دول الاتحاد الأوروبي لم تتقاسم بعد أعداد المهاجرين

18 مايو 2015
معاناة الآلاف من المهاجرين تحتاج حلاً عاجلاً(GETTY)
+ الخط -
بينما يصارع المهاجرون في البحر المتوسط، ليس لهم سوى الله والبحر، من أجل الوصول إلى البرّ الأوروبي الآمن، متسببين بمآس رهيبة، تتناولها وسائل الإعلام ثم تنساها بانتظار مآسٍ بأرقام قياسية جديدة، لا تزال دول الاتحاد الأوروبي تناقش مسألة الحصص في استقبال هؤلاء البؤساء الذي شردهم إما البؤس في بلادهم، وإما الحروب الأهلية التي تطحن بلدانهم.

خطة الاتحاد الأوروبي تتلخص في توزيع هؤلاء المهاجرين على دول الاتحاد قصد التخفيف من معاناة إيطاليا، التي تبذل أقصى مجهوداتها لاستقبال الواصلين منهم، وإنقاذ من تغرق سفنهم المهترئة في مياه المتوسط، ومن أجل تقاسم الكلفة، بين تلك الدول التي تجاهد للخروج من الأزمة الاقتصادية الكبرى التي تعيشها أوروبا.

وبينما يُصر الكثير من القادة السياسيين الفرنسيين، في الحكومة الفرنسية (مانويل فالس) وفي المعارضة اليمينية (نيكولا ساركوزي)، إضافة إلى العديد من القادة الأوروبيين (بولونيا والمجر وبريطانيا العظمى)، على رفض نظام الحصص "الإلزامي"، يَخرُجُ استطلاعٌ للرأي يظهر رفض الفرنسيين لموقف هؤلاء الساسة. فقد عبّر 62 في المائة من الفرنسيين عن موافقتهم على إرساء نظام الحصص بالنسبة لمن يطلب اللجوء في فرنسا.


من جهة أخرى، يظهر هذا الاستطلاع مُعارَضة الفرنسيين لاستقبال مهاجرين جدد (80 في المائة)، وهي مُعارَضة تفوق نظيراتها في دول الاتحاد الأوروبي. كما أن 67 في المائة يعارضون توسيع فرنسا لِحقّ اللجوء ليشمل مهاجري المتوسط، كما أن 70 في المائة يؤيدون إرغام أي شخص يُرفَض له حق اللجوء على مغادرة الأراضي الفرنسية.

كذلك أعلن 80 في المائة من الفرنسيين موافقتهم على إسهام فرنسا في تنمية الدول التي ينحدر منها هؤلاء المهاجرون. وأعرب 72 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع عن دعمهم لاقتراح مجلس الشيوخ الفرنسي خفض فترة معالجة ملفات اللجوء من سنتين إلى تسعة أشهر.

وإذا كان رئيس الحكومة مانويل فالس يرفض نظام الحصص، وقد أكد عليها عند الحدود الفرنسية الإيطالية، حيث ينشط رجال الشرطة الفرنسية في تعقب الواصلين الجدد وإعادتهم على الفور لإيطاليا، فإنه يسمح لنفسه بالدعوة لتقاسُمٍ "أكثر عدلا" لهؤلاء اللاجئين بين دول الاتحاد الأوروبي.

ولكن هذا البديل الذي يدافع عنه مانويل فالس ليس سوى "موقف منافق"، كما يقول سيرج سْلاما، أستاذ الحق العام في جامعة نانتير في الضاحية الباريسية. ويعزو الباحث المشكلة التي تعاني منها أوروبا، اليوم، إلى اتفاق دبلن، الذي تمخض عن معاهدة 1990، والذي يُقرّ أن طلب اللجوء يجب أن يتمَّ في بلد المرور الأول. أي أن أيّ لاجئ يصل عن طريق اليونان أو مالطا أو إيطاليا يجب أن يقدم طلب اللجوء في هذه الدول، التي لا تمتلك إمكانات استقبال لائقة".

ويعترف سيرج سلاما أنه تمت مراجعة هذا الاتفاق في السنة الماضية "إلا أن بعض الدول بذلت كل مجهوداتها لجعل المراجعة محدودة. كما أن دُوَل الشمال لم تُرِدْ إرساء تضامن حقيقي مع الدول الأخرى". وهنا يرى سلاما أن "مانويل فالس يسير في اتجاه موقف الدول الغنية التي لا تريد استقبال المزيد من اللاجئين".


مأساة هؤلاء المهاجرين، لا تتمثل فقط في النجاة من الغرق، بل وأيضا في انتظار من سيقوم باستقبالهم. وفي أقل من أسبوع واحد استقبلت إيطاليا أكثر من 9000 شخص، قادمين من الشواطئ الليبية. وهو رقم يضاف إلى عشرات بل ومئات آلاف الهاربين من مختلف الصراعات التي تعصف بالجانب الآخر من البحر المتوسط.

ففي سنة 2014 عالجت أوروبا ملفات 360 ألف شخص من طالبي اللجوء، وقبلت طلبات 185 ألف منهم (خلال السنوات الأخيرة استقبلت ألمانيا 200 ألف شخص في حين كان نصيب فرنسا 60 ألفاً). ولا أحد يتساءل عن وضعية الذين رفضت طلباتهم. ورغم هذا الحجم القليل من اللاجئين التي تستقبلهم فرنسا، لا يتوقف مانويل فالس ووزير داخليته كازينوف عن تكرار اللازمة التي تفتقت عنها عبقرية رئيس الوزراء الفرنسي الاشتراكي الأسبق ميشيل روكار: "لا يمكن لفرنسا أن تستقبلَ كلَّ بؤس العالم، ولكننا نأخذ حصتنا". وهي حصة غيرُ جديرة بفرنسا، طبعاً.

اقرأ أيضاً:ألمانيا بحاجة إلى كفاءات المهاجرين الجدد

المساهمون