانستان، وتشديد الرقابة من السلطات الباكستانية بحجة قطع الطريق أمام المسلّحين، اتخذت السلطات خطوة جديدة زادت من معاناة السكان على طرفي الحدود، وهم أبناء قبائل البشتون. ولطالما عانى هؤلاء بسبب تغيّر سياسة باكستان إزاء أفغانستان بشكل عام، واللاجئين الأفغان بشكل خاص، ما أدّى إلى تعطيل أعمال عدد كبير من أبناء القبائل.

ويقول البشتون والتجار، إنّ السلطات الباكستانيّة نصبت آليات قرب الحدود الأفغانيّة - الباكستانيّة، وما أدى إلى تعطّل الهواتف النقالة. وكان لهذا الإجراء تأثيره أيضاً على الأعمال التجارية بين القاطنين عند طرفي الحدود، وبات التجار يواجهون مشاكل كبيرة.

في هذا السياق، يقول أحد العاملين في منفذ طورخم الحدودي، ويدعى حاجي محمد رمضان، إن "الإجراءت الأخيرة التي فرضتها السلطات الباكستانية أثّرت سلباً على عملنا، وكذلك على حياتنا". يضيف: "لا يقتصر الأمر على التجارة فقط، إذ إن هناك آثار سلبيّة كثيرة لتلك الإجراءات على حياتنا الاجتماعية".

يوضح رمضان، الذي يقضي يومه عند الحدود، أنّه بسبب الإجراءات الأخيرة، وتعطيل شبكة الهواتف، لم يعد في إمكانه التواصل مع أهله وذويه. ويلفت إلى أنّه في ظلّ الأجواء الأمنيّة الصعبة، يتوقع الناس ما هو سيء. يلفت إلى أن أهله وجميع أقاربه أضحوا في قلق دائم بعدما تعطّلت شبكة الهواتف على الحدود، خصوصاً وأن طرقات أفغانستان ليست آمنة. وإذا ما تأخّر قليلاً، يظنون أن مكروهاً أصابه.

من جهته، يقول ياغستان، وهو تاجر يعمل عند منفذ طورخم، أنّ أعماله تأثّرت كثيراً بسبب الإجراءات الأخيرة. لكنّه في الوقت الحالي، يشعر بالأسى بسبب قطع العلاقات بينهم وبين أهلهم في القسم الآخر من الحدود، نتيجة الآليات الإلكترونية التي نصبتها السلطات الباكستانية، والتي أدّت إلى تعطيل شبكة الهواتف النقالة. في الماضي، كان ياغستان يذهب إلى منزله في نهاية كل أسبوع، لكنّه كان يتواصل مع أهله وذوية على مدار الساعة عبر الهاتف.

في الأيام الأولى، ظن الرجل، حاله حال كثيرين، أن الأمر قد يكون مؤقتاً، وأنّ الأمور قد تعود إلى سابق عهدها في القريب العاجل. لكنّه عرف الآن أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الباكستانية ليست مؤقتة. هذا الواقع دفع ياغستان وغيره من التجار إلى التفكير في نقل تجارتهم إلى مكان آخر، لافتاً إلى أن السبب لا ينحصر فقط بتعطل شبكة الهواتف. يضيف أن تشديد الرقابة على الحدود، أدى إلى منع كثير من الأفغان وأبناء القبائل من التنقل بين الدولتين. وكان هذا سبباً رئيسياً في تعطل الأعمال التجارية بين البلدين، عدا عن التقلبات السياسية، علماً أنه تربط بين أفغانستان وباكستان علاقات دينية واجتماعية وجغرافية.



ولا شك أنّ الأضرار الاجتماعية التي لحقت بالأهالي كثيرة، علماً أنّهم ينتمون إلى قبيلة واحدة، وذلك نتيجة الإجراءات الباكستانية التي أثرت بشكل كبير على مختلف مناحي الحياة، من دون الاكتراث للعلاقات الاجتماعية والأسرية التي تربط بين الطرفين. وفي ظلّ الإجراءات الجديدة، يحتاج الجميع إلى تأشيرة لعبور خط ديورند المتنازع عليه بين الدولتين.

من جهتها، تقول الحكومة المحلية في إقليم ننجرهار الحدودي في شرق أفغانستان إنها رفعت القضية إلى الحكومة المركزية، والتي يفترض أن تناقشها مع السلطات الباكستانية من خلال السفارة أو وزارة الخارجية. ويقول المتحدّث باسم الحكومة المحلية، عطاء الله خوجياني، إنّ القضية حساسة، لافتاً إلى أن أي نقاش حول الإجراءات التي تفرضها باكستان على الحدود، يكون من خلال وزارة الخارجية أو السفارة.

يضيف خوجياني أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الباكستانية من دون التشاور مع الجانب الأفغاني لا تؤثّر سلباً على حياة القبائل، بل تسيء إلى العلاقات الأفغانية الباكستانية. ويشدّد على أنّه يفترض بباكستان التشاور مع أفغانستان، قبل اتخاذ أية إجراءات يمكن أن تؤثر على حياة المواطنين الأفغان.

في هذا الإطار، يقول الناشط الحقوقي، عبد الواحد رضوان، أن أعمال باكستان على الحدود، سواء تشديد الرقابة أو تعطيل شبكة الهواتف النقالة وغيرها، تعدّ مخالفة للأعراف المتبعة على الحدود منذ عقود طويلة. ويوضح أن باكستان تعي جيداً أن أي إجراء على الحدود لا يمكن أن ينجح من دون تعاون القبائل. ويسأل: "كيف يمكن أن تتعاون القبائل مع السلطات الباكستانية التي كانت سبباً في زيادة معاناتهم؟".

ويؤكّد الناشط أن القبائل عند طرفي الحدود مستاؤون بسبب الإجراءات الأخيرة، خصوصاً تعطيل شبكات الهواتف وفرض القيود على تحركاتهم. ويلفت إلى أنّه لدى القبائل مصالح مع أولئك القاطنين عند الحدود المقابلة. ولا يمكن الذهاب إلى العاصمة والحصول على تأشيرة وجواز السفر بهدف عبور خط كانت القبائل قادرة على أن تجتازه صباحاً ومساء.