أكد نادي الأسير الفلسطينيّ ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، في تقرير مشترك بمناسبة يوم الطفل الفلسطينيّ الذي يُصادف في الخامس من إبريل/ نيسان من كل عام، أنّ أكثر من (9750) حالة اعتقال سُجلت منذ عام 2015 وحتى نهاية شهر مارس/ آذار من العام الجاري، وبلغ عدد حالات الاعتقال منذ مطلع العام الجاري أكثر من (260) حالة اعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد النادي ومؤسسة الضمير أنّ الأعداد ليست المؤشر الوحيد إلى تصاعد الانتهاكات بحقّ الأطفال، فقد يكون العام الماضي من حيث العدد مقارنة مع الأعوام التي سبقته أقل من حيث أعداد الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال، إلا أنّ مستوى التّنكيل والجرائم التي ارتكبت كانت الأشد، ويمكن مقارنة ذلك بالمرحلة التي تلت فترة الهبة الشعبية في نهاية عام 2015، عدا عن تصاعد أعداد الجرحى بين صفوف الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال وكانوا هدفًا لرصاص الاحتلال.
وتشير الإحصاءات والشهادات الموثّقة للمعتقلين الأطفال إلى أنّ غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي والنّفسيّ.
ويبلغ عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال اليوم نحو (170) طفلًا يقبعون في سجون (عوفر، ومجدو، والدامون)، بينهم طفلة هي نفوذ حمّاد (16 عامًا)، من القدس.
ووفق تقرير النادي ومؤسسة الضمير تُشكّل عمليات الاعتقال اليومية بحقّ الأطفال المقدسيين النّسبة الأعلى مقارنة مع بقية المحافظات الفلسطينية.
وبيّن النادي والضمير أنّ محطة الهبة الشعبية عام 2015 ليست المحطة الوحيدة التي شهدت تحولًا في تصاعد اعتقال الأطفال، بل ارتبطت هذه السّياسة كمجمل سياسات الاحتلال بتصاعد مستوى المواجهة والحالة النضالية ضد الاحتلال، بالتوازي مع التنكيل بهم وعمليات إطلاق النّار المباشر عليهم خلال اعتقالهم، وتعذيبهم.
ويعاني الأطفال الفلسطينيون في سجون الاحتلال من سياسات الاحتلال وانتهاكاته المستمرة التي يتبعها بحق الأسرى بشكل عام والأسرى الأطفال بشكل خاصّ، والتي تأخذ أشكالًا عدّة تبدأ عند عملية الاعتقال، وتستمر رحلة معاناتهم بعد عملية الاعتقال وداخل الأقسام في السجون.
ويحرم الاحتلال الأطفال من أبسط حقوقهم، كالحق في التعليم، حيث يمنع الاحتلال سنويًا نحو 200 طفل فلسطيني من حقهم في التعليم بسبب الاعتقالات في مختلف المناطق الفلسطينية. ويعاني الأسرى الأطفال أيضًا من سياسة الإهمال الطبي والأحكام العالية التي تصل في بعض الأحيان إلى السّجن لمدة 15 عامًا، والمماطلة بإجراءات المحاكمة لهم حتى يبلغوا سن الرشد ليُصدِر الاحتلال بحقهم أحكامًا بالسجن المؤبد.
وتواصل سلطات الاحتلال فرض أنظمة عنصرية قائمة على التصنيف بحقّ المعتقلين الأطفال، ويخضعون لمحاكم عسكرية تفتقر للضّمانات الأساسية للمحاكمة "العادلة"، ودون أيّ مراعاة لخصوصية طفولتهم ولحقوقهم.
وتُخضع سلطات الاحتلال الأطفال المقدسيين لأحكام (قانون الأحداث الإسرائيليّ)، وبشكل تمييزي، وتحرمهم من حقوقهم أثناء الاعتقال والتّحقيق، وأصبحت الاستثناءات هي القاعدة في التعامل معهم.
وشكّلت سياسة الحبس المنزلي والإبعاد عن المدينة المقدسّة "كعقوبة بديلة" أخطر السياسات التي خرج بها الاحتلال وتركت آثارًا واضحة على مصير الأطفال وعلى عائلاتهم وحوّلت بيت عائلة الطفل إلى سجن، وأيضاً فرض الغرامات الباهظة على عائلاتهم.
وإلى جانب ذلك، من المهم الإشارة إلى أنّه ما بعد عام 2015، تحديدًا بعد اعتقال الطفل أحمد مناصرة في مدينة القدس المحتلة، قامت سلطات الاحتلال بعمل تعديلات جوهرية على (قانون الأحداث الإسرائيليّ)، حيث أتاح هذا التعديل على القانون تطبيق السجن الفعلي على المعتقلين الأطفال ما بين 12-14 سنة، علمًا أن الفترات التي سبقت عام 2015 لم تخل من عمليات اعتقال متصاعدة ومن أحكام جائرة بحق الأطفال.
من جانب آخر، أكد التقرير أن سياسة الاعتقال الإداري لا تقتصر على البالغين، حيث يستهدف الاحتلال سنويًا عشرات الأطفال ويزجهم في الاعتقال الإداري دون أي تهم، ولا يتوقف الأمر فقط على إصدار أوامر الاعتقال الإداريّ بحقهم وتجديدها عدّة مرّات، بل في كثير من الأحيان بعد أن ينهي المعتقل حكمه تقوم سلطات الاحتلال بتحويله إلى الاعتقال الإداريّ.
ومنذ بداية عام 2022، حتى نهاية شهر مارس/ آذار 2023، اعتقل الاحتلال 19 طفلًا بالاعتقال الإداري، 6 أطفال منهم ما زالوا رهن الاعتقال الإداري حتى الآن، فيما بلغ الباقون سن الرشد وهم رهن الاعتقال.
ووفق التقرير، تتنصل دولة الاحتلال من الحماية الدولية التي منحتها أكثر من 27 اتفاقية دولية للأطفال، تحديدا اتفاقية حقوق الطفل، وعلى الرغم من الجهود التي تواصل المؤسسات الفلسطينية بذلها في متابعة قضية الأسرى الأطفال، إلا أنّ المنظومة الحقوقية الدولية لم تحدث اختراقًا واضحًا يُفضي لوقف أو خفض وتيرة الاعتقالات والانتهاكات التي يتعرض لها الطّفل الفلسطينيّ، رغم المواقف الدولية المعلنة حيال هذه الانتهاكات.