جميلة بوحيرد ممنوعة من دخول مصر

06 مارس 2014
+ الخط -

"أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام، لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة".

كلمات نطق بها ضمير مناضلة ثائرة شابة، واجهت بها سطوة الجلاد المحتل الذي جثم على وطنها واغتصب أرضها فأصبحت أسطورة.
قبل يومين فقط قررت السلطات المصرية اليوم منعها من دخول مصر ضمن وفد من النشطاء كن تعتزمن زيارة قطاع غزة المحتل للتضامن مع نساء غزة في يوم المرأة العالمي، وقالت مصادر أمنية مصرية إنه سيتم منع كل الناشطات الدوليات مهما كان قدرهن في العالم، بمن فيهن الجزائرية جميلة بوحريد–كما سماها- سيتم منعها من الدخول لمصر، وترحيلها فور وصولها المطار".
ولا يمكن بحال إزاء الموقف الأمني القمعي للمناضلات من أجل الحرية والمدافعات عن حقوق الشعب الفلسطيني المقموع إسرائيليا والمحاصر مصريا وعربيا أن نتجاهل ذكرى محفورة في أذهان ملايين المصريين يتمثل في استقبال الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1962 للمناضلة جميلة بو حيرد مع زميلتها المناضلة زهرة بو ظريف والاستقبال الشعبي والرسمي الحاشد لهما.
وقدم المخرج المصري الراحل يوسف شاهين فيلما سينمائيا عن قصتها باسم "جميلة" قامت ببطولته النجمة الكبيرة ماجدة الصباحي، وجاء فيه الكثير من معاناة المناضلة الجزائرية ورفاقها، وإن ضم الكثير من الأحداث الدرامية التي لا علاقة لها بالواقع.

الاسم: جميلة بوحيرد
رقم الزنزانة: تسعونا
في السجن الحربيّ بوهران
والعمر اثنان وعشرونا
عينان كقنديلي معبد
والشعر العربيّ الأسود
كالصيف ..
كشلاّل الأحزان
إبريق للماء .. وسجّان
ويد تنضمّ على القرآن
وامرأة في ضوء الصبح
تسترجع في مثل البوح
آيات محزنة الإرنان
من سورة (مريم) و(الفتح)
ولدت "جميلة" عام 1935 في حي القصبة بالجزائر من أب جزائري مثقف وأم تونسية، وكانت البنت الوحيدة في أسرتها بين سبعة إخوة شبان، لكنها في سمات الرجولة شاركتهم.. فوقفت طفلة في ميدان مدرستها تواجه ناظر المدرسة الفرنسي حين هتف كان الطلاب الجزائريون يرددون في طابور الصباح فرنسا أُمُنا، وصرخت: الجزائر أًمُنا، فأخرجها ناظر المدرسة من طابور الصباح وعاقبها عقاباً شديداً.
الاسم: جميلة بوحيرد
أجمل أغنية في المغرب
أطول نخلة
لمحتها واحات المغرب
أجمل طفله
أتعبت الشمس ولم تتعب
عندما اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954 انضمت جميلة لكتائب المناضلين ضد الاحتلال الفرنسي، واشتركت في جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وهي فتاة في العشرين من عمرها، ثم التحقت بصفوف الفدائيين فكانت أول متطوعة لزرع القنابل في طريق قوات الاستعمار الفرنسي، حتى أصبحت مطلوب رقم 1 لدى قوات الاحتلال، وتم القبض عليها عام 1957 بعد إصابتها برصاصة في الكتف، لتبدأ رحلة قاسية من التعذيب في سجون الفرنسيين..
تعرضت للتعذيب والصعق الكهربائي لمدة ثلاثة أيام كي تعترف على زملائها، وكانت تغيب عن الوعي وحين تفيق تقول الجزائر أُمُنا، حين فشل المعذِّبون في انتزاع أي اعتراف منها، تقرر محاكمتها صورياً وصدر بحقها حكم بالإعدام يوم7 مارس 1958 ، لكن آلاف البرقيات وصلت للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من العديد من دول العالم تستنكر الحكم، وبعد ضغوط عدة تأجل تنفيذ الحكم، ثم عُدّل إلى السجن مدى الحياة.
ووفق ما قال الشاعر الراحل نزار قباني في قصيدة بعنوان "جميلة بوحيرد"

الاسم: جميلة بوحيرد
اسم مكتوب باللهب ..
مغموس في جرح السحب
في أدب بلادي. في أدبي ..
العمر اثنان وعشرونا
في الصدر استوطن زوج حمام
والثغر الراقد غصن سلام
امرأة من قسنطينة
لم تعرف شفتاها الزينة
لم تدخل حجرتها الأحلام
لم تلعب أبدا كالأطفال
لم تغرم في عقد أو شال
لم تعرف كنساء فرنسا
أقبية اللذّة في (بيغال)

بعد تحرير الجزائر عام 1962 خرجت جميلة بوحيرد من السجن، وتزوجت محاميها الفرنسي "جاك فيرجيس" الذي دافع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني، خاصة المجاهدة جميلة بوحيرد، والذي أسلم بعد ذلك واتخذ اسم "منصور".

تعتبر أشهر رمز نسائي في مسيرة النضال العربي ضد الاستعمار، لقبها الكثيرون بـ "جان دارك العرب"، حسبها الكثيرون –حتى من أبناء وطنها الجزائر- من شهيدات الثورة الجزائرية، وهي تعيش بينهم ملتزمة الصمت مختارة نكران ذاتها.

الاسم: جميلة بوحيرد
تاريخ: ترويه بلادي
يحفظه بعدي أولادي
تاريخ امراة من وطني
جلدت مقصلة الجلاّد ..
امرأة دوّخت الشمسا
جرحت أبعاد الأبعاد ..
ثائرة من جبل الأطلس
يذكرها الليلك والنرجس
يذكرها .. زهر الكبّاد ..
ما أصغر( جان دارك ) فرنسا
في جانب( جان دارك ) بلادي..

كانت جميلة ومازالت ملهمة للكثير من الأعمال الإبداعية، فقد كتب فيها الشعراء: السوداني محمد الفيتوري والعراقي بدر شاكر السياب والسوريان سليمان العيسى ونزار قباني والجزائريان الراحلان صالح باوية وجمال عمراني وعبد القادر حميدة، وتناولتها أعمال روائية وفنية عديدة، كانت في كثير منها أقرب للأسطورة، ونشرت كثير من الأخبار حول موتها، وحملت مدارس اسمها، وفي المناسبات يتم تمثيل مسرحيات تنتهي باستشهادها.

تم تكريمها في بيروت نهاية 2013 بوصفها رمز للثورة العربية.

 


 

 

 


 

المساهمون