لاجئو وزيرستان.. تعليم الأطفال هاجسهم في أفغانستان

25 نوفمبر 2014
التعليم مشكلة حقيقية (GETTY)
+ الخط -
في منتصف يونيو/حزيران الماضي، أطلق الجيش الباكستاني عملية "ضرب الغضب" العسكرية ضد حركة طالبان المسلحة في مقاطعة شمال وزيرستان القبلية الباكستانية المحاذية للحدود الأفغانية. وتوجه مئات الآلاف من سكان المقاطعة صوب مخيمات أقامتها السلطات الباكستانية في الشمال الغربي من باكستان، وبالتحديد مدن ديرة إسماعيل خان، وبنو، وبيشاور، هربا من القتال.
لكنّ قبائل أخرى قريبة من الحدود الأفغانية اختارت طريق أفغانستان. ولجأت آلاف الأسر إلى المناطق الحدودية الأفغانية، في الأقاليم الجنوبية الثلاثة: بكتيا وخوست وبكتيكا، المجاورة لشمال وزيرستان.
من جهتها، رحبت القبائل الأفغانية بلاجئي شمال وزيرستان، وقدمت لهم مساعدات أولية وآوتهم داخل منازلها. كذلك اعتنت الحكومة الأفغانية بهم، وأنشأت لهم مخيمات، بالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. كما فتحت المفوضية بدورها مكتباً في إقليم بكتيا للإشراف على وضع اللاجئين.
ومع ذلك، فإنّ المساعدات الأفغانية لم تكن كافية، خاصة أنّ الأفغان يعانون بدورهم من الفقر، وليس بوسعهم الكثير.
واليوم يعاني اللاجئون من نقص الغذاء ومياه الشرب والرعاية الصحية والإيواء، رغم البرد القارس.
وبالإضافة إلى كلّ ذلك، يبدي اللاجئون قلقهم حيال ملف آخر، هو ملف التعليم. والأخطر، في هذا الإطار، أنّ أعداداً كبيرة منهم توجهوا نحو التسول مع أطفالهم في أسواق وشوارع إقليمي بكتيا وخوست.
محمد جميل لاجئ باكستاني من سكان مقاطعة شمال وزيرستان يخرج في الصباح مع ابنه الصغير مروت، ويتسولان في الأسواق وأمام المساجد طيلة النهار. يربحان ما بين 300 روبية (3 دولارات أميركية) و500 روبية (5 دولارات) يوميا. يشتري بها جميل ما تحتاج إليه أسرته.
إلا أن حاكم إقليم خوست عبد الجبار نعيمي الذي يقر بأنّ اللاجئين الباكستانيين ما زالوا في أمس الحاجة إلى المساعدات، وأن الحكومة المحلية بالتعاون مع الحكومة المركزية مع قبائل المنطقة تبذل قصارى جهدها لتقديم الدعم اللازم، ينفي علمه بظاهرة التسول في صفوف اللاجئين.

وفي خطوة قد تكون كفيلة بمنع أطفال اللاجئين من التسول في الأسواق، فتحت الحكومة المحلية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" نحو 60 مدرسة في مخيمات اللاجئين، وفي القرى التي يقطنها اللاجئون في إقليم بكتيا.
ويقول مدير التعليم في الحكومة المحلية بالإقليم كوشي زازي، إنّ الحكومة أطلقت حملة تعليمية لأبناء النازحين من مقاطعة وزيرستان الباكستانية، وذلك من خلال فتح 60 مدرسة في مديريتي برمل وأركون، تضم نحو 3 آلاف طفل.
ويضيف أنّ مفوضية الأمم المتحدة للطفولة تكفلت بتوفير الكتب وتهيئة الإيواء للطلاب. بينما تقوم الحكومة الأفغانية بدفع رواتب المدرسين والعاملين في الحملة. ويشدد زازي على أنّ للمفوضية دوراً فعالاً في تحسين أوضاع اللاجئين عموما، والأطفال على وجه الخصوص.
ويقول إنّ "الحكومة الأفغانية لن تألو جهدا في مساعدة لاجئي مقاطعة وزيرستان". ويشيد في الوقت عينه، بالتجار الأفغان وقبائل المنطقة الذين "قدموا الكثير لإخوانهم اللاجئين". ومع ذلك، يطالبهم بتقديم المزيد، نظرا لما يواجهه النازحون من ظروف قاسية، وسط برودة قارسة.
محمد صهيب، أحد أطفال اللاجئين، يدرس في الصف الخامس في إحدى تلك المدارس. غمرته الفرحة بعد أن بدأ الدراسة بالقرب من مخيم يعيش فيه. يقول صهيب: "كنت قلقاً للغاية بشأن دراستي، لكن الآن وجدنا الفرصة، وإن كانت في ديار الهجرة، فالمهم بالنسبة لي رغم الظروف الصعبة أن أكمل دراستي".
من جهته، يشكر الأستاذ اللاجئ أخترشاه، السلطات المحلية ومفوضية الأمم المتحدة التي هيأت له فرصة التدريس في إحدى تلك المدارس. ويضيف: "السلطات المحلية تفضل أن تعين المدرسين والموظفين في تلك المدارس من بين اللاجئين، فهذا الأمر يساعد في تحسين الوضع المعيشي للمدرسين، ويخلف آثاراً إيجابية على مستوى فهم الطلاب للدروس".
بدوره، يطالب وزير جل، وهو أحد ممثلي اللاجئين، الحكومة الأفغانية ومفوضية اللاجئين بأخذ المزيد من التدابير تجاه أطفالهم. كما يرى مراقبون أنّ ما قُدم حتى اليوم كثير. ومع ذلك فإنّ اللاجئين بحاجة للمزيد من الدعم والمساعدة، نظراً لحجم معاناتهم على الأراضي الأفغانية.
المساهمون