حقوق النساء أم حقوق الإنسان؟

26 ديسمبر 2014
الشعارات العامة والفضفاضة ابتلعت خصوصية أوضاع النساء (الأناضول)
+ الخط -
جلست مجموعة من الناشطات والناشطين للتحدّث عن أحوال المجتمع وضرورة التغيير في لبنان. أخذهم النقاش إلى حقوق النساء. أجمعت الناشطات على أنه يجب فصل حقوق النساء عن حقوق الإنسان لخصوصية أوضاعهن. أكدن أن التمييز الذي يطالهن يتطلب إجراءات خاصة بمعزل عن تلك الخاصة بحقوق المواطنة والإنسان عموماً. رفض الرجال الفصل. أصروا على أن تحسين أوضاع المجتمع سيثمر تحسّناً تلقائياً في أوضاع النساء. كنتيجة، لم يقتنع الناشطون بضرورة الفصل وأهميته. ولم تستطع الناشطات دعم وجهة نظرهن بالحجج اللازمة.

أمرٌ ترجمته الثورات العربية بطريقة أو بأخرى. في مصر مثلاً، نشطت النساء المصريات جنباً إلى جنب مع الناشطين من أجل تغيير النظام. أردن رفع شعارات خاصة بحقوق النساء في سياق التغيير. جاء الجواب أن حقوقهن ستكون مضمونة ضمن شعاري "الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية". هذه الشعارات العامة والفضفاضة ابتلعت خصوصية أوضاع النساء. بالطبع، لم تتحقق الديمقراطية ولا العدالة الاجتماعية. وتراجعت مكتسبات الحركات النسائية عما كانت عليه قبل الثورات العربية.

حصل الأمرُ عينه في سبعينيات القرن الماضي في خضم حراك الأحزاب في لبنان. أرادت النسويات المنخرطات في الأحزاب اليسارية خصوصاً النضال من أجل حقوقهن. فكان جواب الرجال عدم تضييع بوصلة العمل بشعارات متعددة، "فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة". ولما كانت النساء المنخرطات في الأحزاب يتمتعن إلى حد بعيد ببعض من الحرية والانفتاح، لم يتمسكن بقرارهن. حصل أن "عُوّمت" حقوق النساء ضمن المظلة الأوسع للمطالب الحزبية اليسارية ولعل أبرزها "التحرر الوطني".

لماذا يجب الفصل إذاً؟ لأن مظلة حقوق الإنسان الواسعة والعامة لم تشمل التمييز القائم على أساس الجنس بحق النساء. من هذه الخصوصيات على سبيل المثال لا الحصر، استغلال النساء أثناء الحروب، والتمييز القانوني والهيكلي والسياسي والاقتصادي بحقهن. والأهم، لم تستطع شرعة حقوق الإنسان بحسب ما ذكرته الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة، ضمان أن الحقوق الواردة للإنسان من شأنها أن تنطبق على الجنسين. من هنا القرار الأممي بتخصيص حقوق النساء بمظلة حقوقية ناظمة، فكانت اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد النساء.

النقاش الذي دار بين الناشطين والنشاطات على مستوى ضيق، هو جزء من نقاش عام عالمي. ولعل هذا النقاش هو أحد الأسباب التي يجب البدء منها لتكريس هذا الفصل، لأن حقوق النساء والفئات المهمشة الأخرى لا تكرّس تلقائياً ضمن شعارات عامة.

(ناشطة نسوية)
المساهمون