تحت عنوان "تعليم اللغة العربية في المدارس: مداخل واستراتيجيات"، نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات - ترشيد، بالشراكة مع المنتدى التربوي حول التراث والهوية 2023 في نسخته الثالثة، وهو جزء من التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، يوماً دراسياً، بهدف التعريف بالأساليب الفاعلة والطرق التعليمية المتطورة المستخدمة في تعليم اللغة العربية.
وشارك في فعاليات اليوم الدراسي، الذي أقيم في مقر معهد الدوحة للدراسات العليا، السبت، مجموعة من التربويين والمبتكرين والمختصين في تعليم اللغة العربية، الذين قدّموا ورشا شهدت نقاشات حول كيفية تطوير المهارات اللغوية وتحسين الأداء الدراسي، بالإضافة إلى نقاشات تفاعلية شملت الوسائل الناجحة في تعليم الكتابة للمتعلمين، وكيفية دمج ذوي صعوبات التعلم في صف اللغة العربية، واستخدام الموسيقى والدراما والقراءة التفاعلية والمنصات الإلكترونية في استراتيجيات تعليم اللغة العربية.
وأكدت المديرة التنفيذية لـ"ترشيد"، سامية بشارة، في كلمتها الافتتاحية، على أهمية الفعالية، إذ تمثّل "مجاورة بين معلمات ومعلمين وخبراء ومختصين، يجمعهم حرص على اللغة العربية، وتوتر يدلِّل على أهمية تطويرها، ومواكَبة الأساليب الحديثة في تعليمِها".
وأكدت بشارة على أهمية الشراكة بين ترشيد ومعهد التطوير التربوي، عضو مؤسسة قطر، لافتة إلى أن الاهتمام باللغة العربية يقع في محور اهتمام "ترشيد"، قائلة "نؤمن بأن الاهتمام باللغة العربية لا يبدأ من يوم دراسي، كما لا ينتهي عنده، ففي ترشيد تقعُ اللغة العربية في صُلب فلسفة المؤسسة لجعلها؛ أي اللغة، مُرتكزا ومنطقا ومنطلقًا للتفكير والتفكّر".
وخلال كلمتها الافتتاحية عن مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، اعتبرت عبير آل خليفة، رئيسة قسم التعليم ما قبل الجامعي في المؤسسة، أن اللغة العربية، بتاريخها الثري وثقافتها الغنية، تُعدّ من بين أهم اللغات في العالم؛ كونها حجر الزاوية في الحضارة الإسلامية، ومكونا أساسيا من مكونات التراث العربي عامة وقطر خاصة، مؤكدةً أن اللغة العربية جزء حيوي من هويّتنا، وأن انتماء الفرد لمجتمعه وتمسّكه بقيمه وتقاليده وتراثه يبدأ بالأساس من اللغة. ولأن اللغة ترتبط بالهويّة ارتباطا وثيقا يُعد تعليمها أمرا بالغ الأهمّيّة، بحيث يفهم الطلاب تركيباتها وفروقها الدقيقة".
وتناولت المتحدّثة الرئيسية لليوم الدراسي، هنادي ديّة، في مداخلة افتتاحية، مفهومي الأصالة والتجديد في تعليم العربية، وطرحت تساؤلات عن أثرهما في اكتساب المتعلّمين للغة.
وتوزّع المشاركون، الذين فاق عددهم 300 معلمة ومعلم من المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي والخاصّة في قطر، على عدّة جلسات قدمها خبراء في تعليم اللغة العربية، حول مواضيع متنوّعة، فيما تناولت ورش، استراتيجيات في تدريس مهارات اللغة العربية.
وتخلّلت الافتتاح عروض لمجموعة من طلبة أكاديمية القادة التابعة لمؤسسة قطر، وطلبة الأكاديمية العربية الدولية التابعة لـ"ترشيد"، أظهروا فيها بعض الأساليب التي تستخدم في مدارسهم لتعليم اللغة العربية. وقدمت معلّمة اللغة العربية في مدرسة الأندلس الابتدائية للبنات، أفنان عرب، تجربتها في تعلم اللغة العربية خلال طفولتها.
وحول الهدف من هذا اليوم الدراسي، قال مدير الأكاديمية العربية الدولية في الدوحة، محمود عمرة، لـ"العربي الجديد"، إن الهدف الأساسي هو استضافة مجموعة من خبراء تعليم اللغة العربية، لنقل تجاربهم لمعلمي اللغة العربية في المدارس، حول أحدث الاستراتيجيات والأساليب في تعليم اللغة العربية، التي تحتاج إلى التجديد بما يتلاءم مع العصر واحتياجات التعليم. مشيرا إلى جانب أساسي في تعليم اللغة العربية، هو التعلم باللغة الأم، فجميع دول العالم تعلّم طلابها باللغة الأم، لأن اللغة أساس التفكير والإبداع، معتبرا أن إنتاج المعرفة إذا لم يحصل باللغة الأم يواجه عقبات.
وأكدت مدير عام أكاديمية قطر بالخور، التابعة لمؤسسة قطر، لينا مشنتف، أن المؤتمرات والندوات والفعاليات التي تركز على اللغة العربية، مهمة لمعلمي اللغة والاداريين والجميع ليتحاوروا بلغتهم الأم، مؤكدة أن اللغة العربية ليست جامدة، بل لغة متحركة ومتجددة ولا يوجد خوف عليها، وهي موجودة كلغة قوية في كل مدارس قطر والعالم العربي، وأضافت أنها موجودة أيضا في أوروبا وأميركا وغيرها، وهناك طلب على اللغة العربية.
وحول تركيز بعض المدارس على تدريس اللغة الإنكليزية في مناهجها على حساب العربية، أوضحت أن الكم ليس مقياسا، فالأهم البرنامج القوي الذي يركز على تعلم الطلاب وجذبهم إلى لغتهم الأم. وفي وجود وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح استخدام الإنكليزية أسهل، ولابد من استخدام التكنولوجيا أيضا في تعليم اللغة العربية.
وكشف مستشار اللغة العربية في مؤسسة قطر، مكتب المبادرات الاستراتيجية والشراكات، علي أحمد طوالبة، عن إعداد مؤسسة قطر لمشروع يتعلق باللغة العربية ريادي على مستوى العالم العربي، موضحا في حديث مع "العربي الجديد" أن الاتحاد الأوربي أقام الإطار المرجعي الأوروبي للغات، فدرس 150 لغة، وجد أنها تشترك جميعها في أربع مهارات رئيسية، هي القراءة والكتابة والتحدث والاستماع، ما أدى إلى وضع معايير "واصفات" لكل مهارة، مشيرا إلى أن المشروع اعتمد على المرجع الأوروبي ومعايير وزارة التربية والتعليم في قطر، ومعايير منظمة البكالوريا الدولية، للخروج بواصفات تخص مؤسسة قطر وتتناسب مع مستوى الطلبة والبيئة والثقافة، والمشروع الآن يتخذ الخطوات القانونية لاعتماده من قبل وزارة التربية القطرية.
وعن ماهية المشروع هل هو مناهج دراسية ستعتمد لتدريس اللغة العربية في قطر، قال طوالبة إنه مصدر رئيسي للتعامل مع اللغة العربية وكيفية النهوض بها، سواء عن طريق المنهج أو بناء اختبارات معيارية مستقبلا. كاشفا أن الاتحاد الأوربي وافق على نشره في موقعه وباللغة العربية، ما يشكل سابقة في هذا المجال.
يذكر أن "ترشيد" أنشئت من قبل المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، لتقديم الدعم الفني للمبادرات والمنظمات التي تساهم في تنفيذ الخطة الوطنية لقطر 2030، وتعمل على إطلاق ودعم مبادرات ومشاريع وأنشطة تربوية، تهدف إلى المساهمة في دعم وتطوير التعليم في العالم العربي.
وقد جاء اسم "ترشيد" لما يحمل في طيّاته من معانٍ ومفاهيم، مثل الإرشاد والحكمة، النضج والمسؤولية، التنوير... والتي تؤلّف جميعها مبادئ عملها.