عقدت جمعية "ذاكرات زوخروت" جولة في قرية بيت نتيف الفلسطينية المهجّرة، وأدت طقس اعتذار علني بالمشاركة مع الدبلوماسي الهولندي السابق إريك آدر. بغرض كشف وفضح دور الصندوق القومي اليهودي في محو آثار ووجود القرية ومنع العودة إليها.
وفي نهاية الجولة قرأ آدر رسالة احتجاجية شديدة اللهجة ضد السلطات الإسرائيلية والصندوق القومي اليهودي، رافضاً استغلال اسم والده في غابة تمت زراعة أشجارها على حساب تطهير عرقي للفلسطينيين. قائلا إنّ والده لو علم أنّ اسمه سيُستغل على هذا النحو، لما رضي أبداً بذلك.
وطالب آدر باستمرار حملة مقاطعة إسرائيل كما حدث في السابق مع جنوب أفريقيا، مؤكداً أنّ على المجتمع الدولي وأوروبا الاستمرار في الضغط على إسرائيل حتى تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
وتقع قرية بيت نتيف على بعد 21 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من مدينة الخليل. واحتلها الصهاينة يوم 22 أكتوبر/ تشرين الأول 1948، فهُدمت وهُجّر سكانها بالكامل. وفي فترة الانتداب البريطاني كانت تابعة لمحافظة الخليل.
سكن البلدة 2500 نسمة حتى عام النكبة، وكانت مساحة أراضيها 44.587 دونماً. واعتمد أهالي القرية على الزراعة وتربية الحيوانات. وضمت مدرسة ابتدائية، ومسجداً، وبضعة مواقع دينية، ومقبرة.
ويعود سبب زيارة إريك آدر للقرية كونه نجل الكاهن باستيان يان آدر الذي أنقذ خلال الحرب العالمية الثانية الكثير من اليهود، وما زال بعضهم على قيد الحياة، ويسكنون في الأراضي المحتلة. مع اقتراب نهاية الحرب، وتحديدًا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1944، تم قتل والد إريك برصاص النازيين بسبب نشاطه هذا.
وعام 1967، أُدرج آدر من قِبل متحف الكارثة "يد فاشم" الصهيوني ضمن مجموعة "الصالحين من أمم العالم". وفي إطار الاعتراف به كأحد الصالحين اشترى الصندوق القومي اليهودي الغابة وغرس فيها 1100 شجرة وأطلق عليها اسم الكاهن آدر. يومها دعيت زوجة الكاهن يوهانا أدريانا وأبناؤه لحفل تدشين الغابة التي غرست أشجارها على أراضي قرية بيت نتيف.
جاء آدر إلى المنطقة في المرة الأولى بهدف مشاهدة الغابة التي أقيمت تخليداً لاسم والده. وأثيرت لديه تساؤلات حول المدرّجات والسلاسل وبقايا المباني الموجودة هناك، تحت الأشجار ومن حولها.
وتوجه عام 2005، إلى الصندوق القومي اليهودي متسائلاً عمّا كان مكان تلك الغابة. فقيل له إنّهم لا يعلمون شيئاً عن ذلك. إلا أنه اكتشف أنّ تحت الغابة وفي جوارها تقع قرية بيت نتيف الفلسطينية.
وتم تهجير جميع أهالي بيت نتيف في عام النكبة إلى بيت لحم حيث يقيمون في مخيم عايدة، وإلى مخيمات أخرى في الضفة الغربية، ومدينتي الزرقاء ومأدبا في الأردن. كذلك، نزحت عائلة ديس إلى القدس.
وأقام الاحتلال الصهيوني على أراضي نتيف مستوطنة "هلاميد هي" عام 1949. ثم مستوطنات "أبيعيزر، وروجليت ونفيه ميخائل" عام 1958. كما يعمل اليوم في مشاريع ضخمة لبناء مدينة "بيت شيمش".
خضر دبس من مواليد البلدة القديمة في القدس، ويقطن حالياً في مخيم شعفاط، هجّر أهله من بيت نتيف. أبوه ولد في القرية عام 1940. عندما رأى القبور المفتوحة في القرية خلال الجولة لم يتردد في القفز إلى داخل أحد القبور ومحاولة تغطية الرفات من جديد. يقول: "صعب جداً أن تكون هذه العظام لجدي أو عمي أو أي شخص من عائلتي. لا بدّ من دفنها بشكل لائق ومحترم، وعدم إهانة الأموات".
يزور دبس القرية كلّ عام في مايو/ أيار في ذكرى النكبة مع بقية العائلة. يضعون الأعلام الفلسطينية على الأشجار، بهدف إنعاش ذاكرة الجيل الجديد والمحافظة على الأرض.
وليست صدفة أن يُهشّم حجر تخليد ذكرى يان آدر واللافتة الخاصة به في بيت نتيف قبل أيام معدودة من النشاط. يقول عمر الغباري من جمعية "ذاكرات": "قبل أسبوعين كانت اللافتة قائمة. يبدو أنّ التخريب حدث بعد نشر دعوة نشاط الجمعية والدبلوماسي الهولندي".
إلى ذلك، أقيم الأحد نشاط لغرس 1100 شجرة زيتون، مقدّمة من إريك آدر، بالتعاون مع حملة شجرة الزيتون وجمعية هولندية، في قرية فرعتا المجاورة لقلقيلية بالضفة الغربية. تلته مراسم إحياء ذكرى الكاهن يان آدر في قرية فرعتا.