وكالة المناخ الأميركية: القطب الشمالي يُصدر الكربون أكثر مما يخزنه

11 ديسمبر 2024
تأثر القطب الشمالي بالاحترار المناخي، 8 يوليو 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أظهر تقرير وكالة المناخ الأميركية أن القطب الشمالي يطلق كميات من ثاني أكسيد الكربون والميثان أكثر مما يمتصه بسبب الاحترار وحرائق الغابات، مما يهدد المجتمعات المحلية.
- حرائق الغابات في القطب الشمالي، مثل تلك في كندا عام 2023، تطلق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، مما يسرع ذوبان الجليد الدائم ويزيد انبعاثات الغازات الدفيئة.
- ظاهرة "التضخيم" تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي، مما يسبب فقدان الجليد البحري وذوبان التربة الصقيعية، مما يشكل تهديدًا بيئيًا خطيرًا.

أظهر تقرير حديث صادر عن وكالة المناخ الأميركية، الثلاثاء، أن منطقة القطب الشمالي باتت من أكثر مناطق العالم تعرضا لتأثيرات الاحترار المناخي، حيث إن المنطقة التي ظلت تخزن ثاني أكسيد الكربون في الأرض المتجمدة وفي الأشجار لآلاف السنين، صارت الآن تطلق كميات من الغاز، الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الكوكب في الغلاف الجوي، أكثر مما تمتصه. ويوضح التقرير الذي شارك في إعداده 97 باحثا من 11 دولة، أن السبب وراء ذلك هو درجات الحرارة الآخذة في الارتفاع، وحرائق الغابات الأكثر تكررا.

وجاء في تقرير وكالة المناخ الأميركية "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" أنه على مدار الأعوام العشرين الماضية، كانت حرائق الغابات في المنطقة القطبية الشمالية تطلق سنويا 207 أطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء، في المتوسط. وبالإضافة إلى ذلك، يسري غاز الميثان الضار بالمناخ، باستمرار، من ذوبان الجليد الدائم إلى الغلاف الجوي. ويسهم هذا الاتجاه في تسريع تآكل السواحل، ما يهدد مجتمعات السكان الأصليين التي تعتمد على استقرار الجليد وممارسات الصيد التقليدية.

وأوضح رئيس الوكالة الوطنية الأميركية لمراقبة الغلاف الجوي والمحيطات (NOAA) ريك سبينراد أن "منطقة التندرا في القطب الشمالي التي تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة وزيادة في حرائق الغابات، باتت تنبعث منها كمية من الكربون أكبر من تلك المخزنة فيها"، محذرا من أن هذا الوضع "سيؤدي إلى تفاقم آثار تغير المناخ"، مضيفا أن هذه "علامة أخرى تنبّأ بها العلماء حول العواقب المترتبة على النقص في لجم التلوث الناجم عن الوقود الأحفوري".

وقالت الباحثة في مركز وودويل لأبحاث المناخ آنا فيركالا المشاركة في إعداد التقرير لـ"فرانس برس" إن "ما يحدث في القطب الشمالي لا يقتصر على هذه المنطقة وحدها"، موضحة أن المنطقة التي تضم القطب الشمالي "تلعب دورا مهما في النظام المناخي العالمي بسبب مخزون الكربون الهائل" الموجود في تربتها. ويتكوّن القطب الشمالي بشكل خاص من التندرا المتمثلة في بيئة قوامُها نباتات منخفضة وتربة صقيعية، وهي تربة متجمدة تحتوي على ضعف كمية ثاني أكسيد الكربون الموجودة في الغلاف الجوي وثلاثة أضعاف الكمية المنبعثة من الأنشطة البشرية منذ عام 1850. ومع ذلك، في العقود الأخيرة، وتحت تأثير الاحترار المناخي، استمرت حرائق التندرا في الزيادة ووصلت إلى مستوى قياسي في عام 2023، بحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.

الصورة
حرائق الغابات غرب كندا، 14 مايو 2024 (الاناضول)
حرائق الغابات غرب كندا، 14 مايو 2024 (الأناضول)

ومن خلال حرق النباتات، تُطلق هذه الحرائق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. ولكنها تغيّر أيضا الطبقات العازلة في التربة، ما يؤدي إلى تسريع ذوبان الجليد الدائم على المدى الطويل، ما يُترجم بانبعاث ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهما من الغازات الرئيسية المسببة للاحترار. وأشار بريندان روجرز، المشارك في إعداد التقرير، إلى أن موسم الحرائق القياسي الذي شهدته كندا في عام 2023 أدى إلى انبعاث "ما يقرب من 400 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون"، أي "أكثر من الانبعاثات السنوية لجميع البلدان الأخرى، باستثناء الصين والولايات المتحدة والهند وروسيا". ويأتي عام 2024 في المركز الثاني من حيث الانبعاثات المرتبطة بالحرائق في شمال الدائرة القطبية الشمالية، بحسب ما توضح الوكالة الوطنية الأميركية لمراقبة الغلاف الجوي والمحيطات في موقعها الإلكتروني.

ووفق تقرير الوكالة المستند إلى ملاحظات رُصدت بين عامي 2001 و2020، استمر في السنوات الأخيرة ازدياد درجات الحرارة المسجلة على سطح القطب الشمالي، وكذلك تلك التي رُصدت على عمق لا يقل عن 15 مترا، في التربة الصقيعية، حيث يتأثر القطب الشمالي بظاهرة تسمى "التضخيم"، أي أن درجة حرارته ترتفع بشكل أسرع من المناطق الواقعة عند خطوط العرض الوسطى. وترجع هذه الآلية إلى عوامل عدة، مثل فقدان الغطاء الثلجي والجليد البحري، أو حتى ارتفاع درجة حرارة المحيطات. وإذا كانت الزيادة في درجات الحرارة المرتبطة بالاحترار المناخي تحفز إنتاجية ونمو النباتات التي تمتص ثاني أكسيد الكربون، فإنها تتسبب أيضا في ذوبان التربة الصقيعية.

وقالت عالمة المناخ في "اتحاد العلماء المهتمين" Union of Concerned Scientists، وهي منظمة غير حكومية أميركية، إن حقيقة أن التندرا باتت تطلق كميات من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تخزّن هي "علامة تحذير مقلقة". وحذرت من أنه "بمجرد الوصول إلى هذه العتبات من التأثيرات السلبية على النظم البيئية، لا يعود ممكنا عكسها". 

(أسوشييتد برس، فرانس برس)

المساهمون