يونيسف تحذّر: الأطفال في خطر وسط موجات الحر التي تشعل كوكب الأرض

26 يوليو 2024
مياه للتخفيف من تأثير موجات الحر على الأطفال، باكستان، 30 مايو 2024 (فدا حسين/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تأثير موجات الحر على الفئات الضعيفة:** تؤثر موجات الحر الناتجة عن تغير المناخ بشكل خاص على الأطفال، المسنين، المرضى، الأشخاص ذوي الإعاقة، والنساء الحوامل، مما يؤدي إلى تدهور صحتهم ورفاههم، وقد تسبب ولادات مبكرة وتشوهات خلقية.

- **جهود منظمة يونيسف والأمم المتحدة:** أطلقت يونيسف حملة للتحذير من تداعيات أزمة المناخ على الأطفال، وأكدت المديرة التنفيذية كاثرين راسل على ضرورة التحرك الفوري. الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أطلق نداءً عالمياً للتحرك ضد تهديد الحر الشديد.

- **التوعية والتدابير الوقائية:** نشرت يونيسف تدوينات توعوية على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن كل طفل سيكون قد تعرض لموجات حر متكررة بحلول عام 2050، مؤكدة على خطورة الحر الشديد على صحة الجميع، خاصة الفئات الضعيفة.

تتوالى موجات الحر التي تشعل كوكب الأرض في السنوات الأخيرة مع ما تخلّفه من تداعيات على سكان المعمورة، ولا سيّما على الفئات الأكثر ضعفاً أو هشاشة، من بينها الأطفال الذين تُهدَّد خصوصاً صحتهم وكذلك رفاههم. وهذه الموجات الناجمة عن تغيّر المناخ الذي يؤرّق العالم، بمختلف الظواهر المناخية التي يتسبّب فيها، تبدو أكثر تواتراً وامتداداً ممّا كانت في السابق، وبالتالي تأتي تداعياتها حادة على البشر عموماً، وعلى الأطفال والمسنّين والمرضى والأشخاص ذوي الإعاقة والنساء الحوامل خصوصاً.

في محاولة لتسليط الضوء على ما يعيشه كوكب الأرض، تمضي منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في حملة تهدف من خلالها إلى التحذير من تداعيات أزمة المناخ أو تغيّر المناخ على الأطفال، انطلاقاً من كونها جسماً أممياً معنيّاً بحماية الطفل وبصون حقوقه، وبالمساعدة في تلبية احتياجاته الأساسية، وبتعزيز فرصه لتحقيق كامل إمكاناته الكامنة. وفي هذا الإطار، أوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة يونيسف كاثرين راسل، أخيراً، أنّ أزمة المناخ واحدة من الأزمات المتصلة بحقوق الطفل، وتشدّد بالتالي على "الحاجة إلى التحرّك فوراً من أجل المناخ لفائدة أطفال اليوم، وكذلك الأجيال التالية".

وفي سياق ما يبدو أنّه حملة شاملة لمنظمة الأمم المتحدة، أطلق الأمين العام أنطونيو غوتيريس نداءً عالمياً، أمس الخميس، من أجل التحرّك واتّخاذ الخطوات اللازمة في مواجهة تهديد الحر الشديد الذي يقلقه، والذي ينجم عن تغير المناخ. وقال: "دعونا نواجه الحقائق، درجات الحرارة القصوى لم تعد ظاهرة ليوم واحد أو أسبوع واحد أو شهر واحد.. الأرض صارت أكثر سخونة وأكثر خطورة على الجميع، في كلّ مكان". يُذكر أنّ غوتيريس كان قد حذّر، في إطار اجتماع بشأن المناخ عُقد في سبتمبر/ أيلول الماضي، من "فتح أبواب الجحيم" من جرّاء "إدمان البشرية الوقود الأحفوري".

وفي إطار حملة منظمة يونيسف الخاصة بأزمة المناخ، وتحديداً في شقّ موجات الحر بالتزامن مع فصل الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، راحت الوكالة التابعة للأمم المتحدة تنشر تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية شهر يوليو/ تموز الجاري. من واحدة من تلك التدوينات، يُطرَح السؤال "هل واجهتَ بالفعل موجة حرّ هذا العام؟"، قبل أن توضح منظمة يونيسف أنّ موجات الحر تؤدّي إلى إضعاف صحة الأطفال ورفاههم، مضيفةً أنّ كلّ طفل على كوكب الأرض سوف يكون، بحلول عام 2050، قد تعرّض لموجات حر متكرّرة، علماً أنّ ذلك يعني أكثر من مليارَي طفل.

وتحذّر منظمة يونيسف، في حملتها نفسها، بأنّ تغيّر المناخ يقلب حياة الأطفال، إذ يطاول طريقتهم في التنفّس وطريقتهم في التفكير، وحتى طريقتهم في الحلم، إلى جانب أمور أخرى. وتدعو بالتالي إلى التحرّك بصورة عاجلة من أجل المناخ. وتأتي هذه الدعوة متناسقة مع النداء الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة، أمس الخميس، في حين لفت إلى أنّ ثمّة مناطق على كوكبنا تواجه "وباء حر شديد" مع تخطّي الحرارة الخمسين درحة مئوية.   

وإذ تبيّن الوكالة التابعة للأمم المتحدة أنّ الحر الشديد يتحمّل مسؤولية التهديدات الصحية الخطرة التي يُحذّر منها خبراء كثيرون، تشدّد على أنّ "التقاعس ليس خياراً" في هذه المرحلة، وترى أنّ ثمّة حاجة ماسّة إلى تحرّك "طارئ" من أجل المناخ لمصلحة كلّ طفل.

موجات الحر تقتل الأطفال

في تقرير حمل عنوان "التغلّب على الحر: صحة الطفل وسط موجات الحر في أوروبا وآسيا الوسطى" اشتمل على بيانات من 23 دولة، وصدر أوّل من أمس الأربعاء، بيّنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنّ درجات الحرارة المرتفعة في أوروبا وآسيا الوسطى أودت بحياة نحو 377 طفلاً في عام 2021. وقد توفي نصف هؤلاء الأطفال بسبب أمراض مرتبطة بالحرارة، وهم في عامهم الأوّل، علماً أنّ تلك الوفيات سُجّلت بمعظمها في فصل الصيف.

وقد أوضحت المديرة الإقليمية لمنظمة يونيسف في أوروبا وآسيا الوسطى ريجينا دي دومينيسيس أنّ نحو نصف الأطفال هناك، ما يعني 92 مليون طفل، يتعرّضون بالفعل لموجات حر متكررة في مناطق ترتفع فيها درجات الحرارة بأسرع المعدّلات عالمياً. ونبّهت المسؤولة الأممية إلى أنّ لارتفاع درجات الحرارة مضاعفات صحية خطرة على الأطفال، خصوصاً الصغار منهم، ولو كان ذلك محصوراً بمدّة قصيرة من الزمن، لافتة إلى أنّ هذه المضاعفات قد تكون مهدِّدة للحياة في حال عدم توفّر الرعاية المطلوبة.

وتوضح منظمة يونيسف أنّ التعرّض للحر الشديد ينطوي على آثار سلبية حادة تطاول الأطفال حتى قبل ولادتهم، أي وهم أجنّة، إذ من الممكن أن تؤدّي الحرارة المرتفعة إلى ولادات مبكرة وإلى انخفاض في وزن المواليد وإلى تشوّهات خلقية، وكذلك إلى الإملاص (وفاة الجنين بعد الأسبوع الثامن والعشرين من الحمل قبل الولادة أو في خلالها). كذلك، يُعَدّ الإجهاد الحراري سبباً مباشراً لوفيات الرضّع، ويمكن أن يؤثّر على نموّهم، في حين أنّه يسبّب لديهم مجموعة من الأمراض.

ما هي موجات الحر ومن تهدّد خصوصاً؟

تفيد منظمة يونيسف، في أحد منشورات التوعية التي تأتي في إطار حملتها الأخيرة الخاصة بالتهديد الذي تشكّله موجات الحر على الأطفال وسط تغيّر المناخ، بأنّ هذه الموجات تحدث عندما ترتفع الحرارة إلى درجات أعلى من معدّلاتها الطبيعية على مدى أيام عدّة على التوالي، مع الإشارة إلى أنّ الرطوبة العالية قد تجعل الحرارة تبدو أعلى بكثير ممّا هي عليه في الواقع. وتنشأ موجات الحر، بحسب ما جاء في المنشور نفسه، نتيجة انحصار الهواء الدافئ في الجوّ، علماً أنّ ذلك يُعَدّ ظاهرة جوية طبيعية. وتُبيّن المنظمة أنّ موجات الحر راحت تزداد شدّة وتواتراً بسبب تغير المناخ الناشئ عن انبعاثات غازات الدفيئة التي تحصر السخونة في الجوّ لمدد أطول.

ويُعَدّ الحر الشديد، بحسب منشور توعية منظمة يونيسف، خطراً على صحة الجميع، وخصوصاً على الرضّع والأطفال والنساء الحوامل والمسنّين الذي يبدون أكثر هشاشة من سواهم أمام الإجهاد الحراري. ويمكن أن يكون الحر الشديد أشدّ خطراً على الرضّع والأطفال مقارنة بالبالغين، إذ يمكن للجفاف أن يكون خطراً جداً أو حتى فتّاكاً في حال أصاب الصغار، إذ إنّ أجسادهم تجد صعوبة أكبر في تنظيم الحرارة مقارنة بالأكبر سنّاً، وهؤلاء يعتمدون على البالغين للمساعدة في حمايتهم من درجات الحرارة العالية. كذلك، توضح الوكالة التابعة للأمم المتحدة، في منشورها، أنّ النساء الحوامل يواجهنَ بدورهنّ، مع أجنّتهنّ، مخاطر في هذا السياق، إذ إنّ الحر الشديد والجفاف يتسبّبان أكثر في مشكلات قد تُسجَّل في ظروف أخرى. وإلى جانب ما يهدّد الأجنّة، الذي ذُكر آنفاً، فإنّ تأثّر النساء الحوامل سلبياً يأتي من خلال بدء مخاضهنّ مبكراً أو إصابتهنّ بمرض سكري الحمل وبارتفاع في ضغط الدم.

المساهمون